واشنطن – الرسالة نت
عتبر مراقبون أنه من السابق لأوانه القول ان الرئيس الأميركي باراك أوباما أساء التعامل مع الأزمة المصرية، لكن إدارته لم تحقق نجاحاً متميزاً حتى الآن. ويشير المراقبون إلى أن وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون تذبذبت في غضون أسبوع واحد بين وصف نظام الرئيس المصري حسني مبارك بالنظام "الوطيد" والمطالبة بـ"الإنتقال المنظم" الى الديمقراطية.
واستعرضت صحيفة الغارديان مواقف المحللين في الولايات المتحدة قائلة ان الحقيقة كما يطرحها العديد منهم، تتمثل في أن أوباما واقع في مأزق بين الحاجة إلى الإصلاح من جهة، والضرورات الأمنية من الجهة الأخرى. وإزاء حيرته بين هذه وتلك إنهالت عليه النصائح المجانية والمتناقضة من كل حدب وصوب، لكن أصحابها يتفقون في الغالب على نقطة واحدة هي أن حسني مبارك قد إنتهى.
وفي هذا السياق دعا الخبير في السياسة الخارجية ليسلي غيلب الرئيس أوباما إلى إعتماد مقاربة "واقعية" قائلاً "لنكف عن اللعب وإعلان تفانينا من أجل السلام و"الحقوق الكونية الشاملة وسلطة الشعب" داعيا الى تحرك الولايات المتحدة بسرعة لحماية مصالحها السياسية والإقتصادية والأمنية.
وتابع غيلب قائلا ان مبارك هو "الشيطان الذي نعرفه، ومن بين الشياطين التي لا نعرفها جماعة الإخوان المسلمين. وإذا نحينا الهراء والتفكير الرغائبي جانباً فإن جماعة الإخوان المسلمين ستكون كارثة على أمن الولايات المتحدة. وإذا تسلمت الجماعة مقاليد الحكم سيكون من المحال تقريباً ان يستعيدها الشعب. يكفي ان ننظر الى إيران".
وأضاف غيلب ان على أوباما ان يصون لسانه في العلن ويحاول من وراء الكواليس ان يقنع مبارك بالشروع في عملية إنتقال تدريجي، تتكلل بإنتخابات تجري في غضون 12 شهراً بإشراف الأمم المتحدة. وحذر من أن "التخلي عن فرعون مصر الجريح ليس من شأنه إلا إقناع حلفاء آخرين في المنطقة بأن الولايات المتحدة دولة لا يمكن الوثوق بها".
الشرق الأوسط خارج السيطرة
المعلق بيتر باينارت طرح وجهة نظر معاكسة قائلا ان الإحتجاجات المصرية، مثلها مثل الوثائق المسربة عن المفاوضات الإسرائيلية ـ الفلسطينية، تقدم دليلا على ان الشرق الأوسط يفلت من سيطرة أميركا. وتابع "ان الوقت قد حان كي يحسم أوباما خياره. والوقت قد حان للكف عن حماية مبارك والرئيس الفلسطيني محمود عباس من الخضوع للمحاسبة مع شعبيهما".
وأضاف باينارت ان هناك منافع يمكن تحقيقها من الوضع الحالي، مشيراً الى "ان دور أسامة بن لادن لم يكن نافلا، كما كان هذا الأسبوع عندما نزل الآلاف في عموم الشرق الأوسط إلى الشوارع لا في سبيل الجهاد، وإنما من أجل الديمقراطية والكهرباء وفرصة عمل كريم".
ذراع الحرية تطال العرب
من جهته، قال إليوت ابرامز نائب مستشار الأمن القومي للرئيس السابق جورج بوش في صحيفة واشنطن بوست ان الإنتفاضة المصرية والتونسية "تنسف مرة وإلى الأبد الخرافة القائلة بإستثنائية العالم العربي، أي الفكرة القائلة خطأ ان العرب "أبعد من أن تصلهم ذراع الحرية".
واتفق ابرامز مع الرأي الداعي الى تغيير النظام، لكنه تساءل كيف يمكن تحقيق هذا التغيير مشيرا الى انه "كل يوم يبقى فيه مبارك فإنه يحقق بقاءه بوصفه دكتاتوراً مدعوماً بالقوة الغاشمة وحدها. إن انتخاب نجله جمال وريثا نكتة سمجة الآن، لكن العقود الثلاثة من حكم مبارك ورهطه لا تورث مصر آليات موثوقة للإنتقال الى نظام ديمقراطي".
وحمل ابرامز على أوباما لتخليه عن أجندة الحرية التي إعتمدها بوش من قبله، واصفا ذلك بالمأساة لا سيما وأن محاولات أوباما بالإقناع الهادئ فشلت في دفع قضية الإصلاح في سوريا وإيران ومصر. وكتب يقول "ان هذا كان أكبر فشل على مستوى السياسة والمخيلة في مقاربة الإدارة".
خيارات أميركا محدودة
مجلة نيوزيوك من جهتها نشرت تقييماً لأداء البيت الأبيض بالإعتماد على مصادر من داخله. وأشارت الى ان مستشاري أوباما توقعوا إستقالة مبارك حين وجه كلمته عبر شاشة التلفزيون مساء الجمعة الماضي. لكنه بدلا من ذلك تحدث بلغة تحدٍ. وقالت نيوزويك انه "عندما انهى مبارك خطابه عبر أحد الحاضرين في غرفة العمليات في البيت الأبيض عما كان يفكر فيه الآخرون حين قال: حسنا، ماذا نفعل الآن؟".
أما مجلة تايم فإنها خلصت إلى ان مبارك لم يعد نافعاً الآن أيا يكن المسؤول عن الإخفاقات السياسية السابقة. وتابعت انه حتى إذا حاول الخروج من الأزمة بالمواجهة فإن قدرته على تصوير نفسه ركنا من أركان الإستقرار في المنطقة تبددت بلا رجعة.
وسعت المعلقة آن ابلباوم الى طمأنة أوباما مشيرة الى ان لا حيلة للولايات المتحدة في بعض الأحداث وأن خياراتها تكون محدودة في مثل هذه الحالات "لكن هناك بعض الخيارات وعلينا ممارستها على الفور". وتضيف ان "علينا أن نتحادث مباشرة مع الجمهور المصري وليس مع قادته فقط. وعلينا ان نهنئ المصريين على شجاعتهم بالنزول الى الشارع، وعلينا ان نبتسم ونعانق إنعدام الاستقرار. بل علينا ان نبتهج لأن التغيير في مجتمعات القمع أمر حسن".