يتم تداول منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تقول إن الكونغرس الأميركي أصدر قرارا يحظر على من تلقوا لقاح كوفيد-19 التبرع بالدم، فما حقيقة ذلك؟
الجواب هو لا، هذه إشاعة مضللة، ولم يصدر الكونغرس الأميركي أي قرار متعلق بحظر التبرع بالدم على متلقي لقاح كورونا.
وقالت وزارة الصحة الكويتية -في منشور قبل أسبوعين على صفحتها بمنصة إنستغرام- إنه لم تصدر أي توصية طبية أو قرار من أي مؤسسة أو هيئة مختصة أو غيرها، تحظر على من تلقى لقاح كوفيد-19 التبرع بالدم.
ما أصل الإشاعة؟
مصدر الإشاعة ليس واضحا، ولكن يمكن ربطها بخبر نشر نهاية فبراير/شباط الماضي في مجلة "نيوزويك" (Newsweek) الأميركية، تناول محاولة نائب جمهوري من مونتانا منع الأشخاص الذين تم تطعيمهم ضد فيروس كورونا من التبرع بالدم.
وفي تقرير نيوزويك بتاريخ 28 فبراير/شباط الماضي، قال الصحفي نيك رينولدز إن النائب الجمهوري غريغ كميتز يدفع مشروع قانون لمنع أولئك الذين تلقوا لقاح كوفيد-19 أو يعانون كوفيد-19 طويل الأمد من التبرع بالدم، وهو اقتراح يقول بعض النقاد إنه يمكن أن يقضي بشكل فعال على إمدادات الدولة من الدم.
وتم تقديم مشروع قانون مجلس النواب رقم 645 رسميا في المجلس التشريعي لولاية مونتانا يوم 17 فبراير/شباط الماضي، وهو يقترح جريمة جنحة لأي شخص يتبرع عن قصد بالدم أو البلازما أو منتجات الدم أو مشتقات الدم أو الأنسجة البشرية أو الأعضاء أو العظام التي تحتوي على "بروتينات معدلة للجينات، وجسيمات نانوية، بروتينات سبايك عالية العدد من فيروس كوفيد-19.. أو العلاجات الكيميائية للحمض النووي أو الرنا المرسال، أو غيرها من التقنيات الحيوية الصيدلانية الجديدة أو الرنا المرسال أو الدنا".
ومع ذلك، فإن التشريع لم تتم الموافقة عليه حتى الآن.
لذلك، قد تكون هذه القصة أصل الإشاعة، لكن الحقيقة أن ما حدث هو التقدم بمشروع قانون، ولم تتم الموافقة عليه حتى اللحظة.
غالبًا ما استشهد مؤيدو مشروع القانون بمعلومات غير موثوقة أو حتى متحيزة لدعم موقفهم.
ادعى بعض الذين شهدوا لصالح مشروع القانون، من دون دليل، أن الأصدقاء والعائلة ماتوا قبل الأوان نتيجة تلقي اللقاح، في حين لا يوجد حاليا دليل يربط بين لقاح كوفيد-19 والوفاة المبكرة.
تدمير إمدادات الدم
وفي الوقت نفسه، قال معارضو مشروع القانون، الذين بينهم عديد من المهنيين الطبيين، إن لغته كانت فضفاضة للغاية وستؤدي في الواقع إلى تدمير إمدادات الدم والمتبرعين بالأعضاء في مونتانا.
ووفقا لبيانات من المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، تلقى ما يقرب من ثلثي سكان مونتانا جرعة واحدة على الأقل من لقاح كوفيد-19، بينما يتبرع بالدم 3% فقط من المتبرعين المؤهلين على مستوى البلاد.
وقال كليف نومارك، نائب الرئيس الأول لخدمات التبرع في منظمة "فيتالانت" (Vitalant) غير الربحية لموردي الدم، إن مشروع القانون سيسبب "ضررا مدمرا" لنظام الرعاية الصحية بالولاية، ومن المحتمل أن يقلل إمدادات الدم الإجمالية للولاية بنسبة تصل إلى 8%.
وأوضح نومارك أنه لا يوجد اختبار متاح للتحقق مما إذا كان اللقاح في مجرى دم شخص ما، مما يجعل من المستحيل الامتثال لمشروع القانون إذا تم تمريره ودخل حيز التنفيذ.
من جانبها، قالت المديرة التنفيذية لجمعية طواقم التمريض في مونتانا، فيكي بيرد، للمشرعين "دماؤنا آمنة".
ويُمنع مرضى كوفيد-19 من التبرع بالدم في أثناء إصابتهم بالفيروس، ويرجع ذلك أساسا إلى الشرط المسبق لضرورة أن يكون المتبرعون في "صحة جيدة" عند التبرع، وأكدت جميع مجموعات التبرع بالدم والصليب الأحمر الأميركي أنه من الآمن التبرع الدم بعد أخذ اللقاح.
على غرار اللقاحات الأخرى مثل لقاحات الحصبة أو النكاف أو الإنفلونزا، تم تصميم لقاحات كوفيد-19 لتوليد استجابة مناعية للمساعدة في حماية الفرد من المرض، لكن مكونات اللقاح نفسها لا تتكاثر من خلال عمليات نقل الدم أو تغير الحمض النووي لمتلقي الدم.
هل يمكنني أن أتبرع بالدم بعد التطعيم بلقاح مضاد لفيروس كورونا-سارس-2؟
هذا السؤال تجيب عنه منظمة الصحة العالمية، إذ تقول "تشير الأدلة الحالية إلى أنه يمكنك أن تتبرع بالدم إذا كنت قد تلقيت لقاحا مضادا لفيروس كورونا-سارس-2 (SARS-CoV-2) لا يحتوي أي فيروس حي وكنت معافى. ونظرا لأن اللقاحات المضادة لفيروس كورونا-سارس-2 حديثة العهد، فقد ترتئي خدمة نقل الدم الوطنية إرجاء التبرع بالدم لمدة 7 أيام للتقليل إلى الحد الأدنى من احتمال ظهور أعراض متعلقة بالتطعيم بعد التبرع بالدم".
وتضيف "أما من يتلقون لقاحات محتوية على فيروس حي (مثل لقاحات مستندة إلى ناقل فيروس أو لقاحات بفيروس حي مخفف)، فينبغي لهم تأجيل التبرع لـ4 أسابيع".
وتشرح المنظمة أنه "إذا شعرت بتوعك بعد تلقيك لقاحا مضادا لفيروس كورونا-سارس-2، فينبغي تأجيل التبرع بالدم لمدة 7 أيام بعد التعافي التام من الأعراض".
وتختم بالقول إنه "في الحالات التي لا تعرف فيها إن كنت قد تلقيت لقاحا بفيروس حي، ينبغي التقيد بفترة تأجيل لـ4 أسابيع".
المصدر : الجزيرة + وكالات + منظمة الصحة العالمية + نيوزويك