ركزت صحيفة هآرتس العبرية، في عددها الصادر اليوم الأحد، على ما جرى من جريمة إعدام بدم بارد بحق الطبيب الشهيد محمد العصيبي (26 عامًا)، من سكان بلدة حورة في النقب بالداخل المحتل، عند باب السلسلة المؤدي للمسجد الأقصى.
وعم الإضراب الشامل مناطق مختلفة من النقب والداخل المحتل، صباح اليوم، حدادًا على روح الشهيد العصيبي.
ورأت الصحيفة في أحد تقاريرها، أن المشكلة تكمن حاليًا في عدم وجود مقطع فيديو يدعم رواية شرطة الاحتلال (الإسرائيلية) التي ادعت أن العصيبي حاول الاستيلاء على سلاح أحد أفرادها بعد توقيقه في مكان قريب، وأن الكاميرات الأمنية بالمنطقة لم تلتقط ما جرى لأنه حصل في نقطة ميتة، بينما تشير الرواية الفلسطينية من شهود عيان ومقاطع فيديو قريبة أنه تم إطلاق ما لا يقل عن 15 رصاصة تجاهه، وأن ما جرى كان خلال محاولته الدفاع عن فتاة تم الاعتداء عليها بالمنطقة.
واستغربت الصحيفة عدم تسجيل الكاميرات الأمنية لما جرى، مشيرةً إلى أن البلدة القديمة في القدس المحتلة تعد أكثر منطقة تصويرًا بالعالم، في ظل انتشار مئات الكاميرات من نظام "فيو2000"، والتي تسجل كل متر تقريبًا في البلدة والمسجد الأقصى.
وأشارت إلى أن ما جرى يذكر بما حصل مع الشهيد إياد الحلاق المصاب بالتوحد، والذي لم تسجل أيضًا جريمة إعدامه بدم بارد، واتضح لاحقًا أن رواية شرطة الاحتلال (الإسرائيلية) لذاك الحدث بعيدة المنال عن الحقيقة التي وقعت، ولذلك يحاكم ضابط الشرطة الذي أطلق النار عليه حاليًا، وكما جرى أيضًا مع المدرس يعقوب أبو القيعان في النقب منذ أعوام بعد قتله في قريته بعد مداهمته وتبين أن إطلاق النار تجاهه كان نتيجة تشخيص خاطئ.
وذكرت أن مقطع فيديو التقط من قبل أحد الفلسطينيين لحادثة قتل الشاب العصيبي، تظهر وجود كاميرتين على الأقل في المنطقة التي وقع فيها إطلاق النار.
وتقول الصحيفة: من الممكن أن تكون الحقيقة في منتصف كل هذه الروايات، بالافتراض أن العصيبي لم يأتي إلى الأقصى لتنفيذ هجوم، خاصة وأن ملفه الشخصي لا يتطابق مع صورة "الإرهابي المنفرد" - وفق وصفها - وإذا كان سينفذ هجومًا فلماذا بأيدٍ خالية من أي سلاح، ولذلك من الممكن أن يكون الخلاف الذي نشب بينه وبين الشرطة تدهور سريعًا وخلاله قام بعمل فسر من قبلهم على أنه خطر استدعى الرد بإطلاق النار.
واعتبرت الصحيفة، أن ما جرى قطع تسعة أيام ناجحة شرطة الاحتلال (الإسرائيلية) بالقدس التي تعلمت الدروس من أحداث العامين الماضيين وبذلت جهودًا للتدخل بأقل قدر ممكن من حربة العبادة في الأقصى، وفق الصحيفة، التي أشارت إلى أن تلك القوات امتنعت عن منع تقليص تواجد الفلسطينيين عند باب العامود وسمحت بالوصول للصلاة في الأقصى، وفق زعمها.
وأشارت إلى أن شرطة الاحتلال (الإسرائيلية) لا زالت تصر على أن العصيبي حاول تنفيذ هجوم، وتحاول في الوقت ذاته تهدئة الأوضاع، خاصة وأنه وصف في أوساط الفلسطينيين بـ "شهيد الأقصى"، ما يمثل أسوأ سيناريو للشرطة والشاباك، ما قد يسرع من أي تدهور للأوضاع، ولكن طبيعة أن العصيبي ليس من سكان القدس ما سمح بعودة روتين رمضان بشكل سريع نسبيًا، لكن السؤال حول كيفية قبول عامة أهالي النقب بالحادثة لا زال مفتوحًا، والإضراب الشامل بمناطق النقب ينذر بالسوء. كما تقول.
ورأت أن الاختبار الحقيقي سيأتي في الأيام المقبلة وخاصة مع تزامن احتفالات (الإسرائيليين) بـ "عيد الفصح" اليهودي، ومحاولات منظمات استيطانية بممارسة "ذبح القرابين" والتي تقام قرب المسجد الأقصى، وسط دعوات للمستوطنين بالقيام بذلك بداخله وتقديم مكافآت مالية لمن يستطيع ذلك.
وفي تقرير آخر لها، قالت الصحيفة العبرية، إن استشهاد العصيبي يأتي في وقت حساس جدًا، ليس فقط بسبب شهر رمضان، ولكن أيضًا بسبب سياسات الحكومة الحالية في النقب، والوزير الذي يترأس ذلك، بالإشارة إلى إيتامار بن غفير الذي قام بالأمس بتهنئة عناصر الشرطة الذين قتلوا العصيبي، وهو الأمر الذي دفعت عائلة الشاب لتشكيل لجنة تحقيق مستقلة لعدم ثقتها في هذه الحكومة التي تحاول استعادة حكمها من خلال الميلشيات المسلحة تحت مسمى "الحرس الوطني" وإصدار تشريعات تمنح شرطتها الحصانة المطلقة أمام ما يجري.
وأشار التقرير، إلى أن هذا يأتي في ظل زيادة حجم عمليات الهدم وفرض الغرامات بحق أهالي النقب، وتصاعد جرائم القتل في أوساط فلسطينيي الداخل بدون تحرك واضح من الحكومة الجديدة.