مع تلاحق الأحداث وتصاعد التوتر، والكشف عن الفشل الأمني والعسكري، اتضح حجم الإخفاق الإعلامي والدعائي، لاسيما بعد أن انتشرت مقاطع فيديو لشرطة الاحتلال وهم يضربون المصلين الفلسطينيين في المسجد الأقصى، كالنار في الهشيم، وقد طافت كل المعلومات المعادية للاحتلال في وسائل الإعلام، ما كشف عن التلاشي التدريجي للمنظومة الإعلامية الإسرائيلية.
إيتمار آيخنر وأتيلا شومبلبيه، مراسلا صحيفة يديعوت أحرونوت، أشارا إلى أن "جهاز المعلومات الإسرائيلي كشف عن إخفاق كبير خلال الأحداث الجارية، في ضوء افتقاره لماكنة جيدة التجهيز، ولا تنسق بطريقة مقبولة بين جميع الأجهزة ذات الاختصاص، حيث إنه لا يوجد اليوم رئيس لنظام معلومات وطني، ولا مدير لمقر للمعلومات، وإذا لم يكن ذلك كافيًا، فليس لدى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو متحدث لوسائل الإعلام الأجنبية، أي أن حكومة الاحتلال ليس لديها وجه يتحدث الإنجليزية، يناقش القضايا المطروحة باللغة الإنجليزية بطلاقة".
وأضافا في تقرير "وزيرة الإعلام، غاليت ديستال أتابريان، تشكو أنها لا تملك المال لشراء طابعة، وليس لها علاقة حقيقية بشؤون المعلومات الأجنبية، أي أنها ببساطة ليست حاضرة في هذه الأحداث الدائرة، ولا ينخرط مكتبها في أنشطة المناصرة الخارجية".
وفي الوقت نفسه تم نقل موظفي وزارة الشؤون الاستراتيجية الذين تم نقلهم لوزارة الخارجية قبل شهر لوزارة الهجرة والاستيعاب، وقد تم الكشف عن هذا الفشل الإعلامي والدعائي بكامل قوته خلال عطلة الأعياد الحالية.
وأشارا إلى أن "الدليل على هذا الفشل ما شهدته شبكة الإنترنت من امتلائها بمقاطع فيديو لشرطة الاحتلال وهم يضربون المصلين بوحشية في المسجد الأقصى، وقد سمعت بوضوح صرخات الألم من الهراوات والبنادق، وقد كان الفلسطينيون مستعدين جيدًا لهذه اللحظة، وسجلوا كل شيء على الهواء مباشرة.
وحصلت مقاطع الفيديو التي ظهرت في إحدى التغريدات على موقع تويتر على 14 مليون مشاهدة، وفي الوقت نفسه، امتلأت الشبكة بصور المستوطنين اليهود وهم في طريقهم إلى المسجد الأقصى ومعهم الماعز لتقديمها كذبيحة".
وأوضحا أن "الادعاء (الإسرائيلي) بأن هؤلاء المستوطنين أقلية متطرفة وغريبة لم يقنع المجتمع الدولي، بل عزز الرواية السائدة في العالم الإسلامي مرة أخرى بأن الأقصى في خطر، ويجب حمايته، وأثبتت الإدانات التي وجهت لـ (إسرائيل) من وزارات الخارجية العربية أنها فشلت مرة أخرى في تفسير الحدث، وكأنه فخّ نصبته حماس، وسقطت فيه (إسرائيل)، رغم أن نظام المعلومات (الإسرائيلية) نشرت شرائط فيديو تثبت أن المصلين الفلسطينيين هم شبان تحصنوا مسبقا بالحجارة والهراوات والمفرقعات، لكن العالم لم يهتم بهذا الادعاء".
وأوضحا أن "مقاطع الفيديو القاسية لرجال الشرطة وهم يضربون المصلين في رمضان انتشرت حول العالم، ما دفع الخارجية الإسرائيلية إلى تحميل محتوى على الشبكات الاجتماعية بلغات مختلفة، وتوزيع مقاطع فيديو ورسائل على السفارات تظهر العنف الفلسطيني في المسجد الأقصى، لكن ما حصل من إخفاق دفع الإسرائيليين لأن يسألوا بصوت عال: من أعطى الأمر للشرطة باقتحام المسجد الأقصى بالقوة؟ مع أن مثل هذه المناظر قد تشعل النار في الشرق الأوسط، ما يؤكد أن (إسرائيل) وقعت في كمين نصبه لها الفلسطينيون".
وأضافا أن "الصور التي خرجت من المسجد الأقصى انتشرت عبر شبكة الإنترنت كالنار في الهشيم، ووفقًا للتقديرات، فقد شاهدها عشرات الملايين حول العالم، وقلة فقط في العالم تأثروا بالرسائل (الإسرائيلية) بأن الفلسطينيين حصّنوا أنفسهم في المسجد، وأعدوا مخزونًا من الحجارة والألعاب النارية".
ويشكل الإقرار (الإسرائيلي) بالفشل الدعائي دافعا لإعادة النظر بوسائلها الإعلامية، التي أخفقت في تسويق صورتها الإقليمية والدولية، بتحويل وزارة الإعلام لتصبح المصدر الأصلي للمتحدثين الرسميين للوزارات، والمكتب الصحفي الحكومي، ومركز المعلومات، والمقر الوطني للمعلومات، ومكتب الدعاية الحكومية، وتنفيذ أدوات الدعاية والتأثير على الرأي العام في بلدان المنطقة، واختيار المنصات المناسبة للعمل، وتحديد الرسائل الدقيقة.
مع العلم أن هناك قناعة (إسرائيلية) متزايدة بأن هذه الوزارة المقترحة ليست الحل السحري لجميع مشاكل الاحتلال الإعلامية، في ظل تدهور صورته الدعائية، والتشكيك بشرعية وجوده، وتراجع التأثير على الوعي الشعبي من حوله، لأن المشكلة الأساسية هي الاحتلال.
عربي 21