بدأت الصين اليوم السبت مناورات عسكرية واسعة في مضيق تايوان تستهدف التدريب على "تطويق كامل" للجزيرة، مدفوعة بالغضب من اجتماع الرئيسة التايوانية تساي إنغ ون مع رئيس مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي في الولايات المتحدة مؤخرا.
وتجري المناورات بمشاركة مدمرات وزوارق سريعة قاذفة للصواريخ ومقاتلات وطائرات تموين وأجهزة تشويش، وهو ما اعتبرته تايوان تهديدا للاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهادي.
وذكرت قناة "سي سي تي في" (CCTV) الصينية أن "التدريبات تركز على القدرة على السيطرة على البحر والمجال الجوي والاتصالات.. لإحداث قوة رادعة وتطويق كامل" لتايوان، وتستمر لمدة 3 أيام.
ولم يتم تحديد الموقع الدقيق للمناورات الجديدة، حيث يبلغ عرض أضيق جزء من مضيق تايوان بين الساحل الصيني والجزيرة نحو 130 كيلومترا.
وتنظر الصين باستياء إلى التقارب الجاري منذ سنوات بين السلطات التايوانية والولايات المتحدة التي تقدم للجزيرة دعما عسكريا مهما على الرغم من عدم وجود علاقات رسمية بينهما.
وتعتبر بكين تايوان -التي يبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة- جزءا لا يتجزأ من أراضي الصين، ولم تتمكن بعد من إعادة توحيدها مع بقية أراضيها منذ نهاية الحرب الأهلية الصينية عام 1949.
واعترفت الولايات المتحدة بجمهورية الصين الشعبية عام 1979، ويفترض نظريا ألا يكون لها اتصال رسمي مع تايوان بموجب "مبدأ الصين الواحدة" الذي تدافع عنه بكين.
السيف المتحد
وأعلن الجيش الصيني أنه بدأ دوريات جاهزية قتالية وتدريبات تحمل اسم "السيف المتحد" حول تايوان، بعد أن أوضح أنها ستكون في مضيق تايوان وإلى الشمال والجنوب والشرق من تايوان.
وقال في بيان إن المناورات تعد تحذيرا جديا لمن وصفهم بالانفصاليين التايوانيين، بسبب ما وصفه بتواطؤهم مع قوى خارجية، معتبرا أن المناورات "ضرورية للحفاظ على سيادة الوطن وسلامة أراضيه".
وقالت السلطات البحرية في فوجيان (شرق) إن مناورات بالذخيرة الحية ستجرى الاثنين المقبل في مضيق تايوان بالقرب من ساحل هذه المقاطعة التي تقع مقابل الجزيرة.
وحذر المحلل العسكري سونغ تشونغ بينغ من أن هذه التدريبات ذات البعد "العملياتي" تهدف إلى إثبات أنه "إذا تكثفت الاستفزازات"، فإن الجيش الصيني سيكون مستعدا "لتسوية مسألة تايوان بشكل نهائي".
ويقول جيمس شار، وهو زميل باحث في برنامج الصين في معهد الدراسات الدفاعية والإستراتيجية في سنغافورة إن التدريبات تؤكد "اعتماد بكين على الخطاب القومي في توجهها لجمهورها المحلي وتسجيلها نقاطًا سياسية في الداخل".
وأكد لوكالة الصحافة الفرنسية "سيكون من الخطأ التغاضي عن أن الجيش (الصيني) بدأ تدريباته هذه المرة بعد أن اختتم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته إلى الصين".
وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين زارت بكين أيضا، والتقت الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي أكد لها -خلال اجتماع الخميس الماضي- أن "أي شخص يعتقد أن الصين ستقدم تنازلات بشأن تايوان واهم".
تهديد للاستقرار
في المقابل، اعتبرت تايوان أن المناورات تهدد "الاستقرار والأمن" في منطقة آسيا والمحيط الهادي.
ودانت رئيسة تايوان تساي إينغ وين اليوم السبت "النزعة التوسعية الاستبدادية" للصين، مؤكدة أن الجزيرة "ستواصل العمل مع الولايات المتحدة ودول أخرى.. للدفاع عن قيم الحرية والديموقراطية".
وقد شوهدت سفينة عسكرية صينية في المياه القريبة من تايوان حول جزيرة بينجتان التي تقع على بعد نحو 126 كيلومترا.
وأفادت وزارة الدفاع التايوانية بتعقب 42 طائرة عسكرية صينية في محيط تايوان صباح اليوم، وقالت الوزارة إن 29 مقاتلة اخترقت خط المنتصف في مضيق تايوان، كما رصدت الوزارة 8 سفن حربية حول الجزيرة مع إعلان الصين بدء المناورات.
وردا على ذلك، أوضحت الوزارة أنها أرسلت طائرات وسفنا حربية واستخدمت منظومات صواريخ أرضية لمراقبة طائرات الجيش الصيني.
وبعد ساعات على إعلان بكين عن هذه التدريبات العسكرية، التقت تساي وفدا من الكونغرس الأميركي يزور الجزيرة.
وأكد مايكل ماكول، رئيس هذا الوفد والمسؤول عن مبيعات المعدات العسكرية الأميركية إلى دول أجنبية، أن واشنطن تعمل على إمداد تايوان بالأسلحة بسرعة.
وقال "نفعل ما بوسعنا في الكونغرس لتسريع هذه المبيعات ومدكم بالأسلحة التي تحتاجون إليها للدفاع عن أنفسكم، وسنؤمن تدريبا لجيشكم، ليس من أجل الحرب بل من أجل السلام".
وأجرت بكين أغسطس/آب الماضي مناورات عسكرية غير مسبوقة حول تايوان عندما زارت الجزيرة رئيسة مجلس النواب حينذاك الديمقراطية نانسي بيلوسي.
المصدر : الجزيرة + وكالات