يعتبر مخيم عقبة جبر الواقع في الجنوب الغربي لمدينة أريحا، أكبر المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، وواحدا من أهم المناطق التي حافظت على الطابع التاريخي للمخيم رغم ما تعرض له من تهجير ومحاولات إسرائيلية لإفراغه.
لعب هذا المخيم الذي يقع على مسافة 3 كيلومترات من مركز مدينة أريحا التاريخية، التي يزيد عمرها على الـ10 آلاف سنة، دورا مهما في حفظ الهوية الفلسطينية لحفاظه على كينونة المخيم، فهو حارس مدينة الأغوار الفلسطينية على مدار التاريخ.
تأسس المخيم بحسب الباحثة في التاريخ نريمان خلة في أعقاب نكبة عام 1948م، على مساحة تقدر بحوالي 1689 دونماً.
وأوضحت خلة أن عدد سكان مخيم عقبة جبر يبلغ وحسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني حوالي 10 آلاف نسمة.
وأشارت إلى أن هذا العدد قد انخفض بشكل كبير منذ تأسيسه حيث كان تعداد سكانه 65 ألف نسمة، إلا أن الآلاف من سكانه فروا منه في أعقاب احتلال القوات الإسرائيلية للأرضي الفلسطينية بعد عدوان عام 1967م.
وقالت خلة: "مخيم عقبة جبر هو امتداد لأراضي مدينة أريحا وهي من أقدم مدن فلسطين الكنعانية، حيث يرجع تاريخها إلى العصر الحجري، أي إلى ما قبل سبعة آلاف عام قبل الميلاد، لتكون مدينة أريحا أقدم مدينة في التاريخ قائمة حتى اليوم، وتبعد عن مدينة القدس حوالي 38 كيلومتراً".
وأضافت أن "مخيم عقبة جبر يشرف على الطريق الرئيس من القدس أو رام الله إلى أريحا، وهو واحد من أهم وأجمل الطرق في فلسطين، فهو نفسه الطريق التجاري القديم الذي كان ومازال يربط القدس بأريحا ومن ثم بشرقي الأردن عبر النهر، ويعد هذا الطريق منطقة شبه صحراوية تعرف محلياً باسم برية أو صحراء القدس ويقع على جانبي هذا الطريق عدد كبير من المواقع التاريخية والأثرية المهمة الجديرة بالزيارة".
وقالت الباحثة في التاريخ: "كانت البيوت تُبنى من الطين والتبن الذي كان بمثابة حديد التسليح لتلك الجبلة من الرمل والماء وكانت السقوف من ألواح من الخشب تغطى بالطين وأحيانا تغطّى بألواح الزينكو وتبنى بمعونة الأقارب والجيران، واستبدلت الخيام بعد عام 1976م بمنازل القرميد والطوب الإسمنتي في البناء في محاولة لإغاء ملامح المخيم".
وأضافت: "فشل الاحتلال فشلا ذريعا في إلغاء المخيم الذي هو عنوان لقضية اللاجئين بعد أن هجر معظم سكان مخيم عقبة جبر إلى الأردن بعد حرب عام 1967م، حيث حافظ سكان المخيم على بنية المخيم وبقيت الخيمة عنوان هذه القضية التي فشل الاحتلال باقتلاعها رغم كل محاولاته".
وتابعت: "حافظ أبناء مخيم عقبة جبر على إرث الماضي الذي ورثوه من الأجداد والآباء وتناقلوه بينهم سواء تاريخ وحكايا النكبة والتهجير أو حياتهم على أرض فلسطين وما تمتعوا به من خيرات ورغد العيش والتجارة والصناعة وما تناقلوه من قصص وروايات ورسومات تحكي تاريخهم، وقد حافظوا عليها جيلًا بعد جيل من أجل حمايته من الاندثار والنسيان ليظل حاضرًا في الأذهان حتى العودة إلى أرضهم التي هجروا عنها".
وعن تسمية المخيم بهذا الاسم (عقبة جبر) فإن هناك عدة روايات ذكرها كبار السن والخبراء في التاريخ.. إحداها أنه كان هناك موقع أثري موجود بالقرب من المخيم، وأول شخص قدم إليه اسمه "جبر" فبدأ يحفر في الأرض لكي يقيم منزلا له وكانت هناك صخرة كبيرة فسموها "عقبة جبر".
إلا أن الرواية الأدق هي التي ذكرتها الباحثة في التاريخ، أن تسمية المخيم بهذا الاسم "عقبة جبر" يشير إلى (العقبة) التي تواجه من يسلك الطريق من القدس إلى أريحا.
وقالت خلة: "كلمة (جبر) تعني النهاية المحمودة بعد العقبة، أي أن بعد العقبة ستكون راحة البال والجبر".
واستعرضت تاريخ مخيم عقبة جبر ومدينة أريحا كأقدم مدينة قبل 10 آلاف سنة، مؤكدة أن أراضي مخيم عقبة جبر تحتض قبور 24 من الأمم السابقة التي حكمت هذه المدينة التاريخية".
وأشارت إلى أنه كان في المخيم في عام 1948م، عشرة مخاتير وجميعهم غادروا إلى الأردن ولم يبق غير مختار واحد فقط.
وأكدت أنه يوجد في مخيم عقبة جبر ستة مساجد، وهي: مسجد العباسيين، وأبو بكر الصديق، وعثمان بن عفان، والحسيني، والشهيد إبراهيم ياغي، وبلال بن رباح.
وقالت خلة: "يقع المخيم فوق قطعة من الأرض استأجرتها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من الحكومة الأردنية، بعد عدوان عام 1948م، حيث إن السكان الأصليين للمخيم ينحدرون من حوالي 300 قرية تشرد سكانها من شمال حيفا، ومن مناطق غزة والخليل".
وأضافت: "ما تبقى من اللاجئين في المخيم والذين وصل عددهم إلى 1800 لاجئ ينحدرون من قرى فلسطينيّة عديدة منها: دير النعام، عجور، المسمية، العباسية، بيت جبرين، تل الصافي، بيت دجن، يازو، كفر عانا وغيرها".
وأشارت إلى أنه بعد ذلك تم استقدام عدد آخر من العوائل الفلسطينية لتعيش في المخيم من بينها 11 عائلة من غزة ليصل تعداد المخيم إلى 3 آلاف نسمة.