قالت صحيفة هآرتس العبرية، الأحد، إنه في الوقت الذي تحصي فيه (إسرائيل) عدد الصواريخ التي تطلقها ومخازن الأسلحة التي تدمرها، فإن إيران تجني مكاسب سياسية يصعب القضاء عليها بالصواريخ.
وأشارت الصحيفة العبرية، إلى القصف (الإسرائيلي) على حمص فجر أمس واستهدف مخازن أسلحة وذخيرة لحزب الله بالقرب من مدينة حمص، مشيرةً إلى أن هذه الغارة نفذت بعد أقل من يوم على انتهاء زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان إلى بيروت والحدود الشمالية.
وتقول الصحيفة: "ليس من الواضح ما هي الضرورة الملحة لتنفيذ الهجوم أمس، خاصة أنه لم يكن هناك قافلة أسلحة يمكن أن تختفي، سوى الرغبة في إرسال رسالة واضحة إلى إيران بعد يوم واحد من زيارة وزير خارجيتها بالقرب من الحدود مع إسرائيل". وفق قولها.
وأضافت: "هذه هي طبيعة الحوار الذي تجريه إسرائيل مع إيران، في إطار ما عُرِف بـ الحملة بين الحربين"، مشيرةً إلى أن هذه جزء مع معركة تدار حاليًا لحين الوصول للحرب الشاملة.
وأشارت إلى أن زيارة اللهيان جاءت بعد الاتفاق على تجديد العلاقات مع السعودية، وهو الاتفاق الذي هز المنطقة بأسرها، مشيرةً إلى أن طهران تروج حاليًا لحل سياسي للأزمة الاقتصادية العميقة التي يعيشها لبنان.
وتقول "هآرتس"، إنه بخلاف التصريحات الإعلامية، فإن إيران تواجه مفترق طرق للقرارات الأساسية، تمليه على وجه التحديد، تجدد العلاقات بين طهران والرياض، والتقارب بين السعودية والدول العربية الأخرى مع سوريا التي قد تعود إلى جامعة الدول العربية، من أجل الحفاظ على موقفها، وهو ما يتعين على إيران البدء في تعديل مواقفها مع أولئك الذين كانوا حتى وقت قريب خصومها اللدودين. كما قالت.
وأشارت الصحيفة إلى الأزمة اللبنانية الداخلية وما يصاحبها من تدخلات عربية ودولية، مشيرةً إلى أن مستقبل لبنان الاقتصادي لا يعتمد فقط على السعودية، بل إن الشرعية العربية لنظام الأسد تمر أيضًا عبر الرياض، وهنا تكمن مصلحة إيران الحيوية في توضيح من يملك الحكم في دمشق خاصة بعد تقليص روسيا نشاطها السياسي لإيجاد حل للحرب في سوريا بعد الحرب في أوكرانيا، كما قالت.
وتشير إلى أن الشرعية العربية للأسد - من وجهة نظر إيران - قد يفضي إلى شرعية دولية رغم أن الولايات المتحدة ليست شريكًا لها، وبالتالي التمييز الاستراتيجي بين المحور الإيراني، والمحور العربي الذي ظل حتى عام مضى بمثابة أساس التحالف المناهض لإيران الذي كانت إسرائيل عاملًا فيه.
وترى الصحيفة العبرية، أن نظام العلاقات الجديد بالمنطقة قد يمنح إيران مكانة إقليمية جديدة ويسحبها من العزلة العربية، لكن لذلك سيكون ثمن منه تقديم مرونة في مسألة الرئاسة اللبنانية لصالح موقف السعودية، وربما توافق على مرشح غير المرشح الذي يدفع باتجاهه حزب الله، إلى جانب الحل السياسي في سوريا والذي قد يلزم الأسد بمنح مقعد شرف للسعودية ويتعين على إبران ابتلاع هذا الضفدع، لضمان سوريا العربية، وتجنب المواجهة السياسية مع السعودية بعد أن أصبحت "دولة شقيقة".
ومن وجهة نظر (إسرائيل)، يمكن أن تكون العواقب المباشرة هي تقليص حرية العمل العسكري التي تتمتع بها في سوريا، وربما حتى توقفها بشكل تام، لأن سوريا قد تتمتع بالحماية السعودية، وقد توافق تركيا على الانسحاب من أراضيها، وأن تذهب روسيا لفحص الإذن الذي تمنحه لـ (إسرائيل) للتصرف كيفما تشاء في سوريا، لذلك قد تضطر (إسرائيل) إلى العودة لقواعد اللعبة القديمة والأقل تفضيلًا والتي بموجبها ستكون جبهتها الساخنة ضد لبنان بشكل مباشر وليس في الملعب المناسب "سوريا"، حيث يمكنها تجاوز ميزان الردع لديها ضد حزب الله.
"القدس