كتب آفي يسسخروف في يديعوت أحرونوت العبرية، لا يزال من السابق لأوانه القول أو التقدير إلى أين تهب الرياح في قطاع غزة وغلافه، فإذا كان يخيل في ساعات الصباح من يوم أمس للحظة بأن المنظمات الفلسطينية ستكتفي بإطلاق ثلاثة صواريخ “فقط” نحو “إسرائيل”، فقد جاءت رشقات ساعات ما بعد الظهر المبكرة لتوضح أن لحماس أيضًا سياسة داخلية وليس فقط سياسة خارجية أو أمنية.
الكرة الآن في جانب (إسرائيل)، وردٌ قاسٍ تجاه غزة وحماس سيؤدي على ما يبدو إلى نار أخرى من الصواريخ من القطاع و”هلمجرا” إلخ…
في الخلاصة من المشكوك فيه أن تكون حماس معنية بتصعيد واسع لكنها شعرت بأن العبء على كتفيها، بمعنى أنها هي بصفتها منظمة “المقاومة” الرئيسية وأنها ملزمة بأن تدافع عن حياة الأسرى الفلسطينيين وبالتأكيد أولئك الذين ينظر إليهم الجمهور الفلسطيني بصورة “القديسين” المعذبين، على نمط خضر عدنان.
عدنان، ابن 45، الذي يعتبر في موته أحد زعماء الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية، مات في السجن (الإسرائيلي) بعد 86 يوما من الإضراب عن الطعام، الإضراب الحالي جعل اسمه مرة أخرى يصدح في المناطق الفلسطينية، بعد أن نجح في الإضراب السابق عن الطعام، حين كان معتقلا إداريا في نهاية المطاف في أن يتحرر في أعقاب الضغط الذي مورس على “إسرائيل”، الإنجاز الذي سجله لنفسه في حينه منحه لحظات المجد ومكانة “كبيرة في الجهاد” رغم أنه لم يعرف عنه قيامه بعمليات حقيقية ضد (إسرائيل)، لم يكن مسلحا آخر، بل مثابة زعيم روحي ورمز التنظيم والكفاح ضد (إسرائيل)، منذ تحرره من السجن زار بيوت عائلات الأسرى وعائلات الشهداء ولم يتوقف هناك عن التحريض على (العنف ضد إسرائيل)، ما أدى في نهاية المطاف إلى اعتقاله الأخير والقرار بتقديمه إلى المحاكمة.
في ساعات ما بعد الظهر حاولت حماس تهدئة الخواطر ونقل رسائل تفيد بأن ليس في نيتها الوصول إلى مواجهة عسكرية واسعة، النار نحو بلدات غلاف غزة فعلت فعلها وكان هذا كافيا لحماس، لكن رد حماس دفع بالذات حكومة (نتنياهو) إلى الزاوية ومن شأنه ورجاله الآن أن يعتبروا ضعفاء جدا في نظر جمهور ناخبيهم أنفسهم إذا لم يردوا بشكل حازم بما يكفي.
لقد نسيت حماس بقدر كبير أن حكومة (نتنياهو)، ملزمة بأن ترد أيضًا لأسباب سياسية داخلية ولاعتبارات الردع لدى الطرف الآخر.
لحماس توجد جملة من الاعتبارات بعدم الانجرار إلى التصعيد، ابتداء من إدخال العمال من القطاع إلى الداخل، ونقل الأموال من قطر، وجملة مشاريع تساعد على إعمار القطاع، ولكن يحتمل أن هذه المرة أخذت بالحسبان بأن عليها أن تسير إلى تصعيد محدود ومحسوب يستمر ليوم واحد، ربما يومين ويتوقف هناك، لقد أرادت حماس أن تبدي وحدة الصف الفلسطيني في مجرد قرارها الانضمام إلى نار الجهاد ونشر بيان باسم “غرفة العمليات المشتركة”.
ستواصل حماس تفضيل رد عسكري ضد (إسرائيل) من ساحات أخرى، لبنان مثلا، مثلما كان قبل بضعة أسابيع فقط، لكن بالذات في ضوء هشاشة الوضع في الساحة الشمالية يحتمل أن يمنع حزب الله هذه المرة عناصر حماس من إطلاق النار نحو “إسرائيل” من أراضي لبنان، من هنا فان أساس الجهد يتجه الان إلى محاولات تنفيذ العمليات من الضفة الغربية وحتى في داخل (إسرائيل)، لكن ينبغي أن نتذكر بأن ردا عسكريا واسعا من قبل (إسرائيل) في غزة سيضع الطرفين مرة أخرى في مسار الصدام والتصعيد الذي يصعب التنبؤ كيف كيف سيبدأ ومتى سينتهي.
الهدهد