قائد الطوفان قائد الطوفان

باحثان (إسرائيليان) يحذّران: الخلافات الداخلية تهدد مستقبل تل أبيب أكثر من قنبلة إيران

الرسالة نت - وكالات

يحذّر باحثان إسرائيليان خلفيتهما عسكرية من تفاقم وانهيار “الأعجوبة الإسرائيلية”، نتيجة سجالات وخلافات داخلية تتجاوز قنبلة إيران من ناحية خطورتها على دولة الاحتلال ويشيران لعدة علامات ضعف مقلقة.

 في مقال مشترك ينبّه الجنرال في الاحتياط عاموس جلعاد، رئيس معهد السياسة والإستراتيجية، والدكتور شاي هار تسفي، باحث أول ورئيس المجال الدولي والشرق الأوسط في معهد السياسات والإستراتيجيات، من خطورة استمرار إسرائيل في السير داخل النفق الذي دخلته في مطلع العام الجاري.

ويقولان، في المقال الذي نشرته القناة العبرية 12 في موقعها، إنه عشية الذكرى الخامسة والسبعين لـ “استقلال إسرائيل”، وفي الوقت الذي من المفترض أن تكون فيه قد بلغت ذروة قوتها الإستراتيجية المتكاملة، وجدت الدولة نفسها في موقف تضعف فيه من قرار داخلي جراء “انقلاب النظام”. وبالنسة لجلعاد وهار تسفي فإن من الواضح اليوم أن الترويج المستمر لـ “انقلاب النظام” سيلحق الضرر بقوة إسرائيل الإستراتيجية. ويتابعان: “لا يستطيع أعداؤنا تصديق عيونهم، وكأن إسرائيل تدير برامج خبيثة يمكنها أن تحول الدولة من دولة ديمقراطية قوية إلى ديكتاتورية منقسمة وضعيفة”.

ويرى جلعاد وهار تسفي أن التهديد الرئيس لأمن إسرائيل هو من النظام الإيراني القاتل، الذي يسعى إلى تدمير الدولة اليهودية، ويعمل على تطوير القدرات لتحقيق رؤيته. ويؤكدان أن إيران اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق القدرة النووية العسكرية وقد وصلت بالفعل إلى عتبة تخصيب المواد الانشطارية إلى 90٪ ، وهو المستوى المطلوب لإنتاج قنبلة نووية، عندما يكون قرار الاختراق للحصول على أسلحة نووية على عاتق زعيم إيراني. ويقولان أيضاً إنه، بحسب وزير الأمن في حكومة الاحتلال يواف غالانت، فقد جمعت إيران بالفعل ما يكفي من المواد المخصبة لتطوير خمس قنابل نووية، وادعى وكيل وزارة الدفاع الأمريكية أن إيران يمكنها إنتاج مواد انشطارية لصنع قنبلة نووية في غضون 12 يومًا.

ويتابعان: “حتى أن إيران تواصل عمليات بناء القوة المتسارعة، في حين تستغل الحرب في أوكرانيا بشكل ساخر وقاسٍ لتحسين قدراتها في مجال الصواريخ والطائرات من دون طيار. وسياسة “الوجه المبتسم” من جانبها تجاه العالم العربي وعمليات تحسين العلاقات مع السعودية ودول الخليج الأخرى تهدف إلى السماح لها بالخروج من العزلة الإقليمية، إلى جانب توثيق العلاقات الإستراتيجية مع روسيا والصين”.

ويؤكدان أن جيش الاحتلال الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية يحتفظان بقوة هائلة ويعملان باستمرار على منع الترسخ الإيراني في المنطقة وكبح البرنامج النووي، إلا أن القدرة الإستراتيجية على ممارسة القوة قد تضعف، ولن يكون من الممكن تقديم رد مناسب على إيران.

ويسّوغ الباحثان رأيهما هذا بالإشارة إلى خطورة تهديد نووي إيراني من دون وحدة داخلية، ووجود نظام تحالفات عميق خاصة مع الولايات المتحدة. ويؤكّدان ان أزمة الثقة مع الإدارة الأمريكية، وحقيقة أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لا يجتمع مع رئيس الولايات المتحدة هي متناقضة بشكل خاص منبهيّن إلى أن تنسيق التعاون العميق هنا هو أمر ضروري لاحتواء إيران.

 ويتابعان: “هذا خاصة في الوقت الذي تركز فيه الولايات المتحدة على الصراع المتصاعد مع الصين والحرب في أوروبا، وتشير إلى تفضيلها للحفاظ على المسار”.

 وطبقاً لمزاعمهما، تحتفظ الدول العربية بعلاقة عميقة مع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ولكن حتى من جانبها هناك فتور ملحوظ في موقفها تجاه إسرائيل وهم يعملون في طريقهم لاحتواء التهديد الإيراني. ويقولان إنه كما هو الحال في تراجيديا يونانية، بينما تعمل إيران وسوريا على تجاوز رواسب الماضي وتوطيد العلاقات مع دول العالم العربي، تتسابق إسرائيل في الاتجاه المعاكس وتجد نفسها أكثر بعدًا عن حلفائها في العالم العربي، العالم والمنطقة.

ويضيفان: “بينما لا يتم قبول رئيس الوزراء نتنياهو في زيارة للإمارات والولايات المتحدة، وتلقيه استقبالًا باردًا خلال زيارته للعواصم الأوروبية، قد يلتقي رئيس إيران وملك المملكة العربية السعودية قريبًا، بعد انقطاع دام سنوات، والرئيس الأسد ينفّذ تدريجياً عودته إلى العالم العربي”.

الباحثان: إسرائيل في عملية تدمير ذاتي. وهذا هو الوقت المناسب للاختيار بين القوة المثيرة للإعجاب وبين الضعف الإستراتيجي في المستقبل.

ويعتقدان أن الانقلاب وقانون التجنيد للشباب الحريديم (إعفائهم من الخدمة العسكرية) يشكلان، في صيغتهما المختلفة، تهديداً كبيراً للقوة الوطنية والاقتصادية للبلاد، وإضعافاً للجيش الإسرائيلي كجيش شعبي.

ويشيران إلى أنه إلى جانب تراجع القدرة على الابتكارات يمكن أن يضاف إلى ذلك قرار صندوق التدريج الائتماني، موديز، بتخفيض توقعات التصنيف الائتماني الإسرائيلي من إيجابي إلى مستقر.

ويشددان على أن قوة إسرائيل تكمن بتكامل كل مكوناتها. ويقولان إن إسرائيل الآن تقف على مفترق طرق تاريخي ومصيري لمستقبلها: من ناحية، يتم الحفاظ على قوتنا العسكرية وقدرتنا على ردع أعدائنا والتصدي لهم. ومن ناحية أخرى، تظهر علامات الضعف المقلقة التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم وانهيار الأعجوبة التي نشأت هنا في العقود الماضية.

قبل كل شيء، مطلوب وقف فوري وكامل لانقلاب النظام، وهذا شرط ضروري لاستعادة التماسك الداخلي، لتقوية إسرائيل كدولة ديموقراطية، بمؤسسات حكم مستقرة وقوية ونظام قانوني. ويوضحان أن هذه الخطوات ضرورية لتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة وحلفاء اسرائيل في العالم وفي المنطقة، لاستعادة صورة الردع واستعادة ثقة المؤسسات الدولية في اقتصاد إسرائيل.

ويتابعان: “في الآونة الأخيرة، قد يظهر عدد من المؤشرات المشجعة على أن التراجع قد بدأ يتسلل إلى الصفوف السياسية. قرار رئيس الوزراء نتنياهو منع اليهود من الصعود إلى الحرم القدسي خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان، والحفاظ على اتفاقية الغاز المهمة مع لبنان، والرد المدروس على إطلاق النار الذي وقع من غزة في الأيام الأخيرة.. هذه الخطوات، التي تعتبر البداية فقط، تدلل على أن هذا هو الطريق الصحيح، لأنها كانت تهدف إلى منع التدهور إلى تصعيد واسع”.

أما أمام السلطة الفلسطينية، فيؤكدان أنه من الضروري تعزيز العلاقات والتنسيق الأمني. في الوقت نفسه، يجب على المرء تجنب اتخاذ خطوات قد تؤدي إلى تفاقم اتجاه الانهيار وقدرته على العمل. وذلك أولاً، وقبل كل شيء، لضرورة منع انتشار القوات الأمنية الاسرائيلية في الضفة الغربية، بما يؤدي إلى زيادة العبء وإلحاق الضرر بالقدرة على العمل في مواجهة نظام التهديد متعدد المجالات.

ويخلص الباحثان الإسرائيليان للقول إن إسرائيل في عملية تدمير ذاتي، وإنه من الضروري من أجل مستقبلها أن يتم وقفه على الفور. موضحين أنه هذا هو الوقت المناسب للاختيار بين القوة المثيرة للإعجاب وبين الضعف الإستراتيجي في المستقبل في ظل غياب التغيير.

 ويتابعان: “على عكس الأوقات التي أثّرت فيها التهديدات الخارجية على الأمن القومي، فإن معظم التهديدات في الوقت الحاضر تنشأ من قرارات خاطئة، والتي لن تُغفر تاريخيًا”.

البث المباشر