من الواضح أن جيش الاحتلال (الإسرائيلي) وقيادته المرتبكة تحاول الضغط على قوى المقاومة في قطاع غزة من أجل إنهاء التصعيد بأقرب وقت ممكن بعد جريمة استهداف قادة المقاومة في عدوان جديد على القطاع.
وبعد مرور ما يزيد عن 72 ساعة من العدوان واعتقاد الاحتلال بأنه حقق أهدافه من التصعيد، واستمرار الاتصالات من الوسطاء الدوليين والأمميين من أجل استعادة الهدوء، ذهب الاحتلال وقيادته إلى سياسة قصف المنازل.
ويأتي ذلك عقب تمسك المقاومة بشروطها في ضرورة إلزام الاحتلال بعدم العودة لسياسة الاغتيالات مجددا وتقديم ضمانات لذلك، فيما تحاول قيادة الاحتلال كعادتها المراوغة والتهرب من أي التزام يمكن أن تفرضه المقاومة عليها.
وفي وقت سابق، من ليلة أمس الأربعاء قصفت الطائرات الحربية (الإسرائيلية) منزلًا في مدينة خانيونس، وآخر في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، دون الإبلاغ عن وقوع إصابات.
وقالت وسائل إعلام فلسطينية إن طائرات الاحتلال استهدفت منزلًا يعود لعائلة الآغا في مدينة خانيونس، ومنزلا لعائلة المصري، كما استهدفت منزلا مهجورا جنوب القطاع، بالإضافة إلى شقة سكنية في مدينة حمد بخان يونس واغتيال القيادي في سرايا القدس على غالي.
وكانت حركة الجهاد الإسلامي حذّرت، في بيان لها، الاحتلال (الإسرائيلي) وقيادته من سياسة قصف المنازل في قطاع غزة.
وقالت الحركة إنه في حال واصل الاحتلال قصف المنازل في غزة "فسيتم مقابلها تكثيف قصف تل أبيب والعمق (الإسرائيلي)".
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي الدكتور أيمن الرفاتي أن استهداف المنازل أسلوب قديم استخدمه الاحتلال مع حركة حماس في حرب 2014 وقد فشل في جعل الحركة ترضخ له.
ويضيف الرفاتي في حديثه لـ(الرسالة) أن الاحتلال استخدم هذه السياسة أيضا في معركة سيف القدس عبر قصف الأبراج، فقابلته المقاومة بمعادلة قصف (تل أبيب) بمئات الصواريخ مقابل كل برج وهو ما دفعه لوقفها في منتصف المعركة.
ويوضح أن دولة الاحتلال تعتبر قصف المنازل أحد أوراق الضغط ضد الفصائل الفلسطينية عبر المساس بالحاضنة الشعبية لها، وجعل ثمن المواجهة مكلفة عليها، حيث تهدف هذه السياسة لتشريد المدنيين بما يشكل ضغطاً على الفصائل خلال المعركة وبعدها لإعادة بناء المنازل المهمة.
ويشير الرفاتي إلى أن جيش الاحتلال يسعى لكي الوعي لدى الحاضنة الشعبية، عبر المساس بها وبأهم مكونات الاستقرار لديهم، كي لا تقدم المساعدة مستقبلاً لعناصر المقاومة.
ويشدد على أن الأهم في الموضوع أن ذهاب نتنياهو لسياسة قصف المنازل والضغط على المقاومة بهذه الوسيلة يأتي نتيجة استعجاله لإنهاء الجولة وخشيته من تأثيرات القصف على مدن المركز ومساسها بالجبهة الداخلية.
ويتفق الكاتب والمختص في الشأن (الإسرائيلي) علاء الريماوي مع سابقه، مبينا أن العودة لهذه السياسة يعكس فشل الاحتلال وذهابه للضغط على المواطنين المدنيين من أجل إحراج المقاومة ودفعها لوقف التصعيد.
ويضيف الريماوي أن الاحتلال عندما يفلس يذهب باتجاه استهداف منازل المواطنين كما جرى على مدار المعارك السابقة، وهي صورة باتت مقترنة بالاحتلال وهو ما يعكس فشله في تحقيق أهداف العملية العسكرية وفقدانه القدرة على وقفها.
في نهاية المطاف يمكن القول إن هذه السياسة العقيمة التي يلجأ لها الاحتلال لا يمكن أن تثني شعبنا الفلسطيني ومقاومته عن مواصلة الطريق أو تجبره على الاستجابة لإملاءات قيادة الاحتلال.