ترتفع كلفة العمليات العدوانية الصهيونية في غزة مع مرور اليوم الثالث على المواجهة، حيث تواصل المقاومة الرد على الجرائم التي ارتكبها العدو بحق كوادر ومدنيين وأطفال ونساء في القصف الذي استهدف عدد من المنازل السكنية، إذ يبحث نتنياهو عن مخرج بثمن يعيد له حالة الردع، ويحسن من موقفه أمام الجبهة الداخلية وأمام قوى المعارضة الصهيونية التي انتقدت فشل الجيش في استعادة الردع تحت غطاء أمريكي.
العمليات المتواصلة لا تزال في صالح المقاومة التي تتمسك بقواعد الاشتباك أمام العدو، وترد على كل قصف صهيوني يستهدف مدنيين ومنشآت حيوية، وبالتالي فإن حالة الهدوء مرتبطة بمدى قناعة حكومة نتنياهو أنها فشلت في إدارة المعركة ولم تستطع تنفيذ خططها والتي تهدف لضرب الساحات وتفكيك بنية المقاومة وضرب العلاقة بين فصائل المقاومة، وأن مواصلتها للاعتداءات على المدنيين سيزيد من كلفة عملياتها، وسيعزز ضغط المجتمع الدولي على كافة الأطراف لوقف إطلاق النار.
باعتقادي أن نتنياهو ذاهب لتقوية حكومته أمام قوى المعارضة، وتحسين صورته داخل المجتمع الصهيوني الذي ينادي بإقالته ومحاكمته بعد ارتكابه لمخالفات تمس سيادة دولة الكيان بعد التعديلات القضائية التي اتخذتها حكومته، وحاولت فرض مسوغات قانونية جديدة تضرب استقلالية القضاء للهروب من أزمته القضائية التي لا تزال ملفاتها مفتوحة ولم تُغلق بعد. كما أن بعض قوى اليمين والتي تشارك للمروة الأولى تاريخيًا في مواجهة مسلحة بغزة، لا تمتلك الخبرة الأمنية الكافية لقراءة معطيات التصعيد وتداعياته على الحكومة والمجتمع الصهيوني، وبالتالي لا تزال المنظومة الأمنية الصهيونية تتأثر بتوجهات "بن غفير، وسموتريتش" وهما المسؤولان عن جزء كبير مما يحدث في الضفة والقدس وغزة، باعتبار أن ذلك كان شرطًا لمشاركتهما في ائتلاف اليمين بالكنيست وفي الحكومة الصهيونية.
حيث لا يزال هناك مطالبات من إرهابيي اليمين بضرورة مواصلة الاعتداءات على غزة والضفة بشكل متزامن، داعين لفرض الهدوء الشامل في المنطقة بعد تنفيذ عملية عسكرية واسعة إذا تطلب الأمر لذلك، الأمر الذي يشي أنه وفي حال عدم تدخل أطرافًا خارجية ستتجه حكومة نتنياهو لتوسيع عدوانها، والدخول في حالة استنزاف، سيكون العدو هو الخاسر الوحيد في هذه المعركة.
في المقابل تقرأ المقاومة هذه التوجهات، وتدرك أن المواجهة تتعلق بحسابات شخصية لصالح قوى اليمين المتطرف، وأن الجولة التي حاول خلالها الاحتلال فرض قواعد ومعادلات جديدة في غزة، لن تنتهي كما يريد العدو، لأن المقاومة ومنذ الساعات الأولى لعملية الاغتيال، نفذت عملية صمت ضربت مفاصل الاحتلال، وشلت كل مناحي حياته، وأفقدته الصورة التي حاول التقاطها وترويجها عبر منصات الاعلام العبري للتفاخر بها بين الجمهور الصهيوني، ودخول العدو في "طنجرة الضغط" وكتم الانفاس، وفرض واقع جديد، جعل منظومة الأمن الصهيونية غير قادرة على اتخاذ قرار لتحريك الصمت أو تفكيك المعادلة التي فرضتها المقاومة.
خسائر العدو واضحة تمامًا، حيث فقد الجيش استعادة الردع، على الرغم من عدوانه الواسع ضد المدنيين والشقق السكنية، مرورًا بالخسائر الاقتصادية التي ترتفع معدلاتها، وإيقاف الملاحة الجوية وفرض حظرًا جويًا على كافة المطارات في المدن المحتلة، واستنزاف منظومة ما تسمى "القبة الحديدية" والتي فشلت في التصدي لصواريخ المقاومة، وتدهور حاد في البورصة، حيث أكد خبراء الاقتصاد أنه وفي حال استمرار التصعيد، فإن خسائر الاحتلال ستعكس أزمة اقتصادية مستقبلاً، ولا تزال المقاومة هي من تحدد توقيت الرد، وتمتلك الخيارات المفتوحة لحماية أبناء شعبنا، وتعزز من وحدتها الميدانية التي أبهرت العالم، وأحبطت العدو، وأفشلت مخططاته.