من المقرر أن تنطلق غدا الخميس من الساعة الرابعة وحتى السادسة مساء، ما يسمى بمسيرة الأعلام (الإسرائيلية) في محيط البلدة القديمة بالقدس المحتلة، إلى باحة حائط البراق.
وعادة ما تنطلق (مسيرة الأعلام) من شارع (أغرون)، الذي يشق مقبرة مأمن الله صعوداً باتجاه الباب الجديد، لكنها تنفصل ليتجه قسم من المشاركين إلى باحة حائط البراق من باب الخليل، فيما يواصل البقية سيرهم باتجاه باب العامود قاطعين أزقة البلدة القديمة وهم يهتفون ويرددون شعارات عنصرية مثل (الموت للعرب) و(محمد مات)، ووسط اعتداءات على الفلسطينيين وأصحاب المحال التجارية داخل البلدة.
ولأول مرة في تاريخها، قدمت جماعة (العودة إلى جبل الهيكل) المتطرفة طلبًا رسميًا لإدخال (مسيرة الأعلام) إلى المسجد الأقصى من باب الأسباط، حيث تسعى إلى حشد نحو 7500 مستوطن للمشاركة في المسيرة، رُغم أن أكبر رقم سبق لهم تحقيقه لم يزد عن 2200 مقتحم.
كما وسيشارك في المسيرة 7 وزراء وأعضاء كنيست من حكومة اليمين وعلى رأسهم بن غفير فيها.
ودوما تجبر قوات الاحتلال الفلسطينيين على إغلاق محالهم التجارية بالتزامن مع مرور المسيرة من البلدة القديمة حيث يعتدي المشاركون فيها بشكل استفزازي على بيوت ومحال الفلسطينيين ويطلقون شعارات عنصرية ويرقصون حاملين الأعلام (الإسرائيلية).
تاريخ مسيرة الأعلام
وتعود بداية تنظيمها إلى عام 1968، أي بعد عام من نكسة حرب حزيران، واحتلال الشطر الشرقي من القدس المحتلة.
ويعد الأب الأول للمسيرة الرابي تسفي يهودا كوك، الزعيم الروحي والتاريخي للصهيونية اليهودية، الذي يعتبر القائد الروحي حتى للحزب الوطني الديني "المفدال"، الذي ضم كل أجنحة وحركات التيار الديني الصهيوني، بينها (هبوعيل همزراحي)، أولى حركات التيار الديني الوطني، وأصبح لاحقاً يعرف بتيار الدينية الصهيونية.
وبدأت هذه المسيرة بمبادرة فردية انطلقت كمسيرة (متواضعة) في ساعات المساء في الذكرى السنوية (وفق التقويم العبري) لاحتلال الشطر الشرقي من القدس.
واستمرت المسيرة (متواضعة) حتى عام 1974، إذ طورت إلى طقس يظهر حجم التأييد للتيار الديني الصهيوني، بقيادة الرابي كوك، الذي كان يعتبر أن إقامة (إسرائيل) هي مجرد محطة في طريق الخلاص النهائي لليهود مع نزول المسيح اليهودي المنتظر.
وفي السنوات الأخيرة ، أضاف التيار الديني طقوس الرقص والغناء المأخوذة أيضاً من تراث الحركة الحسيدية اليهودية، التي كان الرابي كوك تربى على تعاليمها قبل أن يؤيدها التيار الحركة الصهيونية باعتبارها أداة للوصول إلى خلاص اليهود.
*** تمويل المسيرة وعدد مرات منعها
يعود تموّيل المسيرة إلى جمعية "عام كالبيا" الدينية الاستيطانية وبلدية القدس ووزارة التربية والتعليم (الإسرائيلية) وشركة تطوير وإعادة تأهيل الحي اليهودي، ووصل حجم التمويل عام 2018 إلى نحو 300 ألف دولار.
وتوقفت المسيرة خلال الفترة بين عامي 2010 و2016 بسبب المواجهات التي كانت تندلع بين المشاركين في المسيرة والفلسطينيين، فمنعت الشرطة (الإسرائيلية) المستوطنين من اقتحام البلدة القديمة من باب الأسباط، لأسباب أمنية.
وعام 2011 حوّلت شرطة الاحتلال مسار المسيرة ليمر من حي الشيخ جراح مرورا بشارع رقم 1 الذي يفصل شطري القدس الغربي والشرقي وسمحت للمشاركين فيها بدخول البلدة القديمة من أبواب عدة.
وبين عامي 2015-2016: رفضت المحكمة العليا (الإسرائيلية) التماسات قدمتها جمعيات يسارية وحقوقية (إسرائيلية) لمنع مرور المسيرة من الحي الإسلامي.
وعام 2017 وفي الذكرى الـ50 لاحتلال القدس سمح للمشاركين في المسيرة بالطواف حول أسوار البلدة القديمة والدخول إليها أيضا من باب المغاربة.
أما عام 2021، ففشلت مسيرة الأعلام في تحقيق أهدافها، بعد تنفيذ كتائب القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) تهديدها وقصفت أهداف الاحتلال في مدينة القدس برشقة صاروخية، ردًا على تصاعد انتهاكات الاحتلال بالمدينة.
وقبل انطلاق مسيرة الأعلام بأيام، يلجأ الاحتلال (الإسرائيلي) كعادته لاتباع سياسة إبعاد المقدسيين أو فرض الإقامة الجبرية عليهم لتمرير المسيرة، وذلك لمحاصرة أكبر عدد لمنعهم من المشاركة في فعاليات ضد المسيرة.
ولتأمين المسيرة ، تتحول مدينة القدس المحتلة إلى ثكنة عسكرية، عبر نشر الآلاف من عناصر شرطة الاحتلال ووحداتها الخاصة وقوات حرس الحدود والخيالة، بما يتخللها من نصب الحواجز العسكرية وإغلاق الشوارع والطرقات وأزقة البلدة القديمة، ما يعيق حركة تنقل المقدسيين.