كشف التقرير السنوي الصادر عن الائتلاف من أجل المساءلة والنزاهة "أمان"، عن فضائح فساد تورط فيها ياسر نجل الرئيس محمود عباس، من خلال توقيع عقد احتكري لتوليد الطاقة من خلال حرق النفايات الصلبة.
وكشف التقرير عن تشكيل عباس لغطاء قانوني لفساد نجله عن طريق إصدار قرار بقانون لتنظيم الاتفاق الاحتكاري بين شركة صروح التي يمتلك نجله ياسر الحصة الأكبر فيها، والتي استطاعت الحصول على الكثير من الامتيازات غير القانونية.
واستعرض التقرير السنوي لعام 2022، مجموعة من البنود التي شكلت مخالفات للقانون، في القرار بقانون رقم 26، الذي صدر بتاريخ 24 أيار/مايو 2022 ومنح امتيازًا لشركة "صروح" للطاقة المساهمة الخصوصية؛ لإنشاء محطة توليد كهرباء من خلال حرق النفايات الصلبة في المكب وبيع الطاقة المنتجة إلى الشركة الفلسطينية لنقل الكهرباء، لمدة 25 سنة من بدء التشغيل التجاري للمحطة، دون الإفصاح عن المالك الحقيقي لها.
وذكر التقرير أن القرار بقانون نظّم ما يتعلق بالامتياز الممنوح لشركة صروح كالأحكام المتعلقة بمدة الامتياز وطرق إنهائه، إلّا أنّه أحال معظم الأحكام التنفيذية للاتفاقية غير المنشورة والموقّعة بتاريخ 28 نيسان/ابريل 2022 بين الحكومة ممثلة بوزير المالية ووزير الحكم المحلي مع شركة صروح للطاقة.
وأشار الى أن القرار بقانون المشار إليه تضمّن أحكامًا خاصة واستثنائية غير اعتيادية وغير متوازنة، بالمقارنة مع العقود الإدارية التي غالبًا ما تكون لحماية المصلحة العامة، معتبرًا أن الغرض هو "حماية الشركة حامل الامتياز، وهي شركة "صروح".
وأوضح أن القرار بقانون لم يُلحق الاتفاقيات الموقعة التي تضمنتها المادة 8 منه بالقرار ولم ينشرها في الجريدة الرسمية، للنظر فيها والتحقق من مدى انسجامها مع القانون الأساسي الفلسطيني المعدل والممارسات الفضلى في مجال منح الامتيازات، وكذلك مدى انسجامها مع المصلحة العامة للشعب الفلسطيني من هذه الاتفاقيات.
ولفت الى أن الاتفاقيات غير المنشورة، هي: اتفاقية الامتياز الرئيسية وملاحقها. واتفاقية شراء الكهرباء. واتفاقية الربط. واتفاقية إيجار الأرض. ويحول الامتناع عن نشر هذه الاتفاقيات في الجريدة الرسمية دون تجنب إعادة الأخطاء التي ارتُكبت في الاتفاقيات السابقة؛ مثل محطة توليد الطاقة في قطاع غزة.
وبيَّن التقرير أن المادة الثانية من القرار بقانون الخاص بالامتياز، أثارت أسئلة حول طبيعة التزامات وزارة الحكم المحلي وتوقيعها على اتفاقية إيجار الأرض مع شركة "صروح"، بديلاً عن مجلس إدارة النفايات الصلبة للهيئات المحلية في محافظة جنين، الذي يمتلك شخصية اعتبارية ومركزًا قانونيًا مستقلاً.
وأشار الى أن هذا الاستبدال يشكل مخالفة للأصول القانونية المعتمدة في قانون الشراء العام، ومبادئ اللامركزية المعتمدة في القانون الأساسي الفلسطيني المعدّل وقانون الحكم المحلي، التي تعتبر أنّ للهيئات المحلية ومن ضمنها المجالس المشتركة شخصية ًمعنويةً واستقلالاً ماليًا وإداريًا يخوّلها أن تعقد الاتفاقيات فيما يتعلق بإدارة المرافق العامة الخاضعة لاختصاصها ومن ضمنها إدارة النفايات الصلبة والاستثمار فيها.
ونوه التقرير الى أن الاستثناء الممنوح لشركة "صروح" في المادة (9) من القرار بقانون، وبموجبها تحصل على إعفاءات وحوافز وامتيازات من قانون تشجيع الاستثمار، يُشكل خروجًا عن المبادئ العامة للقانون الإداري، ومخالفة لأحكام المادة (4) من قانون تشجيع الاستثمار لسنة 1998؛ التي استثنت في فقرتها الثالثة مشاريع إنتاج الكهرباء وتوزيعها من الإعفاءات والمزايا التي تتمتع بها المشاريع الاستثمارية.
وذكر أن المادة ذاتها تفتح المجال لحصول شركة "صروح" على امتيازات إضافية من الحكومة مستقبلاً.
ولفت الى أن المادة (10) من القرار بقانون منحت شركة "صروح" حصانة من أيّ تغيّر في التشريعات الفلسطينية مستقبلاً طوال مدة الامتياز الأولى (25 سنة)، موضحا أن هذه المادة وضعت القرار بقانون في مكانة فوق دستورية، وجعل شركة "صروح" غير خاضعة للقوانين الأخرى التي تسري على المواطنين، "وهو استثناءٌ غير مسبوق يكبل ويغلّ يد المشرّع مستقبلاً عن ممارسة صلاحياته التشريعية في تنظيم هذا القطاع".
وشدد التقرير على أن منح امتيازات وحصانات استثنائية في القرار بقانون لشركة صروح للطاقة المساهمة المحدودة دون نشر الاتفاقيات والالتزامات المترتبة على الحكومة والأجيال القادمة، ودون الإفصاح عن المالك الحقيقي للشركة، مع وجود أشخاص نافذين في السلطة السياسية، يشير إلى عدم شفافية القرارات الصادرة عن مؤسسات الحكم وشبهة وجود تضارب مصالح بمنح امتيازات لأشخاص مقربين من السلطة السياسية دون وضوح صلتهم بالشركة وحجم استثمارهم بها".
وأكد أن إصدار القرار بقانون بشأن امتياز زهرة الفنجان يضمن نسبة من التداخل بين المصالح الخاصة والعامة ويثير الشكوك حول مبرر منح امتيازات غير مستحقة.
وكان رئيس السلطة وزعيم حركة فتح محمود عباس أصدر في يوليو من العام الماضي مرسوماً رئاسياً نشر في صحيفة الوقائع الفلسطينية يمنح بموجبه الشركة التي يرأسها ابنه ياسر عباس امتياز توليد الكهرباء من مكب نفايات زهرة الفنجان في جنين.
المرسوم الرئاسي جاء لتغليف الاتفاقية التي منحتها حكومة اشتية لشركة ائتلاف الشمال ممثلاً عنها زهير عورتاني، وقعت في مقر وزارة الحكم المحلي بالبيرة، وشارك في الحفل التوقيع وزيرا المالية شكري بشارة والحكم المحلي مجدي الصالح، الجانب القانوني.
إلا أن تواجد نجل الرئيس عباس في حفل توقيع اتفاقية توليد الكهرباء أثار العديد من التساؤلات في الشارع الفلسطيني حول الهدف من تواجده.
مصادر محلية ذكرت أن الشركة هي إحدى الشركات الخفية التي يمتلكها ياسر عباس، إذ أن الأخير يسيطر على جزء كبير من الاتفاقيات المتعلقة بمشاريع الطاقة البديلة في الضفة الغربية.