قالت منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو، بأن التجمّعات البدوية الفلسطينية التي تقطن على السفوح والمرتفعات الشرقية للضفة الغربية المحتلة تعيش على صفيح ساخن وتتعرض لخطر الاقتلاع عبر سياسة التهجير القسري.
وأضافت المنظمة في بيان لها، اليوم الأربعاء، إن السياسة الرامية إلى السيطرة والاستيلاء على أكبر مساحة من الأراضي الفلسطينية وطرد سكانها منها في أكبر عملية تطهير عرقي ممنهج يحدث أمام نظر العالم.
وأشارت إلى أن غالبية التجمعات البدوية تنتشر في المناطق المصنفة (ج)، علما بأن أكثر من 90% من البدو لاجئون، ويعتمدون في هذه التجمعات البدوية على حرفتي تربية المواشي، والزراعة.
وأوضحت أن سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) انتهجت سياسة الحرمان من الخدمات الأساسية "الماء، الكهرباء،,البناء، الصحة، التعليم" تجاه التجمعات البدوية بهدف ترحيلها وتهجيرها قسرًا.
وقال المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن البدو المحامي حسن مليحات، بأن ما حدث مؤخرا من نزوح جماعي لتجمع عين سامية البدوي شمال شرق رام الله، جاء كنتيحة لسياسيات الاحتلال ومستوطنيه عبر ممارسات الهدم والاخلاء القسري وهجمات المستوطنين الارهابية.
وأضاف أن الاحتلال يهدف الى اقتلاع وتشريد التجمعات البدوية،ليعيد التاريخ نفسه بنسخته المعاصرة ليعيد انتاج نكبة العام 1948 في لبوس جديد، فقد منحت دولة الاحتلال مهمة ارهاب التجمعات البدوية وقتلهم وتشريدهم للمستوطنين الذين يتبادلون الادوار مع حكومة الاحتلال.
وبيّن أن ذلك يجري في غفلة من الزمن الفلسطيني،الذي لم يدرك حتى هذه اللحظة الوظيفة السياسية للبدو والتي تتمثل في حماية الأرض ذات الاهمية الحيوية لقيام أي كيان فلسطيني.
وأكد أن (إسرائيل) تهدف من خلال طرد البدو من تجمعاتهم إلى تحقيق معادلة "أكبر عدد من الفلسطينيين على أقل مساحة من الأرض، وذلك لتفريغ محيط المستوطنات وجوانب الشوارع من أي وجود فلسطيني، وستلجأ سلطات الاحتلال لإخلاء التجمعات وفقا لسلم أولويات حددته مخططات المشاريع الاستيطانية،بغية الاستيلاء على تلك المناطق وضمها للسيادة (الإسرائيلية).
وشدد على أن عملية النزوح الجماعي لتجمع عين سامية البدوي، جاءت نتيجة هجمات متتالية نفذها غلاة المستوطنين ضد هذا التجمع، حيث صادر المستوطنون أغناما لسكان التجمع وقاموا بتنفيذ هجمات ليلية ضدهم تمثلت برجمهم بالحجارة، ومنعوا أغنامهم من التنقل وحصرهم في منطقة لا تزيد عن 50 كيلو مترا.
وبيّن أن دولة الاحتلال تستخدم ميليشات المستوطنين المسلحة لترحيل البدو من خلال العمليات الإرهابية ضد المواطنين البدو لخلق حالة من الخوف والرعب لدفعهم إلى الرحيل، فهناك ما يزيد على 154 تجمعًا فلسطينيًّا بدويًّا في الضفة والقدس المحتلة مهدَّدة بالتهجير كليًّا.
وأكد أن ذلك كله يأتي ضمن إطار خطة الضمّ التي يحاول الاحتلال فرضها منذ أكثر من عامين، والتي تستهدف إفراغ الأراضي من الوجود الفلسطيني، وخلق حالة من التفوق الديمغرافي اليهودي، كل ذلك يحدث في غفلة من السياسيين والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، التي لم تقدم شيئا للبدو إلا أحاديث ومواعيد كانت كمواعيد عرقوب، لا تغني ولا تسمن من جوع، وخطب جوفاء تفتقد لأدنى معايير المصداقية في وقت يواجه فيه البدو آلة الاحتلال الجبارة منكشفين ووحيدين أمام جبروت دولة الاحتلال.
وأضح أنه حذر سابقا من ترك البدو لوحدهم في معركتهم مع الاحتلال، بما قد يؤدي لرحيلهم، كما حدث سابقا عندما أخلت (20) عائلة من التجمع البدوي "راس التين" مكان سكنها حفظًا للأنفس، حيث تم إشعال النيران بين بيوتهم، وضرب سيدة بدوية بآلة حادة على رأسها، أدخلت على إثرها لقسم العناية المكثفة في مجمع فلسطين الطبي، وأيضا نزوح عائلتين من تجمع وادي السيق البدوي قبل أشهر.
وأكد أن التجمعات البدوية تتعرض لمجزرة من الهدم والارهاب والتطهير العرقي، وتحارب وحدها منكشفة تماما أمام مستوطنين يتلقون دعمًا مباشرًا من حكومة الاحتلال، فالبدو يقاومون وحدهم وبدون مقومات صمود تذكر، وبرغم الاستهداف اليومي لهم من المستوطنين وجيش الاحتلال، إلا أنه لم يقدَّم لهم أي دعم مادي أو سياسي يبقي على جذوة صمودهم متقدة.
وقال إن السلطة الفلسطينية لم تقدم للتجمعات البدوية المستهدفة إلا جزءا يسيرًا جدا من خدمات التعليم لمدارس أقيمت أصلا على حساب أهالي التجمعات البدوية، ومن المفروض أن تنتقل من الحالة الاستعراضية إلى الخطط المدروسة لمساعدة البدو في مواصلة الصمود.
وأضاف أنه يدق جدار الخزان ويحذر من نزوح تجمعات بدوية أخرى، وفي حال نجاح دولة الاحتلال في مشاريع الضم، فإن ذلك يعني تنفيذ دولة الاحتلال لمخططاتها الرامية إلى إفراغ المنطقة من أهلها، وإحكام السيطرة على الأرض والموارد الطبيعية.
وتابع: "بما لا يدع مجالا للشك في بداية تآكل المشروع الوطني الفلسطيني، الذي تعتبر الأرض فيه محور الصراع مع المحتل، فآثار عمليات تهجير التجمعات البدوية المستمرة، لا تتعلق فقط بمجموعة من التجمعات الصغيرة مترامية الأطراف، بل أيضاً لها انعكاسات سلبية على مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني بما يؤدي إلى استحالة قيام دولة أو كيان فلسطيني بدون تلك المناطق.
وأكمل: "وتبقى ممارسات الصمود اليومية على الأرض التي يسكنها البدو، عائقاً أمام المخططات (الإسرائيلية) لمحو سكان المنطقة، إلاّ إنها لن تستطيع الصمود طويلاً في ظل غياب رؤى وخطط واستراتيجيات سياسية واضحة للمواجهة".
ودعا إلى توفير الدعم المالي والسياسي للتجمعات البدوية ضمن خطة ومتكاملة، ونقل ملف البدو للمحاكم والمؤسسات الدولية، وتوفير حماية دولية لهم، وضرورة تعرية ممارسات الاحتلال ضد التجمعات البدوية، وإطلاق حملة إعلامية واسعة النطاق للتعريف بالدور السياسي الذي يقوم به البدو في حماية الاراضي الفلسطينية، وعقد مؤتمر وطني جامع لبحث تلك القضية الوطنية، ودعوة الحكومة والاحزاب الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني للقيام بدورها تجاه التجمعات البدوية.