أفصحت نقابة الصحفيين عن تقريرها المالي من العام 2012 حتى العام الماضي 2022، لتثير مضامينه الكثير من التساؤلات حول تفاصيل الإيرادات والمصاريف.
ويتضح مما ورد أن نقابة الصحفيين عمدت في تقريرها المالي إلى تضخيم المصاريف بما يتماشى مع الإيرادات التي يجد فيها القارئ الكثير من الفجوات، في وقت لا توجد الكثير من الإيرادات وتُركت خاناتها فارغة.
ولعل البند الأكثر إثارة في التقرير المالي، إفصاح النقابة عن عدد الأعضاء المسددين لرسومهم وعددهم 2412 عضوا لعام 2022، وهم الذين يحق لهم المشاركة في مؤتمرها الاستثنائي نهاية شهر يناير 2023، في وقت تبلغ قيمة تجديد العضوية السنوية وفق إعلان سابق للنقابة 100 شيكل، وهو ما يجعل المجموع الكلي لبند العضويات 241.2 ألف شيكل، بينما الإيراد المسجل هو 40.8 ألف شيكل فقط ما يعني أن 200.4 ألف شيكل مفقودة؟! وتحتاج إلى تفسير.
والمتتبع للتقرير المالي يجد أن الرقم المذكور أمام بند رسوم اشتراكات لعام 2023، يبلغ 55.4 ألف شيكل، وهو ما يدفع للتساؤل عن مصير 206.8 ألف شيكل تبخرت من ميزانية النقابة لأن المسددين للرسوم بحسب النقابة لعام 2023 بلغ عددهم 2622 صحفيا ما يعني دخول 262.2 ألف شيكل صندوق النقابة!
وفي بند "مشروع الاتحاد الدولي للصحفيين" Global Digital Organizing Project المدعوم من الاتحاد الدولي، نجد أنه في بند الإيرادات سجل خلال العام 2022، مبلغ تمت إضافته ويقدر بــ 52600 شيكل، بينما في المصاريف نجد أن النفقات بلغت 56919 شيكل أي أكثر من موازنة المشروع، والغريب أن المصاريف سجلت على نفس المشروع كنفقات بقيمة 50930 شيكل في عام 2020 دون أن يكون هناك أي تسجيل إيرادات للمشروع!
ما سبق يفتح باب التساؤلات عن طبيعة هذه الأموال، وهل يعقل أن النقابة تنفّذ مشاريع للاتحاد الدولي على حساب موازنتها الخاصة دون دعم منه أم ما حقيقة ما يجري؟
وبغض النظر عن طبيعة المشروع الذي لم تفصح عنه نقابة الصحفيين خلال العام الماضي، والتضخيم الكبير في المصاريف، إلا أن النقابة تعمدت وضع مصاريف أعلى من الإيرادات، رغم أن المبلغ المالي كبير، وهو ما يثير تساؤلات جديدة عن طبيعة النفقات والبذخ الكبير في مثل هذه المشاريع التي لم يسمع عنها أي من الصحفيين.
وتحت بند "سفريات ومهمات خارجية" صرفت نقابة الصحفيين مبلغ 33.28 ألف شيكل خلال العام الماضي 2022 فقط، وهو ما يستدعي السؤال عن طبيعة هذه السفريات وبماذا استفاد منها الصحفيون الفلسطينيون؟ وما هي المهام المذكورة ولأي أسباب تم السفر؟
ومن المبالغ اللافتة والمثيرة ماورد في بند المصاريف الإدارية والعمومية، (ضيافة ومياه ومواد تنظيف وغيرها) حيث رصدت مبالغ ضخمة يصعب تصديقها ولا تتناسب مع الواقع.
أما البند الذي حمل عنوان "مساعدات لصحفيي غزة" فقد تركت خاناته فارغة باستثناء العام 2014، الذي بلغت حجم مصروفاته 182810 شيكل، في وقت لم نسمع وقتها عن أي مساعدات وصلت للصحفيين في قطاع غزة، ومجلس النقابة مطالب بتفسيرها للرأي العام في غزة.
وتحت بند "إيجار مكتب القدس" للعام 2013 سجلت نفقات بقيمة 21656 شيكل وعام 2014 سجلت نفقات بقيمة 14700 شيكل، وهو ما يطرح تساؤلا حقيقيا: هل فعلا يوجد مكتب لنقابة الصحفيين في مدينة القدس؟
من المعروف أن مكتب نقابة الصحفيين في القدس أغلق منذ نحو 20 عاما، فكيف فجأة ودون مقدمات يفتح فيها مقر لعامين متتاليين ثم يغلق؟؟ والمدقق البسيط يدرك أن عام 2012 لم يسجل للمقر أي نفقات ما يعني أن المقر مغلق!
وفي بند "رسوم اشتراك عضوية الاتحاد الدولي للصحفيين" والمذكورة في المصاريف لسنوات دون الأخرى، حيث بلغت بالإجمالي خلال 11 عاما أكثر من 55 ألف شيكل، ولكن التساؤل المهم هو أين هذا البند من الإيرادات ولماذا لم يتم ذكره في وقت تحدّث صحفيين عن دفع 50 شيكل لكل فرد منهم كرسوم الاشتراك في عضوية الاتحاد الدولي للصحفيين والحصول على بطاقتها.
ويقول التقرير المالي إن النقابة دفعت ضريبة أرنونا للاحتلال في العام 2015 بقيمة 12.69 ألف شيكل، في وقت لم يذكر التقرير أصلا أن هناك بند ايجار للعام 2015 وتركها فارغة، لتزداد التساؤلات.. كيف دُفعت هذه الضريبة ولصالح أي منشأة؟!
في المقابل سجل التقرير المالي أن مقر النقابة في غزة بلغ إيجاره لعام 2022 1165 شيكلا فقط؟ فهل هذا الرقم منطقي؟ كون الإجمالي يظهر أن قيمة الإيجار تبلغ 100 شيكل شهريا! أم أن هناك تفسيرا آخر لا نعرفه!
وضمن المصاريف، ذكرت نقابة الصحفيين بند "مصروف عزاء الشهيد الجمل للعام 2015، في وقت لم تذكر اسم الشهيد، ولا يعرف أحد من الصحفيين الذين تواصلنا معهم وجود شهيد صحفي من عائلة الجمل خلال العام 2015، لتضع مبلغ 6 آلاف شيكل بالضبط لهذا البند!
تساؤلات حقيقية يضعها التقرير المالي الذي وزعته نقابة الصحفيين يوم الثلاثاء 23-5-2023، ولم ترسله للأعضاء قبل فترة كما هو معروف حتى يستطيع الصحفيون دراسته وتسجيل ملاحظاتهم، ورغم ذلك فقد أقدمت الصحفية فداء المدهون من غزة على طرح كثير من الأسئلة على الهواء مباشرة للفريق المسيطر على النقابة حول التقرير المالي لكنها لم تتلق إجابة شافية!
بدوره، نفى نقيب الصحفيين الدكتور تحسين الأسطل، أن يكون هناك تلاعب في التقارير المالية للنقابة.
وقال الأسطل في حديث لـ (الرسالة نت) إن التقارير المالية صحيحة وليس بها أي مشاكل مالية.
وفي سؤاله على تفنيد البيانات المالية سابقة الذكر، أكد أن جميع البيانات جرى الحديث عنها بتفاصيل، مشيرا إلى أن النقابة لا تود نشر أي توضيحات بالخصوص.
وأجاب على بند رسوم الانتساب وتجديد العضويات الذي أثار جدلا كبيرا، بأن هناك تداخلا بين البيانات المالية للعام الماضي 2022 والعام الجاري 2023، وهو ما يتنافى والشفافية في القوائم المالية.
الصحفيون الفلسطينيون بحاجة لإجابات واضحة وشافية من الجهة المسيطرة على نقابة الصحفيين، وأن تشرح لهم وتوضح حقيقة الأرقام المالية التي ورد في تقريرها؟ فهل تُسرق أموال الصحفيين كما تُسرق أصواتهم الانتخابية؟!