رفيق درب الشيخ المؤسس أحمد ياسين، وشريكه في محطات النضال المختلفة، هكذا عُرف الشيخ المجاهد محمد حسن شمعة "أبو الحسن" أحد أهم رموز العمل الدعوي الفلسطيني وأحد مؤسسي حركة المقاومة الإسلامية "حماس".
ويوافق اليوم الذكرى الثانية عشرة لرحيل علم من أعلام حركة حماس ومؤسس من مؤسسيها الأوائل والمربي الذي أفنى حياته في سبيل دينه ووطنه ودعوته الشيخ محمد حسن شمعة، كما يُعتبر الشيخ شمعة أحد رموز جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين.
حياة المؤسس شمعة كانت زاخرة بالعطاء والتضحية وحب الوطن، فكان له باعٌ طويل في شتى المجالات التي أسهمت في بناء المجتمع الفلسطيني في المجال الدعوي والاجتماعي والمؤسساتي، على الرغم من أنه عاش حياته بعيداً عن الأضواء ويعمل بصمت ويحمل على كتفيه همّا عظيما.
النشأة
ولد الشيخ المجاهد محمد حسن خليل شمعة "أبو حسن" في الخامس والعشرين من أغسطس عام 1937م بمدينة المجدل المحتلة، وتلقى تعليمه فيها حتى الصف الخامس الأساسي، ثم أكمل دراسته بعد ذلك بمدينة غزة، وذلك بعد أن هجر الاحتلال عائلته مع عشرات الآلاف من أهالي المدن والقرى الفلسطينية إلى قطاع غزة في نكبة شعبنا عام 1948م.
حصل الشيخ أبو الحسن على دبلوم المعلمين عام 1956م، من معهد المعلمين بغزة التابع لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ثم عُين معلماً في مدارس وكالة الغوث حتى عام 1996م، وحصل على دبلومين متوسطين من معهد التربية التابع للأونروا بالعاصمة اللبنانية بيروت، بينما تزوج في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، وأنجب اثني عشر من الأبناء.
في طريق الدعوة
عمل الشيخ أبو الحسن لأكثر من عشرين عاما في صفوف الإخوان المسلمين في قطاع غزة، وكان له الدور الكبير في ترتيب التنظيم وتفعيله في القطاع، قبل مشاركته مع الشيخ المؤسس أحمد ياسين وعدد من قادة الحركة في تأسيس حركة حماس في الرابع عشر من ديسمبر عام1987م.
كانت طريق الشيخ "أبو حسن" في مسيرته الجهادية شائكة، حيث اعتقله الاحتلال الصهيوني عام 1988م بعد اندلاع الانتفاضة الأولى، ثم أُبعد عام 1992م إلى مرج الزهور في جنوب لبنان مع المئات من قيادات العمل الإسلامي في الضفة وغزة.
وواجه الشيخ العديد من المحطات والمواقف المهمة في حياته نظرا لهمته العالية في العمل من أجل دينه ووطنه، حيث اعتقل مرةً أخرى بعد عودته من الإبعاد أكثر من ثلاثة أشهر بتهمة قيادته للمبعدين، إلى جانب ملاحقة الاحتلال له، لاقى الشيخ أبو الحسن شمعة الكثير من المضايقات من قبل أجهزة السلطة في غزة، وذلك بسبب مواقفه الصارمة من مقاومة الاحتلال الصهيوني.
مجالات شتى
كان للشيخ شمعة الكثير من الإنجازات التي ساهمت في بناء المجتمع الفلسطيني وتقدمه في مجالات شتى، إذ بدأ في مسيرته الدعوية من خلال إلقاء المحاضرات، والخطب المؤثرة، والمواعظ الإرشادية في مساجد قطاع غزة ومدن وقرى الداخل المحتل عام 1948م ومدن الضفة الغربية سعيا منه في بناء المجتمع الإسلامي القادر على مواجهة مخططات الاحتلال ومشاريعه التهويدية.
ونشط شيخنا في المجال الاجتماعي حيث كان يعمل على حل الكثير من الخلافات العالقة بين العائلات والتنظيمات، بالإضافة إلى رعاية الأيتام وخصوصا أبناء الشهداء، وتقديم المساعدات المادية والمعنوية والتعليمية كافة.
وكانت العقلية المؤسساتية تطغى على تفكير المؤسس شمعة، ما جعل له السبق في المشاركة في تأسيس العديد من المؤسسات التي تخدم المشروع الإسلامي في فلسطين، منها: جمعية المجمع الإسلامي عام1979م، والجامعة الإسلامية عام 1978م، ومدرسة دار الأرقم عام 2001م.
الدور المهني
شغل المؤسس شمعة العديد من المناصب المهنية والأدوار الاجتماعية، أبرزها: رئيس مجلس شورى حركة حماس في قطاع غزة، ونائب رئيس جمعية المجمع الإسلامي في غزة منذ عام 1985م حتى عام 2003، ثم أصبح رئيسا لها.
كما تقلّد منصب عضو مجلس أمناء الجامعة الإسلامية عام 1993م، وتولى رئاسة مجلس أمناء مدارس دار الأرقم عام2001م.
وكان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية قد أشاد بمناقب المؤسس الراحل الشيخ أبو حسن شمعة قائلا: "كلما رأينا شمعة أحسسنا بعظم المسؤولية وبموروث فلسطين التي جاهد فيها المجاهدون، وإن شمعة سيبقى في قلوبنا وعقولنا وعقيدتنا".
وأضاف هنية "عيوننا تفتحت عليه، فرأيناه أمامنا في كل محطة وفي كل مرحلة، فكان مرجعًا وموئلاً وشجرةً يستظل بها الناس".
وفاته
توفي الشيخ المؤسس محمد حسن شمعة صباح يوم الجمعة في العاشر من يونيو عام2011م، بعد إصابته بجلطة دماغية حادة عن عمر ناهز 76عاماً، تاركاً خلفه إرثاً عظيماً بناه بسنوات من الجهاد والعطاء والتضحية المتواصلة، لتظل بصماته حاضرة ترسم طريق النصر والتحرير.
المصدر: حركة حماس