لا تعكس الوقائع في البلدة القديمة ومحيط المسجد الأقصى المبارك، سوى حرب دينية شعواء تستهدف الوجود المقدسي والقضاء على الأغلبية الفلسطينية في المدينة المقدسة لصالح الاستيطان والجمعيات الاستيطانية.
وتحت ذرائع الإخلاء وحجج عدم الترخيص أو أملاك الغائبين أو إقامة مشاريع صهيونية، تصعد حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة هجمتها ضد المقدسيين، ومؤخرا جاء قرار إخلاء عائلة صب لبن المقدسية التي أخطرها الاحتلال بإخلاء المنزل بعد نزاع قانوني في المحاكم (الإسرائيلية) منذ 45 عاما.
وحددت سلطات الاحتلال، اليوم الحادي عشر من حزيران/يونيو، موعدًا نهائيًا لإخلاء عائلة صب لبن من بيتها في عقبة الخالدية بالبلدة القديمة، لصالح المستوطنين.
ويوم الخميس الماضي، قال مكتب الاتحاد الأوروبي إن نحو 150 عائلة فلسطينية في شرقي القدس مهددة بخطر الإخلاء والتهجير القسري من سلطات الاحتلال.
وجدد الاتحاد التأكيد على معارضته لسياسة الاستيطان (الإسرائيلية)، والإجراءات المتخذة في هذا السياق، بما في ذلك عمليات الإخلاء القسري.
ممارسة مدمرة
وقالت منسقة الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة لين هاستينغز، إن المئات من الفلسطينيين في القدس المحتلة معرضون لخطر الإخلاء القسري.
وأضافت المنسقة الأممية، في تغريدة لها على موقع "تويتر"، "اليوم الأحد "قد يتم إخلاء مسنين من عائلة صب لبن من بيتهما الذي عاشا فيه منذ عام 1954 في البلدة القديمة من مدينة القدس".
وأوضحت أن المئات من الفلسطينيين معرضون لخطر الإخلاء القسري في القدس، مؤكدة أن "هذه الممارسة المدمرة، والتي تتعارض مع القانون الدولي يجب أن تنتهي".
ويؤكد المختص في شؤون القدس، فخري أبو دياب، أن سلطات الاحتلال تسعى لحسم موضوع القدس وتغيير التركيبة السكانية والسيطرة عليها، وخاصة البلدة القديمة ومنطقة ما يسمى "الحوض المقدس".
ويضيف أبو دياب في حديثه لـ (الرسالة) أن هناك أولوية لدى حكومة الاحتلال قائمة على تقليل عدد السكان الفلسطينيين والاستيلاء على البلدة ومحيط الأقصى والتي تزيد عن 27500 دونما؛ من أجل تسهيل الانقضاض على المسجد الأقصى.
ويبين أن ما يجري هو تطهير عرقي يمارس ضد المقدسيين الذين لا يستطيعون البناء ولم تعطهم سلطات الاحتلال ولو رخصة واحدة منذ عام 1967 بحجة أن البلدة مناطق أثرية وتاريخية، فيما تسمح للمستوطنين بالبناء فيها.
ويوضح أبو دياب أن حكومة نتنياهو جزء من جماعات الهيكل التي تريد تجسيد الرؤية والأيديلوجية على محيط الأقصى وتطبيق مخطط التقسيم القائم على إقامة الهيكل والحدائق التوراتية والكنس اليهودية لتغيير المشهد في المنطقة.
ويشير إلى أن ما يجري محاولة لإخفاء المعالم المقدسية والهوية العربية والإسلامية والوجود العربي الذي يحمي المقدسات، لذلك الاحتلال يسخر كل إمكانياته لتغيير الواقع في المسجد الأقصى.
ويرى مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والقانونية زياد الحموري، أن الحرب الدينية يشنها الاحتلال منذ النكبة عام 1948 وهي مقصودة في القدس بشكل خاص.
ويضيف الحموري في حديثه لـ (الرسالة) أن الاحتلال والجمعيات الاستيطانية يسعون بكل الوسائل للسيطرة على بيوت المقدسيين من خلال تزوير الأوراق أو قانون استعادة الملكية أو قانون أملاك الغائبين التي أنشأت لتهويد البلدة القديمة وأبرزها بيت حنينا وسلوان وحي بطن الهوى وغيرها.
ويبين أن جميع الإجراءات تعكس الحرب الديمغرافية والدينية التي تستهدف تقليل الوجود الفلسطيني لأدنى مستوى لحساب تعزيز الاستيطان والمستوطنات، لافتا إلى أن المقدسيين يحاولون بذل قصارى جهدهم بكل الوسائل المتاحة للبقاء والرباط في القدس.