يعتبر جثمان الأسير ناصر أبو حميد الذي استشهد داخل سجون الاحتلال هو أحدث جثمان يكمل عقوبته بالسجن بعد موته داخل ثلاجة باردة، أو داخل قبر مجهول العنوان.
وفي آخر المحاولات أطلقت أمهات الشهداء الأسرى صرخة جديدة في يناير الماضي للإفراج عن جثامين أبنائهم المحتجزة والبالغ عددها أحد عشر، من 256 جثمانا آخرى محتجزة في مقابر سرية يعطى فيها كل قبر رقما لا يعرف بصاحبه تعريفا كاملا ولا يعطي عائلته فرصة معرفة المكان ولا آلية الدفن.
وقد كشف الاحتلال مؤخرا عن ثلاثة مقابر جماعية بعد أن كانت مجهولة أولها مقبرة جسر بنات يعقوب على الحدود السورية التي تأسست عام 1982 وتضم 500 قبر مجهول، ومقبرة ريفيديم بالقرب من غور الأردن والتي أسماها مقبرة ضحايا العدو وفيها 400 قبر، ومقبرة أخرى في غور الأردن وقد تأسست في عام 1973 ولا يعرف عدد القبور فيها ومقبرة شحيطة شمال طبرية بها 351 جثمانا تعود لما قبل 1975 لشهداء خاضوا معارك ضد الاحتلال.
هذه الأرقام لا تعطي إحصائية نهائية لعدد الجثامين المحتجزة لأن جلهم في عداد المفقودين، وهذا يطرح علامة استفهام كبيرة عن سياسة الاحتلال المخفية للتعامل مع هذه الجثامين بحيث لا تعترف بعد كل هذه الأرقام إلا باحتجاز 256 جثمانا، عدا عن أحد عشر أسيرا جثامينهم مجمدة في ثلاجات.
وقد أعلن وزير الأمن الداخلي (الإسرائيلي) (جلعاد أردان) ووزيرة القضاء (شكيد) قبل خمسة أعوام بأنهما سيقدمان مشروع قانون للكنيست (الإسرائيلي)، يسمح باحتجاز جثامين الشهداء بغرض المساومة والمفاوضات، وتقليص صلاحيات المحكمة العليا (الإسرائيلية) وإخضاعها لمشيئة الحكومة.
ووفقا لحسن عبد ربه المتحدث باسم هيئة شؤون الأسرى فإن المعلومات التي لدى الفلسطينيين هي التي وفرها الاحتلال لهم، فجثامين الأسرى الشهداء الأحد عشر محتجزة في معهد أبو كبير للطب الشرعي داخل ثلاجات، ولا يسمح للفلسطينيين برؤيتهم أو زيارتهم ولا أحد من ذويهم أما الأسير أنيس دولة المحتجز منذ عام 1980 فيدعي الاحتلال أن جثمانه مفقود.
ويلفت عبد ربه إلى أن سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) تشرعن عنصريتها في التعامل مع القضية، علما بأن سلطات الاحتلال تطبق ما يحلو لها من إجراءات تعسفية بحق الأسرى بغض النظر إن كانت هناك تشريعات بذلك أو لا.
ويقول المنسق الإعلامي لحملة استرداد جثامين الشهداء حسين شجاعية إن الاحتلال لا يعترف بالقوانين والقيم الإنسانية وهو الذي يعمل على المماطلة في علاج الأسرى وقتلهم بشكل غير مباشر أولا ثم يحتجز جثامينهم بعد موتهم كنوع من العقاب.
ويلفت شجاعية إلى أن سياسة الحملة في التعامل مع جثامين الأسرى لا تفرق بين الأسير والشهيد فالمتابعة القانونية للحملة تتم بذات الطريقة، لكن الاحتلال لا يعترف بكل هذه الأرقام التي مر عليها الكثير من السنوات.
ويؤكد أن الاحتلال لا يعترف إلا بــ256 جثمانا ولكن الأرقام التي الموثقة لديهم هي 385، بالإضافة لتوثيق 75 جثمانا مفقودا.
ويشير شجاعية إلى أن صعوبة الجهود القانونية في استرداد جثامين الشهداء تعود لضرب الاحتلال بالقوانين الدولية عرض الحائط، ووضع العراقيل تجاه تقدم هذا الملف، وهو دليل على عقلية الاحتلال الإجرامية ونهجه العنصري، مطالبا بالضغط وبأن يكون هذا الملف على سلم أولويات الحكومة الفلسطينية.
ويحتجز الاحتلال جثامين 11 أسيرًا، وهم: الأسير المفقود جثمانه أنيس دولة منذ عام 1980، وعزيز عويسات منذ 2018، وفارس بارود، ونصار طقاطقة، وبسام السايح منذ عام 2019، وسعدي الغرابلي، وكمال أبو وعر منذ عام 2020، سامي العمور منذ 2021، وداود الزبيدي ومحمد تركمان وناصر أبو حميد 2022.