قائمة الموقع

(إسرائيل) تُقر بعدم قدرتها على إفشال اتفاق بين أمريكا وإيران

2023-06-18T15:30:00+03:00
الرسالة نت- القدس المحتلة

وصف رئيس الوزراء الاحتلال (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو هذا الأسبوع أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست، الصفقة التي يتم التفاوض بشأنها "باتفاق مصغر" خلف أبواب مغلقة، بحسب وسائل إعلام عبرية.

تجنب نتنياهو منذ توليه منصبه، بخلاف بعض الإشارات البسيطة، عن التطرق لمحادثات القناة الخلفية بين واشنطن وطهران بشكل صريح.

فقد أفل السياسي المتحمس الذي شن حملة عالمية غير مسبوقة منذ ما يقرب من عقد من الزمان ضد الاتفاق الناشئ بين القوى العالمية وإيران بشأن كبح برنامج طهران النووي.

وفشلت جهوده الحثيثة في ذلك الوقت في عرقلة اتفاقية 2015، على الرغم من أنها أدت إلى انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة في عام 2018.

وفقًا لتقدير (إسرائيل) الحالي، ستتفق الولايات المتحدة وإيران على صيغة "الأقل مقابل الأقل" (ضغط /عقوبات أمريكية أقل على إيران، مقابل تنازلات إيرانية محدودة) أو "التجميد مقابل التجميد" (تجميد العقوبات الأمريكية في مقابل تجميد إيران بعض أنشطتها النووية).

ربما لا تقوم واشنطن وطهران بتثبيتها في وثيقة رسمية مكتوبة وموقعة. وبدلًا من ذلك، سيقومون بتنفيذها من خلال بوادر حسن نية، مما يسمح للرئيس جو بايدن بتجاوز الحاجة إلى موافقة الكونجرس وفي نفس الوقت كبح اندفاع إيران نحو التسلح النووي.

على وجه التحديد، ووفقًا لتقدير (إسرائيل)، فإن الصفقة تقتضي الوقف الفوري لتخصيب إيران لليورانيوم لأغراض عسكرية وايقافه عند مستوى 60%؛ وجزء من اليورانيوم محدد حتى مستوى 20%.

ستجمد إيران أيضًا تطويرها المتقدم للصواريخ الباليستية، فضلًا عن نقل الطائرات الهجومية بدون طيار إلى روسيا، والتعاون مع عمليات التفتيش الدولية لمخزونات اليورانيوم لديها، والإفراج عن ثلاثة أمريكيين تحتجزهم، والذي تصفه الولايات المتحدة احتجاز بتهم تجسس كاذبة.

ستوقف الولايات المتحدة، من جانبها، تجميد نحو 20 مليار دولار من الأصول الإيرانية المودعة في بنوك أجنبية مختلفة، وتلتزم بالسماح بمرور ناقلات الوقود الإيرانية دون قيود في المياه الدولية، وتتجنب تقديم قرارات مناهضة لإيران في الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقد قال مصدر دبلوماسي (إسرائيلي) رفيع "للمونيتور" طلب عدم الكشف عن هويته: "يمكن التوصل إلى اتفاقات بهذا الحجم بسرعة نسبية". "هذه صفقة مبدئية سريعة، وهي نوع من التسويق لمزيد من الاتصالات المكثفة في المستقبل.

إنها تسمح لبايدن بتثبيط عزيمة الإيرانيين، وتخفيف التوترات، وتجميد السباق النووي الإيراني، ودفع ثمن معقول نسبيًا. لذلك وعشية بدء الحملة الرئاسية، تبدو الصيغة رابحة.

الهدوء النسبي الذي تتعامل به (إسرائيل) مع هذه التطورات ينبع أولًا وقبل كل شيء من موقف نتنياهو السياسي غير المستقر. فهو يتعرض للعواصف على كل الجبهات تقريبًا: شركاء متشددون يطالبون بتمرير الإصلاح القضائي الذي تقدمه حكومته، وتمرد داخل حزبه الليكود ضد ما يُنظر إليه على أنه تباطؤ في الإصلاح، وتراجع شعبيته، احتجاجات جماهيرية داعمة للديمقراطية، معارضة حازمة في الكنيست واستمرار محاكمته بتهمة الفساد.

وهو بحاجة ماسة إلى دعم إدارة بايدن التي تتمنع عن إعطائه الغطاء، ويواصل تعليق آماله ورغبته في تطبيع للعلاقات مع المملكة العربية السعودية.

وقد قال مصدر كبير مقرب من رئيس الوزراء "للمونيتور" إن نتنياهو قد يكون على استعداد لغض الطرف عن اتفاق واشنطن وطهران مقابل محاولة بايدن الجادة لتحقيق التطبيع السعودي مع (إسرائيل). ومع ذلك، قال إن فرص حدوث مثل هذا التطور ضئيلة.

وأضاف المصدر: "على الأرجح فإن الأمريكيين يتلاعبون مع نتنياهو في القضية السعودية، ويخلقون التوقعات والأوهام من أجل تهدئته في القضية الإيرانية. وبعد التوصل إلى اتفاق مع إيران، سيكون قد فات الأوان للندم على ذلك. ليس من المؤكد أن الادارة ستكون قادرة على انجاز المهمة في الموضوع السعودي".

عندها سيجد نتنياهو نفسه ضحية التكتيكات التي يستخدمها تجاه خصومه، حيث سيدفع الثمن لكنه يفشل في الحصول على النتيجة المرجوة.

ينبع ضبط (إسرائيل) للنفس فيما يتعلق بالتفاهم مع إيران أيضًا من خلال تقييم متزن لتأثيرها المحدود للغاية على سياسة الإدارة تجاه إيران، وهو أقل مما كان عليه حتى خلال علاقتها المتوترة مع إدارة أوباما قبل عقد تقريبًا. علاوة على ذلك، يعتقد عدد غير قليل من كبار المسؤولين العسكريين أن أي اتفاق مع الإيرانيين سيء، لكن البديل أسوأ بكثير.

وقد صرح مصدر عسكري (إسرائيلي) سابق رفيع المستوى "للمونيتور" طلب عدم الكشف عن هويته قائلًا: "في الوقت الحالي، لا يمكن لأحد أن يمنع جهود إيران المستمرة للتخصيب والتسلح". "هذا يترك فقط خيار الاتفاق المحدود."

يمكن لـ(إسرائيل) أن تستفيد فعلًا من مثل هذا الاتفاق غير المكتوب لأنه لن يكون ملزمًا لحكومة نتنياهو.

وقال المصدر العسكري الكبير السابق: "من الواضح أن الاتفاق المكتوب بين الولايات المتحدة وإيران يلحق ضررًا شديدًا بحرية (إسرائيل) في العمل في إيران، إذا توصلت إلى قرار بأن الهجوم العسكري أمر لا مفر منه". ويضيف المصدر "أن يأمر رئيس وزراء إسرائيلي بشن هجوم عسكري على دولة وقعت اتفاقية مع الولايات المتحدة، فهذا سيناريو لا يمكن تصوره. من ناحية أخرى، إذا لم يتم التوقيع على التفاهمات وتثبيتها في اتفاق رسمي، فإن (إسرائيل) ستشعر بقدر أكبر من الحرية".

تحول الميزان الاستراتيجي بين (إسرائيل) وإيران في الاشهر الاخيرة على حساب (إسرائيل). حيث أدى التحالف بين إيران وروسيا، على خلفية الحرب في أوكرانيا، إلى تحسن كبير في وصول إيران إلى التقنيات العسكرية المتقدمة وإثراء القدرات الإيرانية. في الوقت نفسه، عززت الأزمة الحادة في العلاقات بين (إسرائيل) والولايات المتحدة في ظل حكومة نتنياهو السادسة، وتزايد موطئ قدم الصين في المنطقة؛ الذي أدى إلى المصالحة مع المملكة العربية السعودية وجيرانها الخليجيين وطهران، مكانة إيران على حساب (إسرائيل).

أدت هذه التطورات المتسارعة، بالإضافة إلى استمرار الاحتجاجات المناهضة للحكومة في (إسرائيل) والتي تزعزع استقرار المجتمع والاقتصاد والمؤسسة الأمنية، إلى انعكاس مذهل في ميزان القوى بين (إسرائيل) وإيران في غضون أشهر قليلة فقط. بالنظر إلى هذا الوضع، لا تحتمل (إسرائيل) أن تبدأ في شن حملة دولية أخرى ضد صفقة مع طهران، وبالتالي فهي تحاول الاختفاء عن الأنظار. بدلًا من ذلك، تحاول الالتفاف على التقارب بين الولايات المتحدة وإيران من خلال التقارب الإسرائيلي مع المملكة العربية السعودية. يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستنجح أو ستنفجر في وجهها.

 

ترجمة مركز الدراسات السياسية والتنموية

اخبار ذات صلة