قائمة الموقع

ترجمة خاصة: أحداث جنين سيناريو مصغر لحال الضفة ما بعد عباس

2023-06-22T13:42:00+03:00
الرسالة نت- القدس المحتلة

كتب هيرب كينون المحلل والكاتب في مجال الدبلوماسية والسياسة في صحيفة جيروزاليم بوست مقالا حول أحداث جنين وـأثيرتها على المشهد في الضفة الغربية فيما يلي نصه:

يومًا بعد يوم، وليلة بعد ليلة، يدخل جنود الاحتلال المدن والقرى ومخيمات اللاجئين الفلسطينية بحثًا عما أسماهم (بالمشتبهين بـالإرهاب) ويقومون باعتقالات.

تواجه القوات دائمًا بعض المقاومة: إطلاق نار، قنابل حارقة، أشياء ثقيلة تسقط من فوق أسطح المنازل، وابل من الحجارة. وعلى نحو متزايد، يقوم الفلسطينيون بتفجير القنابل المزروعة على جانب الطرق.

عادة ما تكون المداهمات ناجحة: يتم القبض على المشتبه بهم، وتغادر قوات الجيش (الإسرائيلي) في الغالب دون أن يصاب أحد من الجنود بأذى. لكن في بعض الحالات -مثل يوم الإثنين في جنين-تقع إصابات: أصيب خمسة من أفراد شرطة الحدود وجنديان (إسرائيليان) بجروح عندما انفجرت قنبلة قوية على جانب الطريق بجانب عرباتهم المدرعة في جنين. هذه المداهمات هي عنصر مهم في الحفاظ على أمن (إسرائيل).

عمليات الجيش (الإسرائيلي) هي لمنع الهجمات:

لقد كان لهذه العمليات دور حيوي في خفض مستوى العمليات خلال الانتفاضة الثانية، بمجرد اتخاذ القرار في عام 2002 للجيش الإسرائيلي بإعادة دخول المدن الفلسطينية، وكانت ومازالت هذه العمليات أساسية خلال العام ونصف العام الماضيين في منع موجة صغيرة من العمليات من التحول إلى موجة كبيرة تنتشر في جميع البلاد.

كما صرح مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي في مقابلة مع (كان بيت) يوم الإثنين، يعمل الجنود في بيئة معادية جدًا في جنين، لمنع الهجمات في قلب المدن (الإسرائيلية).

وقال: "إذا لم نواجه تلك القنابل المزروعة على جوانب الطرق في جنين، فسوف نواجهها في حافلات في القدس أو في سيارات مفخخة في (تل أبيب). علينا أن ننقل المعركة إلى ساحة العدو". "هذا ما فعله الجيش (الإسرائيلي) منذ شهور، محققًا نتائج مذهلة. لكنها ليست معركة سهلة.

كانت معركة يوم الاثنين صعبة بشكل خاص وتطلبت استخدام مروحية هجومية من طراز أباتشي للمساعدة في انقاذ الجرحى، وهي المرة الأولى التي تُستخدم فيها القوة الجوية خلال عملية في الضفة الغربية منذ حوالي 20 عامًا، أي منذ الانتفاضة الثانية.

يقول قائد العمليات المركزية السابق الجنرال المتقاعد "غادي شامني"، إن هناك مقولة في الجيش الإسرائيلي مفادها أنه في التعامل مع "إرهاب" الضفة الغربية، من الأفضل استخدام M-16 بدلًا من F-16، قاصدًا استخدام القوات البرية بدلًا من القوة الجوية.

والسبب في ذلك ليس فقط لأن القوة الجوية أكثر تدميرًا بكثير ولكن أيضًا لأن استخدام القوة الجوية ضد مدن الضفة الغربية لا يؤدي إلا إلى تعزيز الروح الفلسطينية. يضيف شامني: "إذا استخدمت هذه الأدوات، فإنهم يقولون، أي الفلسطينيون، انظر إلى مدى جدية التهديد الذي نُشكله على (إسرائيل)".

بسبب عدم الرغبة في تغذية الروح الفلسطينية أو إعطاء (الإرهابيين) وفق تعبيره أي (صورة انتصار)، أمضى الجيش (الإسرائيلي) ساعات تحت نيران كثيفة يوم الاثنين من أجل إخراج المركبات المعطلة من جنين بمجرد إجلاء الجنود المصابين بنجاح.

كان استخدام الطيران المروحي لضمان إخلاء جنود الجيش (الإسرائيلي) بمثابة تذكير للمنظمات الفلسطينية بقدرات الجيش. لكن حقيقة أن الجيش (الإسرائيلي) كان بحاجة حتى إلى نشر المروحيات، بالإضافة إلى إطلاق صاروخ على المسلحين الأمر الذي يجعل إخلاء الجرحى صعبًا، وقد أطلق الجيش أيضًا قنابل إنارة لخداع الصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف، والتي كشفت عن القدرات الفلسطينية أيضًا.

كشف نوع القنبلة المزروعة على جانب الطريق التي استخدمت ضد عربات الجيش (الإسرائيلي) في جنين يوم الاثنين عن قدرات عسكرية مزعجة. لم يكن هذا "فقط" فلسطينيا منفردًا يطلق النار على جنود الاحتلال أو على سيارات (إسرائيلية). بل إن تركيب وتفجير هذا النوع من القنابل يشير إلى وجود بنية تحتية في جنين لمجموعة مختلفة.

(إسرائيل) على دراية بهذه القدرات منذ فترة:

سيستلزم هذا النوع من القدرات، إعادة تقويم التكتيكات (الإسرائيلية).

لطالما كانت المؤسسة الأمنية (الإسرائيلية) على دراية بهذه القدرات. لطالما كانت على علم باستثمارات حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي في بناء البنية التحتية في هذه المنطقة الساخنة من الضفة الغربية.

صرح الشهر الماضي، رئيس الشاباك رونين بار، علنًا أن (إسرائيل) أحبطت محاولة الجهاد الإسلامي لإنتاج صواريخ ومنصة إطلاق صواريخ في مخيم جنين للاجئين لإطلاقها على (إسرائيل)، تمامًا مثل الصواريخ التي يتم إطلاقها على الدولة اليهودية من غزة.

القدرات العسكرية في شمال الضفة الغربية ليست جديدة على المؤسسة الأمنية، لكن صور انفجار عبوة ناسفة يوم الإثنين بمركبات للجيش (الإسرائيلي) انتشر ليعلم به عموم الجمهور. سماع المسؤولين الأمنيين والخبراء يتحدثون عن هذه القدرات شيء. وأن تستيقظ وترى صور قنبلة مزروعة على جانب الطريق شيء آخر، الأمر الذي يعيد ذكريات لبنان.

كان بعض الفلسطينيين يحتفلون "بالانتصار" يوم الإثنين حيث انتشرت مقاطع انفجار بجانب مركبات الجيش الإسرائيلي. لكن من المرجح أن يكون هذا انتصارًا أجوفًا. يُعتبر الجيش بارعًا في تعلم الدروس وسيدرس بلا شك ما حدث يوم الاثنين وسيعدل تكتيكاته وفقًا لذلك.

الشيء الوحيد الذي لن تفعله أحداث يوم الإثنين هو ردع الجيش (الإسرائيلي) عن شن غارات ليلية لاعتقال المقاومين، حيث أصبح ذلك عنصرًا مركزيًا في إبقاء العمليات عند مستوى منخفض نسبيا.

بالإضافة إلى تعزز القدرة العسكرية للمقاومين، كشف تفجير يوم الإثنين على جانب الطريق عن شيء آخر يعرفه الجميع على المستوى النظري ولكن لا يقدره حقًا إلا عندما يتضح عمليًا: السلطة الفلسطينية ليس لها أي سيطرة في جنين ولا في شمال الضفة الغربية.

تُظهر قدرة المنظمات على تركيب وتفجير هذه الأنواع من العبوات المعقدة المزروعة على جانب الطريق أن بنية تحتية كبيرة نشأت دون عوائق من قبل السلطة الفلسطينية. كانت جنين وشمال الضفة الغربية النقطة المحورية للمقاومة ضد (إسرائيل) خلال الأشهر العديدة الماضية لأنه لا يوجد حكم فلسطيني أو احتكار لاستخدام القوة هناك من قبل السلطة. نشأ فراغ، وفي هذا الفراغ تزدهر حماس والجهاد الإسلامي وغيرها من المنظمات .

جنين اليوم، حيث فقدت السلطة الفلسطينية سيطرتها، هي عينة مرعبة لما قد يظهر في جميع أنحاء الضفة الغربية في اليوم التالي لوفاة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أو إذا لم يعد بإمكانه الاستمرار في منصبه الحالي.

إذا كان عجز السلطة الفلسطينية يتركز الآن في جنين وشمال الضفة الغربية، فإن هذا العجز سوف ينتشر عبر المناطق عندما يغادر عباس المشهد. حاليًا، الجيش الإسرائيلي يكافح لمعرفة كيفية التعامل مع الفراغ الذي خلفته السلطة الفلسطينية

المصدر: مركز الدراسات السياسية والتنموية

اخبار ذات صلة
مَا زلتِ لِي عِشْقاً
2017-01-16T14:45:10+02:00