قائمة الموقع

لماذا يريد الاحتلال القضاء على جنين؟

2023-07-04T08:45:00+03:00
الرسالة نت-رشا فرحات

لم يكن عبثا أن تولد المقاومة الشعبية المنظمة وغير المنظمة من مخيم جنين الذي ضم مهاجرين من مدن فلسطينية صودر حقها في الحياة، من القرى التي نزح عنها أصحابها قسرا وقتل أبناؤها ودفنوا في ترابها ظلما، من الناصرة وحيفا ويافا، ليتوارث أبناء هذا المخيم الثورة والبطولة ميراثا صلدا يزداد قوة كلما عتق.

وبينما توارث أبناء المخيم مقاومتهم أبا عن جد، توارث الاحتلال الرعب من المخيم الذي يكبر وتتسع رقعة مقاومته بين كل مواجهة وأخرى، فهو الذي كان يظن أنه قضى على كل أشكال المقاومة حينما ردم البيوت فوق أجساد المقاومين في 2002 وها هو اليوم يعود إلى نقطة الصفر ويضطر لمقاومة جيش جرار لم يسمح له هذه المرة حتى الدخول إلى عمق المخيم.

يخاف الاحتلال من جنين، الشوكة المعلقة في حلق تاريخ كامل، منذ أيام الحكم العثماني، واليوم ترعب استراتيجية المقاومة هذا الاحتلال لأنها تزيد الحاضنة الشعبية وتجعلها أقوى وتحصنه ضد الموت.

المحلل السياسي سليمان بشارات يقول: "الاحتلال يحاول إنهاء نموذج جنين، نموذج تفردت به جنين على مر التاريخ للعمل المقاوم، والاحتلال يخاف من بقائه لكيلا يكون حاضنة لأي عمل مقاوم في الضفة وملجأ للمقاومين، ولكيلا يكون ملهما فيتكرر في مدن أو قرى أخرى، فقد انتقل فعليا العمل في جنين إلى محافظات أخرى، وأصبح هناك تنافس ومباهاة في تعزيز روح المقاومة وهذا يخيف الاحتلال.

ويضيف بشارات: "ما جرى في الاجتياح الأخير من إعطاب الآليات العسكرية الضخمة أخاف الاحتلال من التطور في التكتيك والأدوات والقدرات العسكرية بين المقاومين في جنين، وبالتالي هو يريد معاقبة المخيم من خلال إنهاء الحالة، أو على الأقل إبطاء عملية تطويرها خلال الفترة المقبلة".

محاولات الاحتلال في الفترة الأخيرة كانت عبثا دون تقديم أي نتائج وهذا ما أيده بشارات، موضحا أن جنين عبر التاريخ الفلسطيني كانت البوابة الرئيسية للمواجهة منذ الاحتلال البريطاني، فهي الحد الفاصل بين حدود الكيان (الإسرائيلي) عام 48 وهي أقرب منطقة جغرافية يمكن من خلالها الدخول إلى عمق الاحتلال (الإسرائيلي).

ومن المعروف أن طبيعة التركيبة الثقافية في مخيم جنين ومدينتها ترفض السيطرة، فهي دائما غير خاضعة لأي احتلال، حتى أنها كثيرا ما تحدت سياسة السلطة الفلسطينية، وهذا يشكل حالة خوف مستمرة لدى الاحتلال حسب اعتقاد بشارات.

 ويذكر بشارات بأن الاحتلال حاول إنهاء هذا النموذج في عملية السور الواقي، ولكن رغم كل هذه المجازر تطور نموذج المقاومة أكثر وأكثر، وظلت جنين هي من يحرك الميدان ويتصدر المشهد ويتبعها باقي المحافظات، لذا يرى الاحتلال أنه من الواجب القضاء عليه سريعا.

جيل جديد نما ولم ينس وأكمل سيرة مقاومة جنين، وعادت المقاومة على شكل (كتيبة جنين). وبالفعل امتدت، لتتشكل (عرين الأسود) في نابلس.

إبراهيم ربايعة الأستاذ في جامعة بيرزيت يؤكد أن طبيعة التجربة تجعل الاحتلال يأخذ دائما الحيطة والحذر من جنين، فتجربتها ثورية منذ عام 1920 وهي الأقرب إلى الداخل المحتل، وبالتالي كانت منطقة احتكاك رغم غياب حالة الاستيطان عنها مقارنة بالبلدات الفلسطينية الأخرى.

ويعتقد أن المناطق الملاصقة للاستيطان كان فيها احتكاك يومي مع الاحتلال ومستوطنيه، لكن جنين أعطيت الفرصة لعدم وجود الاحتكاك ليكون هناك حالة من الإعداد للمقاومة بشكل أكثر تنظيما.

ويذكّر ربايعة بما كتبه التاريخ، حيث أن جنين هي الوحيدة في الضفة التي احتلت عام 48 واعيد تحريرها في معركة جنين الثانية في نفس العام لتؤخر سقوط الضفة الغربية تسعة عشر عاما.

ويبين أن الثورة الكبرى في عام 36 انطلقت من جنين، كما أن التكوينات العسكرية في ذلك الوقت كان مركزها جنين، وهذا يعني أن هناك ذاكرة حية للمقاومة في جنين، تجلت في عام 2002 على حد تعبيره.

 

 

 

اخبار ذات صلة