إحاطة معلوماتية
تواصل السلطة الفلسطينية انتهاك حقوق وحريات طلبة الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، عبر ممارسة أجهزتها الأمنية سياسة الاعتقال السياسي دون توجيه تهم إليهم، على خلفية عملهم النقابي وانتماءاتهم السياسية الحزبية والتعبير عن الرأي، إذ تصاعدت وتيرة الاستدعاءات والاعتقالات السياسية التي استَهدَفَت طلبةَ الجامعات بعد نتائج انتخابات مجالس الطلبة في جامعات الضفة، ضمن سياسة الإقصاء السياسي التي تمارسها أجهزة السلطة بحقهم.
قال المحامي في مجموعة "محامون من أجل العدالة"، ظافر صعايدة، إن اعتقالات الأجهزة الأمنية الفلسطينية غير شرعية لأنها تأتي دون مذكرات قانونية، وبذرائع غير واضحة تحت بنود، منها: إثارة النعرات، وإتلاف أملاك عامة، والتجمهر غير المشروع، وجمع أموال بطرق غير شرعية، و"الذم الواقع على السلطة"، و"قدح مقامات عليا"، ارتكازًا على "قانون العقوبات الفلسطيني" و"قانون الجرائم الإلكترونية"، لشرعنة التوقيف والتمديد، بينما يجري التحقيق الفعلي لدى الجهاز الأمني على قضايا مختلفة مرتبطة بالنشاط السياسي أو النقابي.
مخالفات وانتهاك للقانون
تمتنع الأجهزة الأمنية تنفيذ قرارات السلطة القضائية بالإفراج عن معتقلين محتجزين لديها، مما يدل عدم استقلال القضاء وأن السلطة القضائية بيد السلطة التنفيذية، الأمر الذي يُشكّل جرائم دستورية وقانونية تمثلت بالامتناع عن تنفيذ قرارات قضائية وحجز للحرية الشخصية خلافًا للقانون، وهي جرائم تستوجب الحبس والعزل من الوظيفة العامة وتعويض المتضرر حسب أحكام القانون الأساسي الفلسطيني، اذ يعرف الاعتقال السياسي فلسطينيًا وفقًا لمركز "القدس" للمساعدة القانونية، على أنه احتجاز تعسفي، وهو حرمان الأشخاص من حريتهم الشخصية بشكل مخالف لنص وروح القوانين الفلسطينية والدولية، وعلى رأسها القانون الأساسي الفلسطيني، والتي أكدت حق الفرد في الحماية من تقييد حريته أو حبسه إلا بأمر قضائي ووفقًا لأحكام القانون.
اعتقالات تعسفية وحالات تعذيب
رصد برنامج الرصد والتوثيق في مركز عروبة للأبحاث والتفكير الإستراتيجي، في خلال العام الجاري، ارتفاع وتيرة حالات الاعتقال السياسي في أعقاب انتخابات مجالس الطلبة في جامعات الضفة الغربية (جامعات الخليل، وبوليتكنك فلسطين، والنجاح، وبيت لحم، وبيرزيت)، استَهدَفَت خمسةً وثلاثين طالبًا من مختلف الجامعات.
تواصل الأجهزة الأمنية اعتقال عشرة طلبة من الجامعات الفلسطينية، تعرَّض معظمهم للتعذيب الجسدي والنفسي في أثناء التحقيق، بينهم رئيس مجلس طلبة بيرزيت سابقًا عمر كسواني، وزملاؤه يحيى قاسم وفوزي أبو كويك، والطالب عبد المجيد حسن، الذي اعتقل من أمام منزله في رام الله قبل يوم من إعلانه رئيسًا لمجلس طلبة جامعة بيرزيت، وقد أكدت مجموعة "محامون من أجل العدالة" أن عملية اعتقاله شهدت تنكيلًا به من عناصر الأجهزة الأمنية بلباس مدني ليلًا، وأكدت جامعة بيرزيت أنها تابعت بقلق تقارير تُظهِر اعتقالًا عنيفًا للطالب، مطالِبةً السلطة الفلسطينية بإطلاق سراحه فورًا، ووقف الاستدعاءات التي تَستَهدِف طلبةَ الجامعة بطريقة غير قانونية، والإفراج عن جميع الطلبة المعتقلين على خلفية سياسية.
يُظهِر الرسم البياني المرفَق ارتفاعَ معدل الاعتقالات السياسية بفارق واضح بعد انتخابات جامعتَي بوليتكنك فلسطين وجامعة الخليل في مارس، فيما ارتفعت الوتيرة ارتفاعًا ملحوظًا أيضًا بعد نتائج انتخابات جامعتَي النجاح وبيرزيت التي أعلنت نتائجها مع نهاية مايو، ليرتفع معدل الاعتقالات في الشهر التالي مباشرة.
من الجدير بالذكر أن كتلة الشبيبة، الذراع الطلابية لحركة "فتح"، خسرت في جامعتَي النجاح وبيرزيت أمام الكتلة الإسلامية، الذراع الطلابية لحركة "حماس"، بينما فازت الأُولى بفارق ضئيل في جامعة بيت لحم في مايو الماضي، وفازت في مارس في جامعة بوليتكنك فلسطين بالخليل وجامعة الخليل.
رفض وطني ومجتمعي
دفع ارتفاع وتيرة الاعتقالات بالعديد من الأطر الطلابية والفصائل الفلسطينية والجهات الدولية والحقوقية إلى دعوة السلطة الفلسطينية إلى إطلاق سراح المعتقلِين السياسيِّين في سجونها فورًا، إذ أعلنت كتل طلابية في جامعة بيرزيت الدخول في اعتصام مفتوح داخل الحرم الجامعي، وإغلاق حرم الجامعة إغلاقًا كاملًا وتعليق المسيرة التعليمية، رفضًا لاستمرار الأجهزة الأمنية الفلسطينية في اعتقال عدد من كوادرها وإخضاعهم لتعذيب شديد، محمِّلةً الأجهزة مسؤولية إغلاق الجامعة وسلامة الطلبة المعتقلين والمضربين عن الطعام، مطالِبةً القوى والشخصيات والفعاليات الوطنية والمبادرات المطالبة بإنهاء الانقسام باتخاذ موقف واضح وصريح تجاه السياسة التي تمارسها أجهزة أمن السلطة بملاحقة واعتقال وتعذيب طلبة جامعات الضفة.
وقد أدانت فصائل ومؤسسات حقوقية تنفيذ الأجهزة الأمنية الفلسطينية حملات اعتقال سياسي تطال طلبة الجامعات الفلسطينية بالضفة المحتلة، وأدانت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية سياسة الاستدعاءات والملاحقات والاعتقالات السياسية في الضفة، التي تطال النشطاء السياسيين ومن الحركة الطلابية في الجامعات، مطالِبةً أجهزة السلطة بالإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين.
وأعربت مؤسسات حقوقية عن قلقها البالغ لزيادة وتيرة الاعتقالات على خلفية سياسية خاصة ضد طلبة الجامعات في الضفة، مطالِبةً أجهزة السلطة بالإفراج الفوري عن المعتقلين، ووقف الاستدعاءات والاعتقالات على خلفية التوجهات السياسية، وضرورة إصدار توجيهات من قبل النيابة العامة للجهات ذات العلاقة بالإفراج الفوري ومعاقبة المخالفين.