كعادتهم وكما ينال الشهداء مرتبة الشرف في الآخرة، يرحلون أيضا بدرجات مميزة في حياتهم فيحصدون نجاحات في مختلف المجالات التي لا تعيقهم عن مقارعة المحتل.
وكما لائحة الشرف التي تتزين سنويا بأسماء أوائل الوطن في الثانوية العامة، هناك قائمة أخرى تترصع بأسماء الشهداء من الطلبة الذين اغتالتهم رصاصات الاحتلال أثناء المواجهات قبيل النتائج.
هذا العام ستة شهداء في الضفة المحتلة حرمهم الاحتلال من فرحة الثانوية العامة، لكن رفقائهم أصروا يوم النتيجة أن يطرقوا أبواب ذويهم لمشاركتهم الفرح حيث علت أصوات التكبيرات والهتاف وكأن أبنائهم الطلبة موجودين.
وكانت وزارة التعليم أعلنت أن خمسة شهداء ارتقوا قبل الالتحاق بالامتحان هذا العام، بينما ارتقى طالب بعد أن تقدم للامتحانات.
والشهداء الخمسة هم: محمود السعدي، وديع أبو رموز، أحمد دراغمة، أسامة عدوي، ومحمد تركمان.
أما الطالب مجدي عرعراوي فهو من استشهد بعد أن تقدم للامتحانات في مدرسة جنين الصناعية وحصل على معدل 90.4%.
والدة مجدي لم تجهز بيتها بزينة التخرج كبقية الأمهات، لكنها استعدت لتلقى نتيجته، فأفاق جميع أفراد الأسرة صباحا وبمشاركة الأهل والأصدقاء، وبعد ساعات الانتظار الصعبة وصلت رسالة نصية بأنه حصد 90.4% من القسم العلمي.
لم تتمهل الأم لتلقى التهاني في بيتها، بل طارت إلى قبره لتزف له خبر تفوقه في الثانوية العامة، وحاولت أن تبقى متماسكة لكنها بمجرد وصولها لقبره احتضنته كثيرا وراحت تبكي وتخبره " رفعت رأسنا يما يا حبيبي"، وبقيت تمسح وجهه من على صورة تحملها، فهو الثائر الذي ارتقى في معركة بأس جنين قبل أسابيع قليلة.
ولتهدئتها وتخفيف الحزن عنها، هدأت النساء من روعها وباركن لها "مبروك ابنك نال الشهادتين".
وكان مجدي ارتقى شهيدا برفقة اثنين من طلبة الثانوية العامة خلال العدوان (الإسرائيلي) على المخيم الذي استمر يومين.
بغصة وحزن شديد وقفت الأم تتلقى التبريكات في بيتها، وتوزع الحلويات على جميع المهنئين، فطيلة الوقت تفكر بحلم ابنها الذي لم يكتمل وهو دراسة الهندسة الكهربائية، لكن رصاصة قناص (إسرائيلي) قرب حارة الدمج في المخيم، التي شهدت أعنف الاشتباكات بين المقاومين وجيش الاحتلال قضت على حلم الشاب اليافع.
واستعرضت عائلة عرعراوي شهادة ابنها المتفوق، الذي لم يمهله الاحتلال أن يحملها بين يديه ويعيش كبقية أقرانه فرحة انتظرها 12 عاما من السهر والدراسة.
وبمجرد أن ظهرت نتيجة الشهيد مجدي احتفى العديد من النشطاء الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي بتفوقه فهو نال الشهادتين في الدنيا والآخرة.
ووفق وسائل إعلام فلسطينية، فقد كان الشهيد مجدي، أحد أفراد كتيبة جنين، يحاول سحب صديقه الشهيد علي الغول الذي أصيب برصاصة قناص، وتقديم الإسعافات الأولية له، لكنّ القناص (الإسرائيلي) أطلق 3 رصاصات أخرى أصابت مجدي في الصدر والرقبة والفخذ، وما لبث أن فارق الحياة بعد دقائق.
ونشر النشطاء صورا للطالب الشهيد وهو يمتشق سلاحه، مشيدين ببطولته في الدفاع عن مخيم جنين والتصدي لقوات الاحتلال.