تضع الخطة الوطنية الشاملة التي قدمها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، خلال لقاء الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في العلمين بمصر، النقاط على الحروف وتعكس الرؤية الاستراتيجية الواضحة التي تتبناها الحركة في مواجهة الاحتلال وحكومة المستوطنين.
ويمكن القول، إن تبني الخطة الوطنية التي قدمها هنية يمكن أن يحقق استجابة كبيرة للتحديات ذات الطابع الوجودي التي فرضتها الحكومة الصهيونية الحالية، في بعديها المتعلق بالاحتلال أو المتعلق بالوضع الفلسطيني الداخلي، ولا سيما وأنها ترتكز على منطلقات خمس أبرزها انتهاء مرحلة أوسلو.
وشملت الخطة اعلان واضح أن شعبنا اليوم أمام مرحلة سياسية وميدانية جديدة، لذلك فالتناقض الرئيس هو مع العدو الصهيوني، كون أن المرحلة الراهنة هي مرحلة تحرير وطني، إلى جانب ضرورة الشراكة السياسية على أساس الخيار الديموقراطي الانتخابي لبناء الوحدة الوطنية وترتيب البيت الفلسطيني بكل مكوناته ومستوياته، والأهم أن قضية فلسطين ومحورها القدس هي قضية وطنية عربية إسلامية إنسانية.
ما سبق يثبت نية الحركة الحقيقية في احداث توزان حقيقي ومواجهة شاملة مع الاحتلال وترتيب الوضع الداخلي، وبذلك فإنها تكون قد رمت الكرة في ملعب رئيس السلطة محمود عباس، الذي أصرّ في كلمته على التمسك بشروط الرباعية الدولية والتمسك بالمقاومة السلمية.
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي الدكتور تيسير محيسن على أن ما طرحته الفصائل وعلى راسها حركة حماس يعتبر برنامج متكامل يشمل رؤية شاملة للخروج من الحالة القائمة ككل وليس فقط لمواجهة الاحتلال.
ويوضح محيسن في حديثه لـ(الرسالة) أن الخطة تضمن استعادة الوحدة وبناء مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني لتشمل كل ألوان الطيف الفلسطيني بعيدا عن التغول على فصيل دون آخر، فضلا على أن ما تضمنه خطاب هنية كان فيه استشعار كبير لحجم المخاطر التي تواجه القضية الفلسطينية برمتها والقدس خاصة من صراع وتتناسب بشكل واضح مع ضرورة استنهاض الأمة العربية والإسلامية لتكون حاضرة في جدول الصراع لدعم واسناد المشروع النضالي الفلسطيني مقابل ما يخطط له الاحتلال لتهشيم ما تبقى من المشروع الفلسطيني وفرض السيادة على القدس وضم الضفة المحتلة.
ويبين أن مخرجات ما تضمنه الاجتماع من طرح لرؤى وأفكار من قبل المجتمعين تدلل وتؤكد على وجود مساحة ودرجة الأمانة والمصداقية التي حضرت بها هذه الفصائل للاجتماع.
ويشير محيسن إلى أن ما طرحه عباس محبط ويكرر ما كرره سابقا في لقاءات متعددة تتضمن إصراره على البقاء في مربع اتفاق أوسلو الذي انتهى وجوديا على أرض الواقع ولم يتبقى منه سوى الجانب الوظيفي للسلطة اتجاه الاحتلال والمتمثل في الجانب الأمني.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي سليمان أبو ستة، أن رؤية حماس التي طرحتها في الاجتماع التي توافقت مع ما تراه غالبية الفصائل سواء التي شاركت في الاجتماع أو المقاطعة كانت تسعى لتحقيق مصلحة شعبنا العليا والتمسك بها وعلى رأسها مقاومة الاحتلال بكل الاشكال والتوافق حول خطة واضحة واستراتيجية متكاملة لتطبيقها.
ويضيف أبو ستة في حديثه لـ (الرسالة) أن الخطة تأتي في ظل ما يخوضه شعبنا من معركة على 3 جبهات أولها الصراع على مدينة القدس ومحاولة الاحتلال تهويدها وإقامة الهيكل المزعوم، والثانية هي الخطر الوجودي على ما يجري بالضفة من مساعي لضمها والسيطرة عليها، الأخيرة استمرار الحصار (الإسرائيلي) على قطاع غزة.
ويبين أن الجانب الآخر من الخطة التي طرحتها حماس هو ضرورة وجود قيادة موحدة تواجه الاحتلال في الداخل والخارج، من خلال آليات تضمن أيضا تحقيق الوحدة لشعبنا عبر الانتخابات والتوافق.
ويشير أبو ستة إلى أن ما سبق يتعارض للأسف مع ما طرحه عباس ويتمسك به دون فائدة منذ سنوات، كالتنسيق الأمني ومنظمة التحرير كمرجعية للشعب والالتزام ببرنامجها كما هي والاعتراف بالاحتلال وبهذا يقطع عباس كل الخطوط على التوصل لأي اتفاق أو مسار وطني.
ويلفت إلى أن هذا المسار الذي تتمسك به السلطة ثبت فشله في ظل ما يجري بالضفة والقدس وغيرها، وبالتالي لا بد أن تكون السلطة لديها القدرة على طرح مسارات أفضل قادرة على مقاومة الاحتلال.