وقعت أمهات من الدروز في الداخل المحتل على عريضة يرفضن من خلالها تجنيد أبنائهن في جيش الاحتلال (الإسرائيلي) وذلك بعد محاولات الحكومة إقامة مستوطنة على أراضيهم في شمال فلسطين المحتلة وتحديدا في دالية الكرمل، وبلغ عدد الأمهات الموقعات على العريضة حوالي 1000 .
ويشار إلى أن الدروز هم الطائفة العربية الوحيدة التي يلتحق أبناءها بالخدمة والتجنيد في جيش الاحتلال بناء على اتفاق وقع بين حكومة الاحتلال وبين زعيم طائفتهم في عام 1956 ثم وبناء عليهم سن قانون يلزم الدروز بالالتحاق بالجيش.
وتعقيبا على القضية يقول زياد الحاموري مدير مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في القدس والداخل المحتل:" لطالما كان الاحتلال عنصريا في تعامله مع العرب، والتجنيد الذي وافق عليه الدروز في جيش الاحتلال لم يكن شفيعا لهم ليعاملهم الاحتلال معاملة اليهودي، فهناك عنصرية في كل شيء".
ويؤكد أن هذا التمييز يمكن رؤيته على أرض الواقع في التعليم، والخدمات، والبنى التحتية ، حيث أن كلها خدمات متردية تلك التي تقدم للفلسطيني الدرزي ، رغم أنه مجند ويدافع عن (إسرائيل)، والآن تسلب أرضه في الجليل والكرمل.
ولكن هناك فئة من الدروز لم تسكت، فقد ظهر حراك خاص تحت شعار (ارفض شعبك بيحميك) على حد قول الحاموري الذي أضاف:" هذا الحراك ساعد الشبان على سلك مسار رفض التجنيد، ويهدف إلى إعادة الدروز لحضن شعبهم الفلسطيني، وأن يستقبله الشعب الفلسطيني ويعمل على مساعدته وتشجيعه".
ويرى أن حراك الأمهات سيكون له صدى ومشاركة واسعه لأنه ذو طابع إنساني إلى جانب أنه ذو طابع سياسي، وسيلقى متابعة إعلامية واسعه لأنه يقاد من قبل أمهات يظهرن الصورة الكاذبة للاحتلال الذي يعامل جميع العرب معاملة واحدة حتى لو كانوا حلفاء له وعناصر في جيشه.
ويقيم الدروز في 16 قرية في الجليل والكرم، ويعاملهم الاحتلال معاملة المواطن من الدرجة الثانية شأنهم في ذلك شأن بقية فلسطينيي الداخل.
ويقول الكاتب الفلسطيني عادل شديد إن الدروز لم يشعروا يوما بأن سياسة الاحتلال الممنهجة تستثنيهم، فهم كانوا مستهدفين طوال عقود سبعة تلت نكبة شعبنا الفلسطيني عام 1948، فصادر الاحتلال أكثر من 83% من الأراضي التي يملكونها، وبنى عليها مستوطنات لليهود.
ويبين أن الاحتلال أقام شبكة طرق حاصرت القرى والبلدات الدرزية، ورفضت (مجالس التنظيم والبناء الإسرائيلية) عشرات الطلبات لتوسيع المخططات الهيكلية والمسطحات للقرى والبلدات الدرزية، وآلاف الطلبات لمنح تراخيص بناء، في ظل زيادة عدد الدروز في شمال فلسطين، ما أدى إلى وجود آلاف الأبنية والمنازل غير المرخصة، والمهدّدة بالهدم من السلطات الإسرائيلية ".
غالب سيف عضو لجنة المبادرة العربية الدرزية الرافضة للتجنيد الإجباري قال في مكالمة مع (الرسالة):" المعاملة العنصرية التي يمارسها الاحتلال على الدروز ستدفعهم بطبيعة الحال لرفض التجنيد الإجباري في الجيش، وبالفعل فإن نسبة رافضي الخدمة الإجبارية في تراجع مستمر، وتقدر بنحو 70%
ويشير إلى أن العمل في الجنة بدأ منذ عام 1956 بقيادة شخصيات اعتبارية كبيرة أسست لفكرة رفض التجنيد وعلى رأسها الكاتب والشاعر سميح القاسم والكاتب عصام الخطيب .
وأضاف سيف: هناك دراسات قام بها المعهد القومي الإسرائيلي تفيد بأن المتخلفين والرافضين التجنيد من الدروز قد بلغوا 53 % في عام 2017، وفي الوقت نفسه قامت جامعة حيفا بعمل دراسة مشابهة أثبتت بأن الرافضين للتجنيد قد وصلوا على نسبة 66 % .
ويتابع:" النسبة أكبر من ذلك، وأنا أجزم أنها تفوق 70% ولكن معظم من يرفضون التجنيد لا يصرحون بذللك خوفا من السجن .
ويعلق سيف على موقف الأمهات الدرزيات بأنه رافضا للاستيطان، مبينا أن هناك 25 ألف منزل مهدد بالهدم لأنه بني بدون تراخيص، ولأن الاحتلال لا يعطي تراخيص بناء للدروز، وبالتالي فإن صاحب البيت ملزم بدفع غرامات من 300 لمليون شيكل حسب نوع البناء، لأنه لم يحصل على ترخيص، والاحتلال يتعامل معهم معاملة الفلسطينيين.
وليست هذه المرة الأولى التي يتلقى فيها الدروز صفعة من قبل الاحتلال (الإسرائيلي) فقبل عام أغضب قانون (القومية) الذي أقره الكنيست (الإسرائيلي) الطائفة الدرزية، وتساءل ضباط دروز بعدها عن مكانتهم في (إسرائيل).
وينص القانون على أن "دولة إسرائيل هي الوطن القومي للشعب اليهودي"، وأن "حق تقرير المصير في دولة إسرائيل يقتصر على اليهود، والهجرة التي تؤدي إلى المواطنة المباشرة هي لليهود فقط".