لم تتوقف الجريمة في الداخل المحتل، حيث وصل ضحايا القتل هذا العام إلى 150 اخرهم عبد الرحمن قشوع مدير بلدية الطيرة، حيث تم استهدافه بالقرب من مركز للشرطة (الإسرائيلية) مما يثير التساؤل حول جرأة القتلة باستهدافه في منطقة أمنية دون خوف.
أصبح القتل سهلا في الداخل المحتل مما يشكل خطورة على السكان الذين بدأوا بالرحيل إلى مدن وقرى الضفة المحتلة، بعيدا عن القتلة الذين يريدون الانتقام، بأسلحة يوفرها جهاز الشاباك (الإسرائيلي) بين أيدي المجرمين وتجار المخدرات لتصفية حساباتهم.
ما جرى مع الضحية الأخيرة قشوع هو أنه قتل بسبب تقاعس الحكومة (الإسرائيلي) وأجهزتها المخولة عن توفير الامن في الداخل المحتل، خاصة وأن الجريمة وقعت قرب مركز الشرطة.
يذكر أن قشوع قيادي في الحركة الإسلامية وعضو مجلس الشورى القطري للحركة الإسلامية والقائمة الموحدة، ورئيس الحركة الإسلامية في الطيرة، وإمام وخطيب مسجد عمر بن الخطاب في الطيرة، ومدير عام بلدية الطيرة.
كما وأنه حاصل على الدكتوراة في الشريعة الإسلامية، أمضى حياته داعيًا إلى الله والخير والإصلاح، وصفه أهالي بلدته بالمخلص لمجتمعه، وذا أيدي نظيفة مستقيمة، لم تَرُقْ لأصحاب النفوس المريضة والمجرمة التي رفعت رأسها في الداخل المحتل نتيجة لإهمال الحكومة العنصرية وأجهزتها الأمنية لهذه العصابات الإجرامية التي باتت لا تحسب حسابًا لا لشيخ ولا لمسؤول، بل تتجرأ بارتكاب جرائمها أمام مقرّ الشرطة.
تهديد السلم المجتمعي
ويعتبر عام 2023 الأكثر دموية، وفق ما نشرته منتصف من معطيات صحيفة "يديعوت أحرنوت" الشهر الجاري بأن الشرطة (الإسرائيلية) لم تتمكن من حل لغز سوى لـ (14) جريمة من 150.
ويشار إلى أن عدد جرائم القتل عن ذات الفترة من العام الماضي بلغت (67) جريمة، ومجمل الجرائم في ذات العام كاملاً بلغت (111) عاماً، تم حل لغز (25) جريمة منها، بينما بلغ عدد الجرائم في العام 2021 (126) جريمة قتل، تم حل لغز (38) منها.
وتابعت "يديعوت أحرنوت" نشر المعطيات الرقمية حول الجريمة في الداخل المحتل لتشير إلى أن عدد القتلى في العام 2020 بلغت (113) جريمة.
وفي العام 2019 بلغت (96) جريمة، بينما بلغت (76) في 2018، وفي العام 2017 بلغت (72)، ووصلت (58) جريمة خلال العام 2016، و(51) جريمة في العام 2014.
ووفق مؤشرات صادرة عن منظمة أطباء لحقوق الإنسان فإن 44% من سكان الداخل الفلسطيني المحتل قلقون على أمنهم الشخصي.
تقول فادية أبو الهيجا الناشطة السياسية وتسكن الداخل المحتل إن الخوف أصبح متأصل بالذهنية المعيشية لحياتهم اليومية، فهم يشعرون أن لا أحد محصن، معلقة: الجريمة بتوصل للبيت والعمل وحتى الشارع وبكل سهولة دون توفر الأمر، فلا شخصية محمية الجميع مستهدف.
وأضافت أبو الهيجا لـ (الرسالة نت) إن سهولة التعامل مع جرائم القتل والتهاون في ملاحقة الجناة أدى لمقتل شخصية اعتبارية مثل مدير بلدية الطيرة، حيث باتت رموز المجتمع هي المستهدف الأول.
وعن ارجاع البعض سبب انتشار الجريمة في الداخل المحتل إلى الوضع الاقتصادي السيء، تؤكد أن لا علاقة لذلك بل هي مرتبطة بمعيار الأمن والسلم المجتمعي، مضيفة: ضمن سياسية الدولة العميقة نحن كمجتمع فلسطيني حصانتنا التي تم بناءها وتسلسلها تاريخيا مستهدفة فالقتل جاء ليكون أحد ركائز تصفيتنا اجتماعيا وسياسيا وثقافيا.
وفيما يتعلق بالخطوات التي يسعى الأهالي لاتخاذها للحد من الجريمة، أكدت أبو الهيجا أن الجميع يتطلع لحياة كريمة، فوجد عدد كبير في الهجرة والانتقال لمكان في الخارج خيارا، والتقوقع والانغلاق خيارا اخر.
الجرائم الجنائية
بدوره يقول الباحث محمد هلسة إن الاحتلال حين عجز عن طحن فلسطيني الداخل ومحو هويتهم الوطنية، لجأ إلى أساليب التذويب الأخرى، كنشر السلاح واتباع استراتيجية التغاضي عن الجريمة وتعزيزها عبر توفير أكثر كم 300 ألف قطعة سلاح غير شرعية تغض (إسرائيل) الطرف عنها.
وأكد هلسة لـ (الرسالة نت) أن شرطة الاحتلال حين شعرت أنها مدانة وسيتم محاسبتها دوليا على تهاونها في التعامل مع جرائم القتل المتعلقة بفلسطيني الداخل، ادعت ملاحقتها للجناة.
وقارن بين تعامل شرطة الاحتلال في حال وقوع الجريمة بين صفوف (الإسرائيليين)، حيث ذكر أن الشرطة تتبع الجناة بسرعة كبيرة ويجري اعتقالهم لاسيما تجار الجنس والأعضاء البشرية ومن يرتكبون الجرائم الجنائية فهي لا تسمح بحركتهم لخطورتهم على السلم الداخلي، لكن حين يتعلق الأمر بالفلسطيني تعتبر القضية ثانوية.
وأشار هلسة إلى أن هناك سياسة (إسرائيلية) موجهة من أجل تدمير المجتمع الفلسطيني وتعزيز الجريمة داخله، ولتفتيته وتذويبه عبر نشر الفساد، كي يبقى المجتمع مشغولا بقضايا الجريمة بعيدا عن القضايا الوطنية.
ويؤكد أن الجريمة لن تتوقف بل ستزداد عبر توفير المزيد من الأسلحة بيد المجرمين من قبل الاحتلال، كون الوجود الفلسطيني يعتبر خطر ديمغرافي على (إسرائيل) لذا تسعى لترحيلهم.