"الوقتُ يمرُّ ولا يمرّ، لا دليلَ على وجوده ولا دليلَ على انعدامِه، بديهيٌّ ومستحيل. أرفع يدي أمام وجهي، أنظر إلى ساعتي، أمسح الوحلَ عنها لأرى عقاربها، لكنّها تهشمت، كُسرت عدستُها وبقيتْ عقاربها ثابتةً لا تتحرك. يلتبس في رأسي صوتُ الرصاص وصوت ماكينة الخياطة تضغط عليها يدي بقوة وثبات، أحرّك يدي لأزيلَ هذا الالتباسَ، ولا يزول، أفتح عيني لأميّزَ ما يحدث، فلا أرى شيئًا، الظلامُ ولا شيءَ سوى الظلام، وهذه الليلة قطعةٌ من قماشٍ أسود، عباءةٌ بحجم هذه البلادِ خاطتها يداي وأيدي كلّ النسوة على هذه الأرض"
هذا مقطع من رواية الكاتب السوري الشاب المغيرة الهويدي "قماش أسود" الذي تُوِّجت موهبته بجائزة غسان كنفاني للرواية العربية المحدثة في فلسطين بمناسبة الملتقى الخامس المنتظم فيها هذا العام (من 17 حتى 21 تموز/ يوليو المنصرم).
يرصد الكاتب في رواية قماش أسود طرق البشر المختلفة في العيش والتعامل مع التغيرات التي تمر بهم، وكان هذا هو هدفه من روايته التي تعبر عن التحولات في الواقع السوري والتي فرضته الحروب والسياسة والتهجير عن طريق امرأة.
البطلة نسرين التي كانت صوت الكاتب في الرواية، وكأنه يقول إن النساء هن الفئة الأكثر ضعفا وتضحية في كل هذه الفوضى التي فرضتها الحروب على الواقع السوري.
وفي كل الروايات التي نشرت عن الحرب السورية قد يخطر ببال أي قارئ سؤالا واحدا:" هل حدث هذا بالفعل؟!" أحداث دامية مؤلمة حد الخيال تدور في مدينة الرقة يسردها الكاتب الهويدي بأسلوب يدمي القلب والروح.
المغيرة الهويدي شاعر وكاتب سوري من مواليد مدينة الرقة عام 1979 ومقيم في الكويت. درس الأدب العربي وحاصل على ماجستير في "النقد العربي الحديث". صدر له في الشعر "الحب لا يغادر البلاد" عام 2014 عن "الدار العربية للعلوم ناشرون"، و"كان البيت أخي السابع" عام 2018 عن دار ممدوح عدوان.
و"قماش أسود" هي روايته الأولى وقد صدرت عن "منشورات تكوين" في الكويت عام (2020) وأصدرتها (دار طباق) في طبعة فلسطينية.