قبل أيام قليلة سربت مسودة مشروع قرار من قبل وزارة الاعلام، يقتضي بشأن تنظيم النشر والصحافة والإعلام، على الحريات الإعلامية، وتمت صياغته وإعداده بصورة سرية، وبعد الاطلاع على بنوده تبين أنه يقيد حرية الصحافة أكثر ويعزز وصاية السلطة التنفيذية المتمثلة بوزارة الإعلام "ومن خلفها المؤسسة الأمنية".
وحذرت 21 مؤسسة حقوقية وأهلية فلسطينية من تداعيات تشريعٍ المقترح بشأن تنظيم النشر والصحافة والإعلام، مؤكدة على رفضها المطلق والتام لهذا التشريع، وأنها ستمارس كافة الوسائل والأدوات القانونية والدستورية للضغط على الحكومة الفلسطينية ومنع إصداره.
تداعيات مشروع القرار
يقول محمد ياسين مدير المنتدى الإعلامي إن ما تم كشفه حول مقترح تشريع حكومي لتنظيم الصحافة والإعلام خطير جداً لعدة اعتبارات، أولها طريقة إعداد المقترح التي تتم بسرية تعكس حجم القيود والمخالفات التي ينطوي عليها المقترح الحكومي، فضلاً عن عدم الالتزام بالأصول المرعية في تقديم مقترحات القوانين وإنضاجها بما يحقق الصالح العام للمجتمع.
وذكر لـ (الرسالة نت) أن ما تم كشفه ينطوي على بنود تمثل قيود ومخالفات كبيرة للقوانين الدولية ومبادئ حقوق الإنسان، مما يثير التساؤلات حول الهدف من هذا المقترح ومحاولة إعداده بهذه الطريقة بعيداً عن المشاركة المجتمعية وأصحاب العلاقة المباشرة به.
أما عن التداعيات المترتبة على هذا المقترح أشار ياسين إلى أنها كبيرة ويتقدمها تقيد حرية الرأي والتعبير وحرمان وسائل الإعلام والصحفيين منها فضلاً عن عموم المواطنين، وكذلك التحكم والتضييق على العمل الصحفي بأشكال وصور مختلفة، بما يؤثر على قدرتها على نقل الحقيقة وتداول المعلومات الأمر الذي يمس حق المجتمع والمواطنين بحق المعرفة والوصول للمعلومات.
ولفت إلى أنها تفتح الباب أمام ملاحقة الصحفيين والزج بهم في السجون بدعاوى مخالفة القانون المفصل بما يحقق مصلحة السلطة القائمة والأجهزة الأمنية.
وفي ذات السياق ذكرت وفاء عبد الرحمن مدير عام مؤسسة فلسطينيات ورئيس تحرير شبكة نوى أن أهم شيء يمكن القيام به بعد تسريب مشروع قرار القانون الذي يشكل خطورة كبيرة هو تشكيل حراك قوي شامل للصحفيين في غزة والضفة معا.
وأوضحت عبد الرحمن لـ (الرسالة نت) أن مسودة القرار تطلب من المواقع الإلكترونية والمواقع العاملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي الترخيص، وبذلك ستكون ملاحقة مشيرة إلى أن التعجيل في الحراك الصحفي للضغط على الحكومة في رام الله سيزعجها للتراجع عنه، لكم في حال الصمت سيمر.
ولفتت إلى أن القانون فيه الكثير من المشاكل وغير صالح للتعديل، موضحة في الوقت ذاته أن المسودة الجديدة متطورة عن قرار قانون قدم في 2022 وكان تحت اسم "ترخيص المؤسسات الإعلامية"، حيث ما قامت به وزارة الاعلام هو عقد ورشات عمل مع وسائل اعلام وقتها لمناقشة تراخيص المؤسسات الإعلامية وحينها كان الاعتراض عبارة عن صرخات وليس ملاحظات كونه ينسف ما جاء في القانون الأساسي عن الحريات.
وأشارت عبد الرحمن إلى أن السلطة اليوم تنافس دولا عربيا في تقديم قانون أكثر سيطرة وتكميما للأفواه، بالإضافة إلى أن مشروع القانون الجديد فيه هجمة على الاعلام وكذلك استكمالا للسيطرة على مؤسسات المجتمع المدني.
مشروع القانون ينتهك المعاير الدولية
وقالت الـ 21 مؤسسة حقوقية وأهلية فلسطينية رافضة للمسودة وفق بيان صحفي مشترك إن القانون الذي تتم صياغته وإعداده بصورة سرية يتضمن أحكاما تمثل خرقا وانتهاكا صريحا للمبادئ والمعايير الدولية ذات العلاقة الدولية، ومن ضمنها تلك المعاهدات التي وقعت عليها فلسطين وأصبحت ملزمة بأحكامها.
وذكرت أن بعض الأحكام الواردة في مقترح التشريع الحكومي "تمثل انتهاكا ومخالفة دستورية للمبادئ التي نص عليها القانون الأساسي الفلسطيني المعدل بخصوص الحقوق والحريات الإعلامية والصحفية وحرية الرأي والتعبير".
ولفتت إلى أن مقترح التشريع مليء بمصطلحات غامضة وضبابية تفتح المجال واسعا للسلطات والصلاحيات التقديرية للسلطة التنفيذية في تقييد الحريات الإعلامية وملاحقة الصحفيين وأصحاب الرأي جزائيا ومعاقبتهم، مثل مصطلحات (السلم الأهلي، الرواية الفلسطينية التاريخية، تعكير صفو العلاقات بين الدول، الأخلاق والآداب العامة)".
ورأت أن التشريع المقترح يسعى إلى تعزيز وصاية السلطة التنفيذية ممثلة بوزارة الإعلام "ومن خلفها المؤسسة الأمنية" على المؤسسات الإعلامية والصحفية والمؤسسات البحثية والمواقع الإعلامية من خلال فرض مفهوم الترخيص.
كما يمنح التشريع المقترح صلاحيات للسلطة التنفيذية في اعتماد الصحفيين والإعلاميين العاملين في فلسطين المحلين والأجانب وإصدار البطاقات الصحفية لهم "بما يمثل تعديا صارخا على حرية التنظيم النقابي ودور نقابة الصحفيين وبما يفتح المجال للتدخل الأمني".
ووفق البيان، يفرض التشريع المقترح "وصاية غير مبررة للسلطة التنفيذية على المؤسسات البحثية والدراسية، ويتيح للسلطة التنفيذية التدخل في عمل القطاع الخاص المستثمر في المؤسسات الإعلامية والصحفية من خلال اشتراط الموافقة والرقابة على رأس مال المؤسسات الإعلامية ومصادر تمويلها واشتراط الموافقة المسبقة على المنح والتمويل".
وحذر البيان من أن التشريع المقترح يمنح السلطة التنفيذية تعليق ووقف المؤسسة الإعلامية عن ممارسة نشاطها بما يخالف القانون الأساسي الفلسطيني الذي يحظر الرقابة على وسائل الإعلام أو وقفها أو مصادرتها أو إلغائها أو فرض قيود عليها إلا وفقا للقانون وبموجب حكم قضائي.