يرفض أهالي عقابا الواقعة في منتصف المسافة بين مدينتي جنين ونابلس الاستسلام منذ عام 1967، يرتقي كل يوم شهيد وراء الأخر، كما يسرق شبر من الأرض وراء الآخر، وهي على حالها تقاوم لأنها رفضت أن تخضع لقوانين المستعمر، أو أن يصبح السير هناك بإذن المستوطن والدخول إلى القرية والخروج منها بإذن آخر.
وهكذا كان عبد الرحيم فايز غنام، مزارع لم يتجاوز السابعة والثلاثين، أب لطفلين، كان يحرس شجرات الزيتون والرمان والتين، على أرض أجداده التي لا زال يفلحها إكراما للإرث وللصمود، حينما نادى المنادي فجرا للدفاع عن ثوار الأرض اللذين يحاصرهم الاحتلال، فارتقى شهيدا.
عبد الرحيم واحد من ستة أشقاء، يقول والده مرتجفا وهو يشيعه:" شرف لابني، وللأمة، اعتداء صهيوني، لا نملك أي فرصة أخرى سوى أن نحاربه وندافع عن أرضنا وأبنائنا، يقتحمون كل يوم قريتنا، يتذرعون بأن هناك مطلوبين".
ويتابع:" ابني من أهل النخوة والشهامة، طرد الاعتداء هو ورفاقه، وكانت غايته إرضاء الله، هذا الموت يزيدنا ثبات، هو واحد من ستة أبناء، كلهم فداء لله "
وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت بلدة عقابا قبل يومين، وحاصرت منزلا وسط إطلاق الرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الصوت والغاز السام المسيل للدموع بشكل كثيف، ما أدى لإصابة أربعة شبان، اثنان منهم بالرصاص الحي، ثم استشهد أحدهما وهو عبد الرحيم غنام، والآخران بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط.
وقد ذكرت إذاعة الاحتلال إن "تبادلا لإطلاق نار وقع في قرية عقابا، وقام الجيش تقوده وحدة اليمام، بمحاصرة منزل أحد المطلوبين، وأطلقت صاروخين على المنزل"، وحسب مصادر إعلامية عبرية فإن الجيش حاصر الخلية المتهمة بتنفيذ عملية إطلاق النار على مفرق الحمرا في الأغوار قبل نحو شهر".
سارت الجنازة طويلة من بداية البلدة إلى نهايتها، وأهل عقابا يتبادلون الحكاية، حينما بدأت الأحداث صباح يوم الجمعة بدخول آليات عسكرية لحصار منزل المواطن عبد الرازق أبو عرا وبدأت تطلق النار وتطالب بتسليم أحد الشبان.
ويكمل أحد المصادر هناك: "وحينما رفض الشاب التسليم استمر الحصار خمس ساعات من اطلاق النار بكثافة، وصواريخ دمرت المنزل كاملا، ولا زال شباب عقابا يحرسونه، يقاومون الجيش وجنوده، وهو يقابل مقاومتهم بالنار، حتى استطاعوا تهريب الشاب المطلوب وكان ثمن ذلك أربع إصابات ، ارتقى واحد منها وهو عبد الرحيم.
حاولت الطواقم الطبية انقاذ حياة المزارع المقاوم، لكنها لم تفلح، فاستشهد عبد الرحيم، وشيعه عشرات من جيرانه وأهله وشهود رأوا بأعينهم كيف يعاند أبناء عقابا حتى الموت.