المنامة – الرسالة نت
هبّت دول مجلس التعاون الخليجي أمس، الى تغطية المذبحة التي ارتكبها ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، بحق معارضيه المعتصمين في دوار اللؤلؤة في وسط المنامة، وأسفرت عن سقوط أربعة قتلى وإصابة المئات من البحرينيين، والتي يبدو أنها نفذت باسم دول الخليج الست وبدافع من خوفها المشترك من المعارضة الخليجية التي تستلهم الثورة المصرية الكبرى للمطالبة بالمزيد من الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية، وبذريعة مكررة تتهم إيران بأنها تقف وراء الاحتجاجات الشعبية، وهو ما استبعدته واشنطن نفسها ونهت حلفاءها الخليجيين عن استخدام العنف وحثتهم على إجراء إصلاحات في أنظمتهم.
وقبل أن يصل وزراء خارجية دول الخليج إلى المنامة لعقد اجتماع عاجل وإصدار بيان اعتبر ان أي إخلال بأمن البحرين واستقرارها هو انتهاك لأمن واستقرار دول مجلس التعاون كافة.
كان وزير الخارجية البحريني يبرر المذبحة التي ارتكبت بحق المعتصمين بأنها نفذت لمنع انشقاق البحرين على أساس طائفي، في الوقت الذي سجل فيه توسع ملحوظ للمشاركة السنّية في الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ الإثنين الماضي، والتضامن مع طلب المعارضة الرئيسية ذات الغالبية الشيعية في البلاد استقالة الحكومة بعد الانسحاب النهائي من البرلمان.
الهجوم وتدخل الجيش
وبعد ثلاثة أيام من الاحتجاجات، سقط فيها 3 قتلى على الأقل من بين صفوف المتظاهرين، أطلقت السلطات البحرينية هجوما أمنيا على مكان الاعتصام المركزي في دوّار اللؤلؤة في العاصمة المنامة.
وهاجمت القوات الأمنية المكان بعد محاصرته، بقنابل الغاز المسيل للدموع، والهراوات، وأسلحة الصيد النارية، مقتلعة الخيم ومتهجمة على النساء والأطفال، ما أسفر عن مقتل 4 وإصابة أكثر من 200، بينهم حالات خطرة.
وأفاد الطبيب صادق العكري بأنه تعرض للضرب المبرح في دوار اللؤلؤة على أيدي القوى الامنية التي ذكر ان عناصرها كانوا يتكلمون الأوردو (اللغة الباكستانية الرئيسية)، في إشارة إلى حملات «التجنيس السياسي» التي قادتها السلطات خلال الأعوام الماضية.
وأكد شهود عيان ان القوى الامنية جمعت الأطفال التائهين في الدوار، ووضعتهم في مركباتها. كما أكدت شبكة «إي بي سي» تعرض مراسلها ميغيل ماركيز للضرب بالهراوات من قبل العناصر الأمنية.
وتجمع المعتصمون الغاضبون أمام مستشفى السليمانية الذي اكتظ بالجثث والجرحى، مجددين الدعوة إلى مواصلة الاحتجاجات في إطار أوسع اليوم الجمعة.
وفي ظل حديث عن طابع مذهبي للاحتجاجات، قال الخبير في الشؤون الخليجية لدى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط سايمون هندرسون إن «العدد المتزايد من السنة المشاركين في الاحتجاجات قد فاجأ السلطات.
في المقابل، أعلن الجيش البحريني اتخاذ «التدابير الصارمة والرادعة» لبسط الامن. ونشرت عشرات المدرعات العسكرية في شوارع البحرين في أعقاب تفريق المعتصمين المطالبين بالإصلاح من دوار اللؤلؤة في المنامة.
وأكد المتحدث الرسمي باسم القيادة العامة لقوة دفاع البحرين ان الجيش ينتشر في العاصمة البحرينية للحفاظ على «أمن المواطنين والمقيمين».
وقال المتحدث ان «قوات عسكرية من قوة دفاع البحرين قد أخذت في الانفتاح في محافظة العاصمة بدواعي اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على أمن وسلامة المواطنين والمقيمين وتأمين حرياتهم وممتلكاتهم من أعمال العنف».
وشدد الجيش في «البيان رقم 1» على «اتخاذ كافة التدابير الصارمة والرادعة لبسط الأمن والنظام العام».
من جهتها، طالبت المعارضة البحرينية باستقالة الحكومة بعد تفريق السلطات بالقوة للاعتصام والتظاهرات المطالبة بالاصلاح، حسبما أفاد زعيم جمعية «الوفاق» الشيخ علي سلمان.
كما اكد سلمان الانسحاب «الكلي والنهائي» لنواب جمعية الوفاق التي يرأسها وتمثل التيار المعارض الرئيسي في البحرين، من مجلس النواب الذي تسيطر فيه على 18 مقعدا من اصل أربعين.
وقال سلمان «أصدرنا كجمعيات سياسية بما فيها الوفاق بيانا طالبنا فيه باستقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة للنظر في هذه الجريمة ولتقديم إصلاحات سياسية».
وذكر سلمان ان الجمعيات أكدت في البيان «حاجة البلاد الى تعديل الدستور للتداول السلمي للسلطة وإرساء ملكية دستورية».
كما قال ان الجمعيات توجهت «بنداء للأمين العام للامم المتحدة لحماية المدنيين في البحرين». الى ذلك، قال سلمان، «قررنا (في جمعية الوفاق) الانسحاب الكلي والنهائي من مجلس النواب».
أما وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة فأعرب عن «حزنه الشديد لما يحدث» في بلاده حاليا، مؤكدا أن «المشروع الإصلاحي الذي وضعه الملك حمد بن عيسى آل خليفة مستمر وأنه فتح للبحرين مجالات واسعة للتعبير السلمي عن المطالب المشروعة».
ولوّح الوزير بـ«محاذير» الانقسام إذ قال إنه «لا ينبغي أن نسمح أبدا بانشقاق الوطن على أساس طائفي». ونفى قدوم أي جيش من أي بلد خليجي الى البحرين، مؤكدا ان «قوة دفاع البحرين فقط هي التي تقوم بحفظ النظام»، وقال إن «جيش البحرين لم يوجه أي سلاح تجاه المواطنين فالجيش وظيفته حفظ البلاد وحماية مواطنيه وحقن الدماء».
من ناحيته، صرح العميد طارق حسن الحسن المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية ان «قوات الامن العام قامت صباح اليوم (الخميس) بإخلاء منطقة دوار اللؤلؤة من المتجمهرين والمعتصمين فيه وذلك بعد استنفاد كافة فرص الحوار معهم، حيث استجاب البعض منهم وغادر بهدوء، بينما رفض آخرون الامتثال للقانون، الأمر الذي استدعى التدخل لتفريقهم».