من مخيم شعفاط البطولة وميدان من ميادين الثورة في القدس المحتلة، إلى ساحات المسجد الأقصى المبارك والرباط فيها، وخطيبًا في مساجد المدينة المقدسة، ومعلمًا من معلميها بالقلم والرصاص، يطل البطل المعلم الشهيد فادي أبو شخيدم يفدي الأقصى بدمه وأسوار المدينة بروحه.
وصيةٌ خطها المعلم "أبو شخيدم" بدمه لطلابه المقدسيين وتلامذة تضحياته وفدائه في كل فلسطين، بوصلتها القدس والمسجد الأقصى، توّج تعاليمها بالعمل، وخطّ حروفها بالشهادة، واتبع مسارها بالبندقية وهي تلاحق جنود الاحتلال الخائفين وترعبهم في المدينة المقدسة.
في البلدة القديمة وبين حجارتها القديمة عند باب السلسلة، اشتبك الفدائي البطل فادي أبو شخيدم، في 21 نوفمبر 2021م، مع قوات الاحتلال، وقتل جنديًا إسرائيليا وأصاب ثلاثة بعملية إطلاق نار، أحدهم بجراح خطيرة.
والشهيد أبو شخيدم (42 عامًا) هو أسير محرر سابق من سجون الاحتلال، حاصل على ماجستير في الشريعة الإسلامية، يعمل مربيًا ومدرسًا للتربية الإسلامية في مدرسة الراشيدية بالقدس.
أحد قادة حماس في شعفاط
ويعتبر أبو شخيدم من روّاد وشيوخ المسجد الأقصى المبارك وأحد أعلام المرابطين في ساحاته. كما عمل خطيبًا لعدد من المساجد في مدينة القدس، إضافة لكونه أحد وجهاء وأعلام وقادة حركة حماس في مخيم شعفاط.
وزفت حركة "حماس" حينها ابنها الشهيد البطل الشيخ فادي محمود أبو شخيدم، القيادي في الحركة بمخيم شعفاط، وقالت: "لقد أمضى شهيدنا في القدس حياته بين دعوة وجهاد، وتشهد له أرجاء المدينة وجنبات المسجد الأقصى، وها هو يرتقي بعد معركة بطولية جندل فيها قوات الاحتلال، وأوقع فيهم قتلى وجرحى".
وأضافت: "إن رسالة العملية البطولية تحمل التحذير للعدو المجرم وحكومته بوقف الاعتداءات على أرضنا ومقدساتنا، وأن حالة التغول التي تمارسها ضد المسجد الأقصى وسلوان والشيخ جراح وغيرها، ستدفع ثمنها".
وصية معلم
وفي وصية للشهيد "أبو شخيدم" خطها بيده، ذيلت بتاريخ 20 نوفمبر 2021م قبل يوم من استشهاده، أكد أن الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك يستوجب بذل الدماء لأجله، مشددا على أنه لا حياة بعزة وكرامة لنا والأقصى حاله يسوء يومًا بعد آخر.
وخاطب أبو شخيدم أهل القدس في وصيته: "اختاركم الله للرباط فيه الأقصى والذود عن مسرى نبيكم، فلا تخذلوه، واعلموا أن حلول مشاكلكم تبدأ من رباطكم وجهادكم، فوحدتكم في أقصاكم، وزوال المشاكل الاجتماعية والعائلية في ضبط البوصلة نحو مسجدكم المبارك".
وجاء في الوصية أيضا: أكتب حروفي هذه وأنا بأعلى درجات السعادة استعدادا للتويج سنوات من العمل الدؤوب المتواصل للقاء الله تعالى، فمنذ أن عرفت قدماي المسجد وأُشربتُ القرآن والسنة وأنا أحلم بقرب لقاء الله شهيدا بإذن الله مقبلا غير مدبر، وما كانت سنوات عمري السابقة إلا إعدادًا واستعدادًا إيمانيًا وعسكريًا لهذه اللحظة الشريفة المباركة".
وافتتح أبو شخيدم الوصية برسالة لعائلته قائلا: "إن الحياة في ظلكم شرف ورفعة، لكن ما عند الله أشرف وأرفع وأعلى، وكم كنتم لي عونًا وسندًا في حياتي فكان حقًا علي أن أجازيكم بخير منه ذلك أنه بلغنا عن نبينا صلى الله عليه وسلم أن الشهيد يشفع لأهله وأسأل الله أن أكون شفيعا لكم ولوالدي"، موصيا إياهم بالصبر والثبات.
وخاطب من أسماهم إخوانه رفقاء الدعوة والعمل الإسلامي، مؤكدا أن "كلماتنا ودعوتنا المباركة التي نعمل فيها منذ نعومة أظفارنا تستوجب علينا التضحية والفداء، فلا تبقى كلماتنا ميتة دون روح"، مضيفا: "لا بد للكلمة من شاهد على صدقها وهو العمل، وخير تعبير بالتضحية وموافقة القول الفعل".
وأكمل: "خير طريق لنا في ظل الظلم الذي يتعرض له مسجدنا أن نفديه بدمائنا فلا حياة لنا بعزة وكرامة ومسجدنا حاله يوما بعد يوم تسوء، وتزداد الهجمات عليه، فوطنوا أنفسكم على الرباط والجهاد والتضحية والفداء وفكوا أغلال الدنيا عنكم".
كما أوصى طلابه وطالباته بالثبات والاستمرار في طريق الجهاد، "فهو طريق الأنبياء والصالحين الذي لا يخطئ".