تبدو الحياة في تل الرميدة في مدينة الخليل منقوصة، مقتطعة من حياة فلسطينيي الخليل، الذين حاصرهم الاستيطان من كل اتجاه، حيث بنى المستوطنون أكبر تجمع استيطاني في المدينة بحجة البحث عن جذور توراتية.
الحي العربي القديم غير المحتلون اسمه إلى (تل حبرون)، وأصبح الدخول إليه ببوابات وتصاريح ومواعيد، فهجر العذاب اليومي أهله إلى أحياء أخرى، ونفر آخرين من الاقتراب من الحي القديم الذي أكله الاستيطان، فلم يبق فيه اليوم سوى 150 عائلة فقط.
وفوق الحصار المفروض على الحي هناك ازدياد فاحش لهجمات المستوطنين وكان آخرها إصابة شاب من ذوي الإعاقة، وفتاة، دعسهما مستوطن أثناء تواجدهما في متجر بحي تل الرميدة، وسط مدينة الخليل.
وقال رئيس "جمعية إبراهيم الخليل" الواقعة في تل الرميدة، ياسر أبو مرخية إن مستوطنا اجتاز بمركبته حاجزا عسكريا وصدم متجرا يعود للشاب حمدي يحيى ادعيس (21 عاما) وهو من ذوي الإعاقة ويتنقل بواسطة كرسي كهربائي، ما تسبب بإصابته بشكل مباشر في رأسه، إضافة لإصابة فتاة بالرأس أثناء تواجدها في المتجر.
ثم اعتدت قبل أيام مجموعة من المستوطنين على منزل لعائلة أبو هزاع، وفي ذات الوقت يطلب من المواطنين التقدم بالشكوى إلى شرطة الاحتلال التي تماطل وتتواطأ، وإذا لم يكن ذلك مجديا، فعلى الجنود أن يمارسوا سياسة الحجز على البوابات لأيام وساعات طويلة، والسماح للمستوطنين بالهجوم على المواطنين، بل وخلع ملابس النساء بحجة التفتيش.
حياة مليئة بالخوف والتربص، تفتيش وهدم ومصادرة للمنازل، وحجز للحياة وراء الحواجز، والدخول إلى المنازل والخروج على المدارس بتصاريح وتفتيش دقيق.
رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف، قال إن الحياة هناك يمكن أن توصف بأنها المأساة الحقيقية التي يعيشها سكان بلدة تل الرميدة في الخليل، جراء حصار الاحتلال، وجرائم الإعدامات الميدانية.
ووصف عساف ما يحدث بتل الرميدة بأنه كارثي وهذه العملية لم تكن العملية الأولى على مدار تاريخ احتلال الحي القديم منذ الثمانينيات، لافتا إلى أن هناك توثيقا لكل عمليات الاغتيالات المتكررة.
وبدوره ذكر عبد الهادي حنتش المختص في شئون الاستيطان بالحادثة الشهيرة التي حدثت قبل خمسة عشر عاما على بوابة تل الرميدة حينما اصطدم مواطن مع جنود الاحتلال لأنهم رفضوا إخراجه لتوصيل زوجته إلى المستشفى والتي كانت تعاني من حالة مخاض مستعجلة، وحينما اشتد النقاش بينهما قتل جنود الاحتلال المواطن بدم بارد أمام أعين زوجته.
ويلفت حنتش "للرسالة" إلى أن حياة القتل أصبحت هي الحياة العادية التي يعيشها أهالي الحي، مبينا أن في قلب الحي بؤرة استيطانية وظيفتها الاعتداء على المواطنين في كل حين، ومنعهم من زراعة أراضيهم المحيطة بمستوطنة رماتي شاي المحاطة بالقوات العسكرية.
ويذكر حنش أن هناك خمس بؤر استيطانية أخرى بالإضافة الى كريات أربع التي تقع الى الشرق من الخليل وبيت هاجاي جنوب الخليل، مضيفا: "هذا يجعل المواطن الفلسطيني تحت المراقبة المستمرة وحياته اليومية مرتبطة ببوابات وحركاته محسوبة إذا أراد الذهاب إلى مدرسته أو إلى عمله.
يقع الحي في قلب مدينة الخليل، وهي المنطقة الأولى التي تأسست عليها المدينة قبل ستة آلاف عام، وبدأت الحفريات فيه عام 1920 حتى اليوم.
ويعتبر الحي تاريخيا قديما ويقال إن سيدنا ابراهيم عليه السلام وعائلته عاشوا فيه، وفي عام 1986 أقيمت في مركز الحي أول مستوطنة (إسرائيلية).
وفي تقريرها السنوي عن الاستيطان تقول منظمة "بيتسيلم" (الإسرائيلية) أن مستوطني تل الرميدة معروفون بتطرفهم، وأنهم يسكنون في جهة واحدة من شارع بلا مخرج، فيما تسكن عائلة أبو عيشة على الجهة الثانية.
وتعد الخليل المدينة الفلسطينية الوحيدة التي أقام الاحتلال بها أول مستوطناته في قلب أقدم الأحياء وأكثرها ازدحاما بهدف تحويل البلدة القديمة في الخليل إلى مدينة أشباح، عبر سياسة وصفتها المنظمة بالممارسة الرسمية المميزة ضد السكان الفلسطينيين في المدينة.