لم يك في وارد الحرب لدى دوائر صناعة الإرهاب الإسرائيلية، أن حرب العصابات ربما تجد طريقًا جديدا بمفاعيل شعبية محضة، تدفع بأوراق القوة العسكرية التي تملكها موضع استنزاف واستهداف معا بأقل الأثمان.
ومع تأزم المشهد على الجبهة الجنوبية التي عدّتها التقديرات العبرية، موضع تسخين وترقب، حاولت آلة الحرب زج القطاع في أتون التهديد وتحت مقصلة التلويح باستخدام الحرب، وهي الوسائل التي واجهتها المقاومة باقتدار.
وتشير أوساط نافذة في قيادة المقاومة لـ"الرسالة نت" أن الاحتلال وجّه عشرات رسائل التهديد عبر جهات وسيطة مختلفة، وكان رد المقاومة بوضوح "لا تنقلوا إلينا تهديدات الاحتلال ولا رسائل ترهيبه، وليفعل ما يشاء وليهدد هو كما يشاء وعبر ما يشاء؛ لن نستقبل التهديدات".
وعلى إثر ذلك توقفت رسائل التهديد التي وجهّها عبر أطراف الوسطاء؛ ليلجأ إلى محاولات ترهيب أخرى عبر محاولة اطباق جوي زجّ به الآلاف من أنواع طائراته المسيرّة في أجواء القطاع، وهي أيضا تنبهت لها قيادة المقاومة، وفق مصادر الرسالة، ونجحت في التغلب عليها.
كما لم تنجح محاولات الاحتلال وأعوانه الرامية لتحريض الجبهة الداخلية على المقاومة، أو تشويه سلوكها عبر ترويج الأخبار الكاذبة، ليجد الاحتلال نفسه أمام جبهة جديدة تمثلت في ابداعات الشباب الثائر.
قبل 3 أسابيع، أعلن الشباب الثائر استئنافه للفعاليات الغاضبة، إثر جرائم المستوطنين في القدس واعدامات الاحتلال في الضفة، وتضييق حلقات الخناق في غزة، ونجح الشباب في تفعيل أدوات الارباك على مدار أيام الأسابيع الماضية.
وباعتراف قوات الاحتلال ، فإن الشباب يملكون في هذه المواجهة جرأة أكبر، وقدرة استبسال متقدمة، وتجرأ على اقتحام السلك الفاصل ومحاولات تسلل في بعض المناطق.
وأوضح الخبير العسكري د. واصف عريقات، أنّ الشباب الثائر شكلّ حالة استنزاف منخفضة التكاليف، لقاء المواجهة العسكرية التي كانت تهدد بها سلطات الاحتلال لغزة، والتي كانت ستكون كلفتها أكبر.
وأكدّ عريقات لـ"الرسالة نت"، أنّ الشباب نجحوا في تحقيق حالة الرعب في مستوطنات الغلاف، وشكلوا حالة ترقب في الجبهة الجنوبية، ما دفع الاحتلال للإبقاء على قواته هناك بعد استدعاء عدد منها للمشاركة والانخراط في المواجهة بالمحافظات الشمالية.
وقال إنّ الشباب الثائر أحرج قدرة الاحتلال على الرد، فهؤلاء نجحوا في تحقيق أهدافهم دون أن يوفروا غطاء للاحتلال؛ ليمارس هوايته في القتل والبطش.
كما أن الشباب الثائر مثلّ نجاعة الفعل الشعبي المدعوم من المقاومة، وأثبت أن الفعل الشعبي القوي والحقيقي قادر على احداث تأثير في الأحداث، واجبار الاحتلال للتراجع.
في المقابل، يصف الخبير العسكري د. رفيق أبو هاني، عمل الشباب الثائر، لم يعد مجرد اسناد للعمل العسكري، إنما شكل عملا مقاوما بمفرده، ونجح في تحقيق أهدافه التي جسدّت معنى المقاومة الشعبية.
وقال أبو هاني لـ"الرسالة نت" إن ّالحد التي يمكن للمقاومة الشعبية تحقيقه هو الازعاج والاستنزاف، لكن مع ذلك نجح الشباب الثائر في تحقيق الأهداف الشعبية التي تدفع الاحتلال عن اجراءاته الاجرامية.
وذكر أنه مجرد وجود الشباب الثائر وقدرتهم وتحركهم في الميادين، تمثل اهم إنجازات مسيرات العودة الكبرى، والتي مثّل الشباب الثائر العمود الفقري.
وقارن أبو هاني بين الشباب الثائر الذي يواصل اعماله الشعبية المقاومة، وبين انطلاقة الانتفاضة الثانية التي شكل فيها أيضا الشباب الثائر عنوانا مهما في استمرارها واشعالها.
أشكال إبداعية
ونجح الشباب الثائر في استحداث عديد الأدوات الشعبية؛ لإشغال الاحتلال، تمثل أوله في الأطباق الطائرة المحملة بمواد الحريق والاشتعال، ومن بينها أيضا اشعال الإطارات المطاطية، إلى جانب الارباك الليلي تحديدا في منطقة شمال غزة التي تقترب منها مستوطنات عبرية، اشتكى سكانها من خوفهم إزاء هذا الارباك.
واستحدث أيضا الشباب وحدات قص الاسلاك، إلى جانب وحدات المرايا العاكسة وغيرها من وحدات الاسناد.
ونجح الشباب الثائر في توجيه رسائل غاضبة للاحتلال، مثلت محور اهتمام وتركيز لدى الإعلاميين والسياسيين في أروقة الاعلام العبري.