قائمة الموقع

تحليل: واشنطن تبحث عن حلفاء مع تصاعد الثورات

2011-02-21T07:49:00+02:00

غزة-محمد بلّور-الرسالة نت

دعونا نستريح قليلا من "سندويتشات الماكدونالد والهامبرجر" ونجرب مرة واحدة "الشاورما التركية ونجدد ثقتنا بالسجّاد الإيراني" !.

أطفالنا زادت شحومهم وشعوبنا ضيعّت أوقاتها تعدو خلف أفلام هولوويد وقبل كل ذلك تجرّعت أمتنا العربية عشرات السنين من إهانة حلفاء الولايات المتحدة-الزعماء العرب-حتى نشط البركان ! .

تكتفي الولايات المحتدة هذه الأيام بمراقبة ثورات الشعوب العربية وهي تشاهد حلفائها يسقطون واحدا تلو الآخر.

تعيد أمريكا بين حين وآخر بث بيانات إعلامية تحترم إرادة الشعوب وتدعو للديمقراطية وحقوق الإنسان وتحاول الترجيح بين القيادات المستقبلية لتعقد معها حلفا مسبقا يضمن لها مصالحها التي تعتبرها فوق كل الأسماء .

موقف المراقب

أكثر من يستمتعون بمذاق القهوة أمام نشرات الأخبار التلفزيونية هذه الأيام أولئك الاشتراكيون القدامى, الإسلاميون من قبلهم سيعيدون طرح فكرهم الأصيل بحلّة جديدة وسيمنحون محاضراتهم السياسية أنفاسا عطرية مقدمين الحل القديم.

للمرة الأولى يدرك الأمريكان أن مصالحهم في خطر وأن الرهان على شعوب عربية قمعت لعشرات السنين مسألة آخذة في التبدد .

الباحث في الشئون الأمريكية والإسرائيلية د.وليد المدلل أكد أن أمريكا  كانت سابقا وحيد القرن في المنطقة والآن تحاول الاستفادة من الثورات العربية مدركة أنها لا تستطيع الوقوف أمام ثورات شعبية تشبه تماما الإعصار.

وأضاف: "انتقلت أمريكا وحليفتها إسرائيل إلى مراقبين لتحولات في أنظمة حليفة وإستراتيجية وهي لم تتنبأ بوقوع ذلك وتقف الآن مشدوهة فتحاول الظهور بمظهر الديمقراطي منتظرة من سيقفز إلى السلطة".

وأشار أن خبراء أمريكا ومعاونيهم في المنطقة العربية يتبادلون الاتهامات بعد أن أدركت أمريكا أنها لم تحصل منهم على معلومات صحيحة عن خطر الثورات وأبعادها .

أما المحلل السياسي د.عبد الستار قاسم فوصف الموقف الأمريكي بأنه موقف أذكى من موقفها أيام سقوط شاه إيران حين استعدت يومها الناس.

وأضاف: "أظنهم تعلموا الدرس ويطلقون الآن بلاغات رسمية لتقول نحن مع الشعوب رغم أنهم غير راضين عن تغيير الأنظمة لكن الظلم الذي وقع على الشعوب شديد والشعوب تدرك أيضا أن أمريكا سبب في معاناتها".

وقال إن أمريكا لا تستطيع التدخل عسكريا ولا سياسيا في المظاهرات الشعبية وأنها تقف موقف المراقب فقط.

بدوره، حدد المتابع للشئون العربية والدولية تيسير محيسن الموقف الأمريكي بأنه مرتبط أساسا بموقف الإدارة الأمريكية للشرق الأوسط ومصالحها في المنطقة ما يحدد تعاملاتها مع الأحداث .

وأوضح أن أمريكا ليس لها صديق دائم فلم يكن الرئيس التونسي المخلوع "بن علي" ومن بعده "مبارك" سوى أدوات في يدها وأن غاية أهدافها أن ترى إسرائيل "قوية وآمنة".

وتابع: "تتابع أمريكا أحداث الشرق الأوسط رغم أنفها وتحاول مجاراة الشعوب وتطالب الزعماء بعمل إصلاحات ومنح الحريات حتى إذا ما سقط أي زعيم لن تلتفت إليه " .

الديمقراطية

ويجسّد الموقف الأمريكي مقولة قديمة لوزير خارجيتها الأسبق هنري كسنجر"الأخلاق والسياسة الخارجية نادرا ما تسيران معا" وهي مقولة تعني باختصار أن أمريكا تدير ظهرها لمن لا يتوافق مع مصلحتها الخارجية.

حتى الرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين روزفلت كرر دوما مقولته:" تكلم برفق ولكن احمل عصا غليظة" وذلك تلويح آخر بالهراوة حتى أمام الأصدقاء فما بالك بالزعماء منتهي الصلاحية .

وقال المحلل المدلل إن الرئيس السابق بوش جرّم الأنظمة العربية وحملها مسئولية تفريخ الإرهاب بسبب غياب الديمقراطية والتنمية لكن تلك الدعوى لم تتجاوز مراكز التفكير وبعض الساسة ولم تتحول إلى سياسات حتى في عهد "اوباما" حتى بعد سنتين من ولايته .

وتابع:"الدليل على ذلك ما حدث في فلسطين ومنح الاستيطان قبل أيام الشرعية يشير لعجز أمريكا وتفاقم الوضع بأفغانستان والعراق وساحات أخرى".

وقال إن حسن النيّة غير وارد في الحياة السياسية وأن عدم حماية منجزات الثورة قد يؤدي للانقلاب عليها .

وأوضح أن مصر كانت منحازة بشكل كامل مع أمريكا حتى انتهت بهروب حاكمها وكذلك بقية "الديكتاتوريات" في ثورات "بيضاء"امتازت بـ"ارتفاع حجم الضحايا وطول عمر الأنظمة" وانتهت بفقدان أمريكا للسيطرة إلى الأبد .

الشرق الأوسط الجديد

سننظر بعد اليوم للمثل الأمريكي "سلفستر ستالوني-رامبو"على أن عضلاته اصطناعية فارغة أما الممثل أرلند فسنكتفي إن سنحت لنا الفرصة بالاستماع له فقط كناشط سياسي في ولايته ولن ننبهر بضرباته القاصمة في أفلام الأكشن .

ومع إعصار الثورات العربية المتلاحقة سقطت فكرة الشرق الأوسط الجديد و الضربة الاستباقية والمناطق المحرمة المعروفة اصطلاحا بـno mans land  .

وأكد المحلل قاسم أن رؤية أمريكا نحو شرق أوسط جديد انهار عندما حصرت نفسها بيد آراء مثقفين عرب عادوا العروبة والإسلام.

وتابع:"غرر بها عملاؤها حين أوهموها بوجود أسلحة دمار في العراق وخسرت وستخسر من بعدها (إسرائيل) وإذا ضغطت الأخيرة على أمريكا فستتخلى عنها إذا جاء ما يهدد مصالحها ".

ويرى قاسم أن مصالح أمريكا تتركز في السيطرة على النفط وتحديد العلاقات مع إسرائيل وتحديد علاقات العرب مع دول العالم .

أما المحلل محيسن فأكد أن أمريكا تدرك الآن اللعبة وتعلم أنها أخطأت حين اتكأت على زعامات عربية لم تحظ بدعم شعبها .

واستبعد أن تقحم أمريكا نفسها في ممارسات عسكرية أو سياسية للضغط بل ستكتفي بالمراقبة ومد جسور الثقة مع أصدقاء المستقبل.

أمريكا والاتحاد الأوروبي

ستغير حوانيت المنتجات الأمريكية يافطاتها للون داكن بدل اللون الفاقع الذي كان يخترق أعيننا بجرأة للتوارى عنا بعد فشل الحلفاء .

هذا بالنسبة لأمريكا أما الاتحاد الأوربي فهل يكتفي بالمثول كلاعب احتياط متردد في الدخول إلى الملعب , الحقيقة أن الاتحاد لعب أدوار ثانوية كما يقول المحلل المدلل لأن سياسته ملحقة لحد ما بالولايات المتحدة .

وتابع: "نظرا لعوامل التاريخ والعلاقات الأوربية العربية خاصة الشمال الأفريقي ظل دوره بسيط وأوروبا مدعوة الآن لإعادة حساباتها وقد أحرجت مؤخرا أمام مواطنيها من دعم تلك الديكتاتوريات ولعل الضغط في فرنسا وبريطانيا مؤخرا أوقف تصدير وبيع السلاح لدول عربية استخدمته ضد شعوبها" .

أما المحلل قاسم فقال إن الاتحاد الأوروبي ليس له كلمة لأن اختار موقفا هامشيا ولا توجد له رؤية موحدة.

وخلافا عن سابقيه قال المحلل محيسن إن الاتحاد الأوربي ليس ضعيفا وأنه يحجب موقفه تجاه العرب لأن له ارتباطات واتفاقيات إستراتيجية مع أمريكا وأن تعامله في أي ملف قد يصطدم به مع أمريكا وهو ما لا يريد .

وتابع: "استمعنا للساسة الأوروبيين يقولون مؤخرا أن العالم بدأ يفهم أن أمريكا لم تعد في الشرق الأوسط كسابق عهدها ما يمنح دول أوروبية فرصة لطرح رؤى في المنطقة" .

التحالفات الجديدة

والآن هل ستعود أيام "الكافيار" والسجاد "الإيراني" لتباع في أسواق القاهرة ؟ أم أن المنطقة ستكتفي باستيراد "البهارات" من الشرق دون السياسة .

وهل ستعود الحياة أكثر كلاسيكية من إيقاعها الأمريكي السريع لنرتاح قليلا من سراويل الجينز وجوائز الأوسكار .

ثوّار الكرملين يشهرون إبهامهم لبعضهم البعض في إشارة لرضاهم عن بدء مغادرة التمساح الأمريكي الدول العربية النفطية منها والمغربية وأن عدم وجود اتحاد سوفيتي كمنافس لا يعني عدم وجود تحالفات جديدة فهناك تركيا وإيران بوزن إقليمي حسن .

المحلل المدلل يرى في عوامل الدين والجغرافيا والمصالح مقربا لحلف تركي-عربي-إيراني قد يضم مصر الجديدة إذا استمر موقف أمريكا منحاز تماما لإسرائيل وبقيت أوروبا ترفض دخول تركيا للاتحاد الأوروبي.

إما المحلل قاسم فقال إن صديق اليوم لن يكون صديق الغد وأن الحلف الجديد سيضم تركيا-إيران-العرب وأن أكبر الخاسرين ستكون الأردن وسلطة فتح وإسرائيل.

وزاد المحلل محيسن عن سابقيه متوقعا انضمام أطراف أوروبية للحلف السابق ما  قد يقلب الطاولة في العقدين القادمين حين لا تكون أمريكا القوى العظمى مع بروز قوى أخرى تنافس أمريكا .

المرجح أن أعداد الضحايا ستزداد في الأيام القادمة خاصة مع وصول موجة الثورة إلى ليبيا والبحرين والأردن قريبا لكن الأهم أن زعامات تلك الدول سينهارون تماما كأحجار الدومينو التي تصطف بجوار أخواتها حتى إذا ما تلقت ضربة مالت ومالت كل الأحجار راكعة على الأرض .

 

اخبار ذات صلة