الرسالة نت/ لميس الهمص
قلبت وسائل الإعلام الجديد وتحديدا صحافة الشعوب وشبكات الإعلام الاجتماعي – يوتيوب، تويتر، فيس بوك، المدونات، مفهوم الإعلام رأسا على عقب وأسقطت كثيرا من نظرياته .
فبعد أن كان المفهوم الأساسي للإعلام هو توفير المؤسسات الإعلامية للمواد الإخبارية للمتلقي، أصبح الجمهور هو من يعطي المعلومة حتى لوسائل الإعلام.
ثورة الاتصالات الجديدة ستدفع العديد من الأنظمة القمعية التي أصيبت بالهلع، لمراجعة حساباتها وإعادة النظر في الإمكانات الكامنة لدى أجيال الشباب بعد أن أصبح الإعلام الجديد قوة رابعة.
المواطن بات صحفيا
ثورة الإعلام الجديد، بتقنياته المتطورة وبالسماء المفتوحة أمامه، كسرت الحواجز، وتغلبت على عامل التأخر الزمني في نقل الخبر والحدث، من خلال سرعة الوصول والانتقال المذهل للخبر المتكامل، وكسرت قيود واحتكار تدفق المعلومة الموثقة بالكلمة والصوت والصورة، فكانت السلاح الأساسي، والرافعة الكبرى التي ساعدت على انتصار ثورة وانتفاضة الشعبين التونسي والمصري.
ويعلق أستاذ الإعلام الدكتور نشأت الاقطش على التغطية الإعلامية لما دار في تونس ومصر بقوله " الإعلام استطاع من خلال تغطية الأحداث حماية الثورة، ويعود فضل الثورة بعد الجماهير إلى الإعلام الذي ساهم بحماية المتظاهرين".
ويعتقد الاقطش أن لولا الإعلام والكاميرات التي غطت ثورة مصر وراقبت تصرفات النظام لسحقت الجماهير تحت الدبابات كما جرى في الثورة الإيرانية عندما سحق الشاه الإيراني خمسة عشر ألف مواطن دون أن يرى احد الصورة".
ولعب الإعلام الجديد أو ما يعرف بالإعلام الاجتماعي الذي حول جميع المواطنين ليكونوا صحفيين دورا مهما في ثورة مصر وحماية المتظاهرين من خلال تصوير أحداث لم يرها أحد، وتعميمها على المواقع الالكترونية والتلفاز.
ويشدد أستاذ العلام أن الإعلام الاجتماعي الجديد سجل تاريخا جديدا لقوة وسائل الإعلام في مواجهة قمع الشعوب.
وتابع "فكرة الوصاية على معرفة الجمهور خطيرة في العمل الإعلامي، وإخفاء المعلومات وصفة لفشل الصحفي".
كسرت القيود
فيما يرى الكاتب على بدران أن عالم الإعلام اليوم لم يعد كتاباً ولا مكتبة ولا صحيفة ولا مجلة فقط ، وإنما شاشة ضوئية رقمية زهيدة الثمن وسهلة النقل والتحريك كالهاتف الجوال وتقنيته بالتصوير وإرسال الصورة والكلمة وحتى الصوت، وهي تخضع بدورها للتطور اليومي المفتوح الآفاق.
ويرى أن ثورة الإعلام الجديد، كسرت كل القيود تقريباً، وساعدت على تفجر انتفاضة شعب تونس، منذ اللحظة التي سرب بها موقع (ويكيليكس) الالكتروني الرسالة الشهيرة من السفير الأميركي في تونس إلى إدارته ووزارة خارجيته.
وتشير بعض المصادر الى أن تلك الوثيقة قرأها أكثر (170) ألف متصفح تونسي داخل تونس يوم تسريبها.
ولإدراك دولة الاحتلال للمخاطر التي باتت تشكلها وسائل الإعلام الحديث أعلنت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي أن قيادة الجيش شرعت في تشكيل وحدة قتالية جديدة في الجيش، متخصصة بمحاربة الرأي العام المحلي والعالمي، عبر شبكات "الفيسبوك" و"تويتر" و"اليوتيوب"، واعترف أحد قادة الوحدة، أن الجيش أقام علاقات بمتخصصين في التعقيبات على الأنباء التي تنشر في مواقع الانترنت المختلفة.
وقال الرائد تساحي بيران، في مقابلة اجرتها معه إذاعة جيش الاحتلال، إن الوحدة القتالية، كما تم تسميتها، ستحاول التأثير على الحلبات الرسمية، "ولكن ما زال لدينا الكثير لفعله في هذا المجال".
وتابع بيران قائلا، "إننا نعي حقيقة ان الجيل الشاب لا يقرأ الأخبار في الصحف ولا يسمعها عبر الإذاعات، ولا يشاهدها في التلفزيونات، ونرى أنهم يتابعون كل ذلك عبر الشبكات الاجتماعية في الانترنت".
في تطور
بدوره ذكر المهندس علاء أبو سمعان مدير مشروع مبادرون بالجامعة الإسلامية أن الإعلام الجديد يتسارع في تطوره في مجال التواصل، موضحا أن وسائل الإعلام تطورت من خلال البرامج والأجهزة فباتت هناك الهواتف الذكية التي يمكنها تسجيل الصوت والصورة ومشاركتها مع أي شخص في العالم .
وقال:" إن الإعلام الجديد أصبح أكثر أدوات التغير والمناصرة اتجاه العديد من القضايا التي تخص المواطنين كما حدث في مصر وتونس.
ويرى أبو سمعان أن وسائل الإعلام انتقلت من قبضة الحاكم ليد الجمهور الذي بات هو من يتحكم بالخبر ونقله دون أي رقابة ، لافتا إلى أن وسائل الإعلام الجديد والتكنولوجيا أفادت العديد من السياسيين في حملاتهم الانتخابية .
وبين أن الرئيس الأمريكي اوباما لم يتكلف في حملته الانتخابية شيئا كونه استخدم وسائل الإعلام الحديث بينما خسر غريمه 10 ملايين دولار لاستخدامه الوسائل التقليدية في حملته .
وبين أن القطاع يفتقر لخطة ممنهجة في استخدام أدوات الإعلام الجديد فتلك الوسائل غير مستغله من قبل الأحزاب ولا المؤسسات والتي ممكن ان توفر عليها الكثير من الأموال ، لافتا إلى نسبة كبيرة من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بالقطاع يستخدموه بشكل جزئي خاطئ لاستبدال الصور والنكات والتعليق عليها دون اللجوء للفائدة الحقيقة من تلك الأدوات.
وبحسب إحصاءات فإن عدد المواطنين في قطاع غزة الذين باستطاعتهم الدخول للانترنت يبلغ 70% من السكان ، بينما تبلغ النسبة في الضفة الغربية 40%، كما أن عدد مستخدمي الفيس بوك بغزة وصل إلى خمسين ألف مستخدم.
ويشير مهتمون أن التقنيات التي ساهمت في تحريك ثورتي مصر وتونس هي صفحات فيس بوك ، والصور الرقمية، بالإضافة لبرامج تعديل الصور الرقمية ، علاوة على البريد الإلكتروني والمجموعات البريدية، ومقاطع الفيديو على يوتيوب، والرسائل القصيرة على التليفونات المحمولة.
تلك المخاطر التي يتسبب بها الإعلام الحديث على الأنظمة دعت الرئيس الليبي معمر القذافي إلى تحذير مواطنيه من استخدام موقع "فيسبوك" بهدف الإخلال بالأمن في البلاد.