لم تستثن جرائم الاحتلال بالضفة الغربية قاطفي الزيتون، فقد ارتقى الشهيد بلال محمد صالح (40 عاماً) برصاصة بالصدر خلال هجوم للمستوطنين على قاطفي الزيتون في بلدة "الساوية" جنوب نابلس (شمال الضفة الغربية)، الأسبوع الماضي، بعد أيام فقط من توزيع المستوطنين لمنشورات تطالب الفلسطينيين بالرحيل أو مواجهة نكبة أخرى.
" كل شجرة مقطوعة هي مقدمة لطرد فلسطيني"، بهذه الكلمات تلخص الصحفية اليسارية الإسرائيلية "عميرة هاس" ما تتعرض له أشجار الزيتون، من حملة منظمة لقطعها وتدميرها على أيدي الاحتلال ومستوطنيه في مختلف أرجاء الضفة الغربية.
وتمتد أشجار الزيتون على مساحة تزيد على 575 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية، وتمثل ما نسبته 85% من أشجار البستنة، وتنتج في السنة الجيدة حوالي 33 ألف طن، وفي السنوات غير الجيدة سبعة آلاف طن من زيت الزيتون.
ومنذ عام 1967، قضى الاحتلال على 800 ألف شجرة زيتون، من خلال الاقتلاع والحرق، وصولا إلى ابتداع أساليب أكثر تطرفا، تمثلت في إغراق الأشجار بالمياه العادمة، ورش مواد سامة على جذور أشجار الزيتون، ما أدى إلى تلفها بالكامل، وزرع أجسام مشبوهة لتظهر على أنها ألغام، وزراعة قضبان حديدية في أراضي المواطنين لإعطاب عجلات المركبات والجرارات الزراعية.
ورصدت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان 140 اعتداءً خلال النصف الأول من العام الجاري، تسببت باقتلاع ثمانية آلاف و 340 شجرة زيتون وتضررها وتخريبها وتسميمها، وتركزت في محافظة رام الله والبيرة، التي تعرضت لــ35 اعتداءً، تليها محافظة نابلس بــ33 اعتداءً، ثم محافظة الخليل بـ24 اعتداءً.
وفي عام 2022، بلغ عدد العمليات التي استهدفت أشجار الزيتون ما مجموعه 354 عملية اعتداء، تسببت باقتلاع ما مجموعه عشرة آلاف و 291 شجرة زيتون وتضررها وتخريبها وتسميمها، وتركزت في محافظة نابلس التي تعرضت لــ93 اعتداءً، تلتها محافظة بيت لحم بـ52 اعتداءً، ثم محافظة الخليل بـ49 اعتداءً.
فضلا عن القيود التي واجهها المزارعون بسبب المستعمرات، فنحو 90 تجمعا سكانيا فلسطينيا يملك أراضي تقع بمحاذاة 56 مستعمرة، وعشرات البؤر الاستعمارية أو على مقربة منها، ولا يستطيع الكثير من المزارعين الوصول إلى أراضيهم، نتيجة تضييقات قوات الاحتلال وإجراءاتها التعجيزية التي تهدف إلى التضييق على المزارع الفلسطيني، وتحويل هذه الأراضي إلى "بؤر" لا يستطيع أصحابها فلاحتها تمهيدا للسيطرة عليها.
وتقع آلاف الدونمات المزروعة بالزيتون خلف جدار الفصل العنصري أو تحيطها المستوطنات، حيث تتعرض وأصحابها لأقسى أنواع الاعتداءات والتدمير (استيلاء، واقتلاع، وحرق، وتكسير، وسرقة، وإغراق بالمياه العادمة)، ليخسر المزارعون سنويا 45 مليون دولار بالمتوسط، وفق المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان.
وحسب تقرير لهيئة الجدار والاستيطان (تابعة للسلطة)، فإن مساحة الأراضي التي عزلها جدار الفصل العنصري، بالقرب من المستعمرات تقدر بـ7% من إجمالي مساحة الأراضي المزروعة بالزيتون، ولا يستطيع مالكوها الوصول إليها إلا بتصريح، وبالتالي لا يمكنهم استصلاحها وفلاحتها، إضافة إلى أنها تتعرض للسرقة أو الحرق، ما يتسبب بخسارة ما يقارب 1500 طن من الزيت، أي ما يقارب 10 ملايين و500 ألف دولار سنويا.
ووثقت "قدس برس" أبرز الانتهاكات التي تعرض لها قاطفو الزيتون في الضفة الغربية خلال الأيام الماضية، والتي تبين حجم الحملة التي يتعرضون لها، ففي سلفيت شمالي الضفة، هاجم عشرات المستوطنين من مستوطنة "رفافا"، قاطفي الزيتون في "ديراستيا وحارس"، وأجبروهم على مغادرة أراضيهم تحت تهديد السلاح،
وفي الخليل جنوبي الضفة، اعتدى مستوطنون مسلحون على قاطفي الزيتون في منطقة شعب البطم في مسافر يطا جنوباً، أثناء قطف ثمار الزيتون في أراضيهم. كما احتجز مستوطنون أغنام الفلسطينيين في منطقة الدرج بالبادية شرق يطا، ومنعوا الرعاة من استلامها.
كما هاجم عدد من مستوطني "يش كودش" المزارعين أثناء قطف الزيتون في الجهة الجنوبية من بلدة "قصرة"، بحماية جيش الاحتلال، واعتدوا على فلسطيني بالضرب بالعصي والحجارة، وجرى نقله إلى مركز طبي في البلدة.
واقتلع عشرات المستوطنين 10 أشجار زيتون معمرة، برفقة جيش الاحتلال في "قصرة"، رغم أنّ المنطقة التي كان المزارعون يقطفون ثمار الزيتون فيها واقعة في المنطقة المصنفة "ب"، ولا تحتاج أي تنسيق.
وفي رام الله، داهم مستوطنون منطقة "الشرفة" التابعة لقرية دير جرير شرق رام الله، وسرقوا معدات خاصة لقطف ثمار الزيتون، تحت تهديد السلاح، تعود للفلسطيني جاد سميح.
وفي طولكرم، اعتدى عشرات المستوطنين على فلسطينيين أثناء قطفهم ثمار الزيتون في منطقة القرين، بالقرب من (خربة الحمام).