قالت منظمة دولية متخصصة بشؤون الأطفال: إن "القصف المستمر منذ شهر على المناطق المدنية المكتظة بالسكان في قطاع غزة، أدى إلى تفاقم أزمة الصحة العقلية الحرجة لأطفال غزة، وهو ما يؤدي لعواقب بعيدة المدى، حيث تم تقويض استراتيجيات التكيف والمساحات الآمنة وقطع خدمات ومساعدات الصحة العقلية".
وقالت منظمة إنقاذ الطفولة ومقرها لندن: إنه "خلال الشهر الماضي، قُتل أربعة آلاف طفل وثمانية أطفال في غزة، مع فقدان ألف و 270 طفلاً آخرين، يُفترض أنهم مدفونين تحت الأنقاض، كما قُتل 43 طفلاً آخرين في الضفة الغربية المحتلة" .
وأضافت أنه مع إصابة الغارات الجوية الإسرائيلية خلال الشهر الماضي آلاف الأماكن المدنية في غزة، بما في ذلك المدارس والمستشفيات التي تؤوي العائلات، فإن العنف والخوف والحزن وعدم اليقين يسبب أذى عقليا خطيرا للأطفال الذين ليس لديهم مكان آمن يذهبون إليه.
وأشارت إلى أن وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أكدت أن 444 عائلة فقدت ما بين اثنين إلى خمسة من أفرادها بسبب القصف الإسرائيلي، في الأسابيع الأربعة الماضية، بما في ذلك 192 عائلة فقدت 10 أفراد أو أكثر، مما ترك العديد من الأطفال دون دعم أسري – وهي آلية تكيف حاسمة للأطفال الذين يعانون من الصدمة، فيما أفاد العاملون في المجال الطبي في غزة، بما في ذلك منظمة أطباء بلا حدود، أن عدد الأطفال الذين ليس لديهم أفراد من أسرهم على قيد الحياة والذين يصلون للحصول على الرعاية الطبية مرتفع للغاية.
وحذر خبراء الصحة العقلية في منظمة (إنقاذ الطفولة) من أن "الأعمال العدائية الحالية في غزة تعرض الأطفال لنوبات مؤلمة للغاية بينما تجردهم من الخيارات المتاحة لمساعدتهم على التأقلم، حيث لا يوجد مكان آمن ولا إحساس بالأمان ولا روتين، مع نزوح الآلاف من منازلهم".
وذكرت المنظمة، أن الأطفال في غزة، يعانون من مجموعة كاملة من علامات وأعراض الصدمة، بما في ذلك القلق والخوف والقلق بشأن سلامتهم وسلامة أحبائهم، والكوابيس والذكريات المزعجة، والأرق، وكبت العواطف، مشيرة إلى أن الصدمة التي تؤدي إلى هذه الأعراض مستمرة بلا هوادة وتتفاقم يوما بعد يوم.
وقال يوسف وهو موظف بمنظمة إنقاذ الطفولة في غزة، وأب لثلاثة أطفال تقل أعمارهم عن 10 سنوات: "هناك الكثير من الخسارة والكثير من الألم. نحن خائفون: مما تحمله الساعات القادمة، مما يحمله الغد. الموت في كل مكان. أطفالي ينظرون إلى عيني كل يوم، وهم يبحثون عن الإجابات. ليس لدي إجابات لهم. إنه أمر صعب للغاية، خاصة بالنسبة للأطفال. نحاول أن نجمع أنفسنا معًا لدعم الأطفال وحمايتهم. الاحتياجات ضخمة".
وأضاف أنه منذ "فرض الحصار البري والجوي والبحري في عام 2007، غرقت حياة الأطفال في غزة بالحرمان الشديد ودوائر العنف والقيود المفروضة على حريتهم".
وأظهر تقرير نشرته منظمة إنقاذ الطفولة في يونيو/حزيران 2022 أن "الصحة العقلية للأطفال كانت بالفعل على وشك الانهيار. وأفاد 80% من الأطفال أنهم يشعرون بحالة دائمة من الخوف والقلق والحزن والأسى. وكان ثلاثة أرباع الأطفال يتبولون في الفراش بسبب الخوف، وكان عدد متزايد منهم يظهر عليهم الصمت التفاعلي".
وقال جيسون لي، مدير منظمة إنقاذ الطفولة في الأرض الفلسطينية المحتلة: "في أوقات الحرب، عادة ما يبحث الناس عن ملجأ في أماكن آمنة. لا توجد أماكن آمنة في غزة في الوقت الحالي، ولا توجد وسيلة للوصول إلى بر الأمان في الخارج. ومع الشعور بالأمان، والوجود المستمر المطمئن للعائلة، ونوع من العلاج الروتيني المناسب، يمكن للأطفال التعافي. لكن الكثير من الأطفال فقدوا بالفعل أفراداً من أسرهم، والبعض فقدوا كل شيء، ولا يزال العنف والنزوح بلا هوادة".
وأضاف "لقد حذرنا مرارا وتكرارا من أن خسائر الصراع والحصار المفروض على الصحة العقلية للأطفال كبيرة للغاية. حتى قبل هذا التصعيد".
وتابع: "لم يعد لدينا ما يكفي من الكلمات لدق ناقوس الخطر بعبارات قوية بما فيه الكفاية أو لتوضيح حجم معاناة الأطفال".
ودعت منظمة (إنقاذ الطفولة) المجتمع الدولي إلى "دعم وقف إطلاق النار دون مزيد من التأخير وضمان احترام جميع أطراف النزاع للقانون الإنساني الدولي، كما هو واجبهم".
ولليوم الثالث والثلاثين على التوالي، يشن الاحتلال الإسرائيلي عدوانا واسعا على قطاع غزة، وتقصف طائراته المباني والمنازل وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها من المدنيين، ما أدى لارتقاء ما يزيد عن عشرة آلاف و 300 شهيد ونحو وستة وعشرين ألف جريح، منهم 4104 أطفال و 2641 سيدة.