حذر محللون إسرائيليون اليوم الجمعة، من "عدم موافقة إسرائيل على صفقة تبادل أسرى جزئية بين إسرائيل وحماس، وجرت بلورتها بوساطة الولايات المتحدة وقطر". والتحذير الأساسي هو من أن "استمرار الحرب على غزة قد يؤدي إلى مقتل أسرى إسرائيليين أو وفاة آخرين بسبب تدهور حالتهم الصحية".
وذكر المحلل العسكري في صحيفة /هآرتس/ عاموس هرئيل، أن "الصفقة الحالية تقضي بإفراج حماس عن 70 أسيرا إسرائيليا، وليس 50 مثلما جرى الحديث في الأيام الأخيرة، وأن تفرج إسرائيل في المقابل عن 150 أسيرة وقاصرا فلسطينيين من سجون الاحتلال. وأضاف أنه جرى التداول في تفاصيل الصفقة، الأسبوع الحالي".
وأضاف بأن "حماس تطالب بهدنة لخمسة أيام لتنفيذ الصفقة، بينما وافقت إسرائيل على هدنة لثلاثة أيام فقط". ونقل هرئيل عن مسؤولين سياسيين إسرائيليين قولهم إن "موقف رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في موضوع الصفقة ينطوي على حسابات سياسية داخلية، ولذلك هو يماطل في اتخاذ القرار. والاعتبار المركزي هم وزراء اليمين المتطرف، وخاصة رئيس حزب (عوتسما يهوديت) إيتمار بن غفير، الذي يبحث عن طريقة للنأي بنفسه عن الإخفاق الأمني في 7 أكتوبر، وربما ينسحب من الائتلاف".
وأشار إلى أن نتنياهو "يتمسك بقوة بشركائه من اليمين المتطرف والفاشي، بن غفير ورئيس حزب الصهيونية الدينية، بتسلئيل سموتريتش. وأشار هرئيل إلى أنه "في ذروة حرب رهيبة أيضا، يبدو أن صراع البقاء السياسي يؤثر على احتمالات بقاء نتنياهو خارج السجن، ولا يزال الاعتبار الأهم بالنسبة له".
وأضاف هرئيل أن "المصيبة هي أن الوضع ليس جامدا. ففي القطاع تسود فوضى الحرب، وقد تشتد إذا انتشر القتال إلى مناطق أخرى أيضا. ولا يوجد أي يقين ببقاء المخطوفين الذين لا يزالون على قيد الحياة، أو صحتهم معقولة حاليا، في الوضع نفسه في الأسبوع المقبل أيضا".
وتابع أن وزير الأمن، يوآف غالانت، وقادة الجيش الإسرائيلي يمارسون ضغوطا من أجل استمرار الحرب، ويعتقدون أن من شأن ذلك أن يرغم رئيس حماس في القطاع، يحيى السنوار، على تقديم تنازلات كبيرة في المفاوضات حول صفقة تبادل أسرى.
ويعتبر غالانت ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، أنه لا توجد ضغوط على إسرائيل من أجل إنهاء المناورة البرية الواسعة في القطاع. وقال غالانت هذا الأسبوع إنه "لا توجد ساعات"، أي فترة زمنية محددة للحرب، وإنما "توجد أهداف". وحسب هرئيل، فإن الإدارة الأميركية تظهر في هذه الأثناء تسامحا غير مألوف تجاه إسرائيل، رغم الاستطلاعات التي تشير إلى تراجع شعبية الرئيس الأميركي، جو بايدن. إلا أن "الدعم الأميركي، الذي يهدف إلى منع تدهور مقابل حزب الله وإلى حرب إقليمية، ليس مضمونا إلى الأبد".
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، أن الصفقة المطروحة على طاولة الكابينيت السياسي – الأمني الإسرائيلي "يصعب تقبلها، لكن احتمال أن نحصل على صفقة أفضل منها ضئيل جدا. وينبغي اتخاذ القرار، وبسرعة. ومن يتهرب من ذلك يراهن على حياة أولاد ونساء ومسنين اختطفوا إلى بلاد العدو ليس بذنبهم وإنما بذنب الدولة".
وأضاف فيما يتعلق بالخلاف داخل "كابينيت" الحرب (مجلس الحرب بحكومة الاحتلال) حول الصفقة أنه "بالإمكان تقسيم الوزراء إلى متفائلين ومتشائمين. وغالانت متفائل. وهو يؤمن بأن حماس توشك على الانهيار. وأنها تتوق إلى وقف إطلاق نار يوقف الضربة النهائية وتسمح لها بأن تنظم نفسها. ويستخلص غالانت من فرضيته ثلاثة استنتاجات: الأول، أن هذه صفقة أولى من بين خمس أو سبع صفقات لا تزال تنتظرنا. وستشكل سابقة أو نموذجا للصفقات المقبلة. ولذلك ثمة أهمية لخفض الأثمان".
وتابع برنياع أن "الاستنتاج الثاني، الآن، وفيما تهاجم ثلاث فرق عسكرية في غزة، فإن الضغط على حماس في ذروته. وثمة شك إذا سيكون هناك ضغط بشدة كهذه في المفاوضات المقبلة. والاستنتاج الثالث، هو أن السنوار يحاول إرغام إسرائيل على وقف إطلاق نار، ليس بعد اتفاق وإنما أثناء المفاوضات. وعندما يعمل الجيش الإسرائيلي في مستشفى الشفاء فإنه يعلن أنه لن يدفع صفقة قبل أن تخرج إسرائيل من هناك. ويجب رفض شرط وقف إطلاق النار كليا". وغالانت مدعوم من رئيس أركان الجيش هليفي.
وأشار في المقابل إلى فرضية العمل "المتشائمة" للوزراء بيني غانتس وغادي آيزنكوت ورئيس حزب شاس، أرييه درعي. "وهم يتخوفون من أن هذه هي الصفقة ولا توجد صفقة أخرى. والسنوار لا يوشك على الانهيار، وحياة المخطوفين الذين يتوقع أن يحرروا تتعرض للخطر يوميا. والناطق باسم الجيش الإسرائيلي اعتذر أمس عن أن الجيش لم يصل في الوقت لينقذ يهوديت فايس" التي توفيت في أسر حماس ونقلت جثتها إلى دولة الاحتلال، الليلة الماضية، مع المجندة الإسرائيلية التي قتلت في غارة إسرائيلية في وقت سابق من الأسبوع الحالي.
وحسب برنياع، فإن نتنياهو كان يماطل في اتخاذ القرار بشأن صفقة التبادل، لكن "بالأمس برز تغيير في موقفه، ربما بسبب ضغط أميركي، وربما بسبب الضربة التي تلقاها في استطلاعات الرأي العام. ورئيس الحكومة ليس محللا في التلفزيون، وعليه أن يقرر في نهاية الأمر".
وخلص إلى أنه "ليس مؤكدا بعد أن الصفقة ستُنفذ. وفي نهاية المطاف سندفع الثمن. والسؤال هو إذا كنا سندفع ثمنا آخر، زائدا، بسبب صعوبة اتخاذ حكومتنا القرار ودفع الثمن".
ولليوم الـ42 على التوالي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانا مدمرا على غزة، وتستهدف طائراته البنايات والمنازل السكنية وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، وتمنع عن قطاع غزة الماء والغذاء والوقود، ما أدى لاستشهاد أكثر من 11 ألفا و 630 فلسطينيا، بينهم 4710 أطفال 3165 امرأة، فضلا عن أكثر من 31 ألفا و800 مصاب، 70 بالمئة منهم أطفال ونساء، وفق مصادر رسمية فلسطينية.