شككت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، برواية جيش الاحتلال الإسرائيلي بشأن "مجزرة المساعدات" المروعة بحق منتظري شاحنات الطحين والمساعدات عند دوار النابلسي بشارع الرشيد جنوبي غرب مدينة غزة، والتي أسفرت عن مئات الشهداء والجرحى.
واتهمت الصحيفة الأمريكية، جيش الاحتلال بأنه عدل المواد المصورة التي بثها حول الحادثة؛ من أجل درء اللوم عن نفسه في مقتل العشرات.
ولفتت إلى أن الصور التي بثتها قناة "الجزيرة"، والتي تم التقاطها من شارع جانبي، مكنت من توضيح ما حدث على الأرض، مشيرة إلى أن المشاهد أظهرت إطلاقا للرصاص في أثناء تفرق الحشود في دوار النابلسي بغزة.
وشددت على أن تحليل صور "الجزيرة" يشير إلى أن مسار إطلاق الرصاص مصدره الموقع العسكري التابع لجيش الاحتلال.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي، زعم في تدوينة عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا)، أن "حشودا فلسطينية قاموا باعتراض الشاحنات ونهبها، مما تسبب في مقتل العشرات نتيجة الازدحام الشديد والدهس"، وهو ما كذّبه شهود عيان، حسب الأناضول.
من جهتهم، قدم حقوقيون وأطباء، شهادات ميدانية تثبت تورط جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل لا غبار فيه، في ارتكاب مجزرة "دوار النابلسي" بحق منتظري المساعدات في شارع الرشيد جنوبي غربي مدينة غزة، يوم أمس الخميس.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في مؤتمر صحافي مشترك، عقد في مستشفى الشفاء، اليوم الجمعة، وثقنا إطلاق الدبابات "الإسرائيلية" النار بكثافة تجاه تجمعات المدنيين الفلسطينيين خلال محاولتهم استلام مساعدات إنسانية.
وتسبب إطلاق النار "الإسرائيلي" باستشهاد 115 مدنيًا وإصابة 760 آخرين على الأقل، فيما يعتقد أن العديد من الضحايا ما زالوا في منطقة الاستهداف.
وبحسب المرصد الحقوقي، تبين أن الضحايا أصيبوا بأعيرة نارية وليس نتيجة الدهس أو التدافع كما ادعى الناطق باسم جيش الاحتلال الذي لم ينفِ عملية إطلاق النار المثبتة في مقاطع فيديو وثقت ما حدث
وذكر الأورومتوسطي، 4 دلائل تؤكد تورط جيش الاحتلال في جريمة قتل وإصابة المدنيين الجوعى، تتضمن علامات الإصابات على أجساد الشهداء والمصابين، ومقاطع الفيديو التي نشرها شهود العيان للجريمة وصوت الرصاص الواضح ومصدره من الدبابات "الإسرائيلية" المتمركزة باتجاه البحر.
وأكد أنّه تم التثبت من بصمة صوت الرصاص الواضحة بأنها من سلاح آلي برصاص 5.56 مم الذي يستخدمه جيش الاحتلال ويمكن سماعه في المقاطع المنشورة وقت إطلاق النار بوضوح.
من جانبه، أشار الدكتور جادالله الشافعي مسؤول قسم التمريض في مشتفى الشفاء خلال المؤتمر، أن مسعفون وعمال إنقاذ كانوا من ضمن ضحايا إطلاق النار "الإسرائيلي" على المدنيين أثناء تجمعهم على دوار النابلسي من أجل استلام إمدادات ومساعدات غذائية.
وأضاف الطبيب الشافعي، "رصدنا عشرات الشهداء والإصابات لدى وصولها إلى مستشفى الشفاء وهي مصابة بإطلاق نار "إسرائيلي"، وكل المستندات تثبت ذلك بما يشمل صور الأشعة والتقارير الطبية، وهي متاحة لوسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان أو لجان التحقيق".
فيما أدلى الدكتور أمجد عليوة إخصائي الطوارئ، كشاهد عيانِ، شهادته حول ما وقع أثناء تواجد المواطنين بالقرب من دوار النابلسي قبل إطلاق النار عليهم.
وقال الدكتور عليوه، خلال المؤتمر الصحافي المشترك، "كنت موجودًا مع أطباء وممرضين إلى جانب آلاف المدنيين على دوار النابلسي في انتظار وصول الإمدادات الإنسانية في ظل تفشي المجاعة والمعاناة من افتقاد أدنى مقومات الحياة".
وافاد أن، جيش الاحتلال أطلق النار بشكل كثيف على جميع من تواجدوا في انتظار استلام المساعدات فور وصول الشاحنات عند الساعة الرابعة من فجر يوم الخميس.
مشددًا على، أنّ ما حدث على دوار النابلسي يشكل مجزرة "مروعة"، وعدد من الجرحى تعذر انتشالهم وما زال مصيرهم مجهولًا.
أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة، الخميس، "ارتفاع حصيلة الشهداء" ممن كانوا ينتظرون مساعدات إنسانية في شارع الرشيد جنوبي مدينة غزة إلى 115 فلسطينيًا، بالإضافة إلى 760 مصابًا.
وقال متحدث الوزارة أشرف القدرة، في بيان صحافي: "ارتفاع حصيلة مجزرة شارع الرشيد إلى 115 شهداء ونحو 760 إصابة، بعد وصول 8 شهداء إلى مجمع الشفاء الطبي بعد انتشالهم من منطقة دوار النابلسي على شارع الرشيد بغزة.
وأضاف: "شهداء وإصابات مجزرة شارع الرشيد وصلت إلى جميع مستشفيات شمال غزة، ولا تزال الطواقم الطبية تتعامل مع عدد من الحالات الخطيرة بإمكانيات محدودة".
والخميس، أطلقت القوات الإسرائيلية النار تجاه تجمع للفلسطينيين كانوا ينتظرون وصول شاحنات تحمل مساعدات في منطقة "دوار النابلسي" جنوب مدينة غزة وفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
وشدّد "الإعلام الحكومي" على أنّ الاحتلال كان لديه النية المبيتة لارتكاب هذه المجزرة المروعة، حيث قام بعملية إعدام هؤلاء الشهداء بشكل مقصود ومع سبق الإصرار والترصّد في إطار الإبادة الجماعية والتطهير العرقي لأهالي قطاع غزة.
وأوضح المكتب أن جيش الاحتلال كان يعلم أن هؤلاء الضحايا كانوا قد وصلوا إلى هذه المنطقة للحصول على الغذاء وعلى المساعدات إلا أنه قتلهم بدم بارد.
وهذا الشارع تحديدًا، يعدّه جيش الاحتلال الإسرائيلي ضمن "المنطقة الآمنة" التي يعمل عبرها على إدخال المساعدات إلى مدينة غزة والمواقع الشمالية من القطاع، وفق دراوشة.
ويعمد الجيش الإسرائيلي بشكل شبه يومي إلى استهداف السكان عند تجمعهم قرب نقاط دخول وتوزيع الإمدادات الإنسانية في مدينة غزة، سواء بإطلاق النار أو القصف المدفعي.
ولم تكن هذه المرة الأولى، بل سبقتها مجاز عديدة في المكان نفسه، كان أخرها مساء الأحد الموافق 25 شباط/فبراير استشهد وأصيب 30 فلسطينيًا بعد استهدافهم من قبل قوات الجيش الإسرائيلي، خلال تجمعهم في انتظار شاحنات المساعدات قرب دوار النابلسي على شارع الرشيد جنوب غربي مدينة غزة.
ويشن الاحتلال حرب تجويع على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ضمن عدوانه الوحشي، وذلك عبر استهداف مصادر الحياة الأساسية، وعرقلة المساعدات الإنسانية.
وتتصاعد حدة الكارثة الإنسانية بقطاع غزة بشكل متسارع، لا سيما في الشمال الذي سجل فيه حالات وفاة بين أطفال ومسنين، بسبب قلة الغذاء جراء الحصار الإسرائيلي.