أكدت منظمات طبية عاملة في قطاع غزة أن توقف عمليات الإجلاء الطبي من شمال غزة منذ أكثر من شهر ساهم في ترك مئات المصابين بجروح خطيرة والمحاصرين في المستشفيات الواقفة عن العمل وينتظرون الموت بأي لحظةً.
وقال رئيس بعثة مؤسسة Cadus الخيرية الطبية الألمانية في غزة باتريك مونز ، لصحيفة The Guardian البريطانية، اليوم الأحد، إنَّ سيارات الإسعاف بحاجة إلى الوصول العاجل لشمال القطاع لنقل المرضى ذووي الحالات الأخطر للحصول على رعاية متخصصة، إذ لا توجد وحدات للعناية المركزة تعمل في شمال غزة؛ لذلك يموت الفلسطينيون الذين أصيبوا بجروح خطيرة في الغارات الجوية "الإسرائيلية" والقتال على الأرض، وفي التصور العام لعملية إجلاء المرضى.
وتابع موتز: "الأشخاص الذين سننقلهم، على الأقل في بداية عملية الإجلاء، هم مرضى رعاية حرجة، لكن حالتهم مستقرة".
ولفت إلى توقف عمليات الإجلاء الطبي منذ أكثر من شهر، مضيفاً "كان يجب إجلاؤهم الأمس قبل اليوم. يمكنهم البقاء على قيد الحياة إذا تلقوا العلاج".
وأوضح أن العشرات من المرضى في المستشفيين الوحيدين العاملين في مدينة غزة استقرت حالتهم بعد بتر أطرافهم، أو رعاية الحروق الشديدة التي أصابتهم، ويمكنهم البقاء على قيد الحياة إذا تلقوا العلاج في رفح أو خارج غزة.
يُذكر أن مؤسسة Cadus تعمل مع منظمة الصحة العالمية في محاولة لإيصال سيارات الإسعاف إلى الشمال لتنفيذ عمليات الإجلاء، والسفر مع قوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة التي تنقل الغذاء أو الإمدادات الطبية، لكن جيش الاحتلال "الإسرائيلي" لا يزال يعرقل وصولها وطواقم طبية وإغاثية أخرى.
وفي أواخر يناير الماضي، أوقفت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عمليات الإجلاء بعدما تعرض موظفو القوافل الطبية لهجمات متكررة، إضافة إلى المضايقة والاحتجاز من القوات "الإسرائيلية".
وفي وقت سابق، استشهد مسعفان أثناء محاولتهما الوصول إلى الطفلة هند رجب، البالغة من العمر ست سنوات، التي كانت محاصرةً في سيارة عائلتها في مدينة غزة ومحاطةً بجثث أقاربها الشهداء بعد أن تعرضت لإطلاق النار.
واتهمت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني قوات الاحتلال "الإسرائيلي" باستهداف سيارة الإسعاف عمداً، بعدما وافق جيش الاحتلال على مهمة الإنقاذ.
وبالنسبة لعمال الإغاثة الدوليين، فإنَّ السفر إلى مدينة غزة أمر خطير ويمثل تحدياً لوجستياً. وللأسباب ذاتها، أوقفت منظمة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) قوافل الغذاء، في فبراير/شباط، بعدما تعرضت إحداها لإطلاق نار من السفن "الإسرائيلية"، لكن الحاجة إلى إخراج المرضى صارت ملحة.
وتابع مونز: "بالطبع نشعر بالخوف أيضاً، وأعتقد أنَّ هذا صحي، أن نفهم الخطر الذي نعرّض أنفسنا له، لكنني مستعد للذهاب، فمن المهم حقاً البدء بعمليات الإجلاء فوراً".
ولم يسمَح الاحتلال لمؤسسة Cadus بإحضار سيارات الإسعاف الخاصة بها إلى غزة، رغم أنَّ الأمم المتحدة ووزارة الخارجية الألمانية تضغطان على الحكومة "الإسرائيلية".
وفي الوقت الحالي تستخدم سيارات جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، "وهذا يزيد أيضاً من المخاطر، لأنَّ سيارات الإسعاف التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني استُهدِفَت بالفعل"، كما يقول مونز.
ويوم الإثنين الماضي، وصل فريق Cadus في مهمة تجريبية إلى مستشفى الشفاء، وهو أحد اثنين لا يزالان يعملان بطاقة محدودة، ويخدمان ما يقدر بنحو 300 ألف شخص محاصرين في شمال غزة.
ووصف عمال الإغاثة الوضع في شمال غزة بأنه "حصار داخل حصار"، مع انتشار الجوع و"جيوب المجاعة".