قالت منظمة الصحة العالمية، أمس السبت، إن ثمة حاجة ماسة إلى إجلاء نحو 9 آلاف مريض خارج قطاع غزة للحصول على الخدمات الصحية المنقذة للحياة منها علاج السرطان والإصابات الناجمة عن القصف.
وأضافت منظمة الصحة في بيان نشر على منصة "إكس"، أن آلاف المرضى محرومون من الرعاية الصحية مع وجود 10 مستشفيات فقط تعمل بشكل محدود في أنحاء القطاع.
وفي تقرير سابق، حذرت منظمات طبية عاملة في قطاع غزة من توقف عمليات الإجلاء الطبي من شمال غزة منذ أكثر من شهر، مؤكدةً أن ذلك يترك مئات المصابين بجروحٍ خطيرة محاصرين في المستشفيات الواقفة عن العمل وينتظرون الموت بأي لحظة.
وقال باتريك مونز رئيس بعثة مؤسسة Cadus الخيرية الطبية الألمانية في غزة، لصحيفة The Guardian البريطانية، إنَّ سيارات الإسعاف بحاجة إلى الوصول العاجل لشمال القطاع لنقل المرضى ذووي الحالات الأخطر للحصول على رعاية متخصصة، إذ لا توجد وحدات للعناية المركزة تعمل في شمال غزة؛ لذلك يموت الفلسطينيون الذين أصيبوا بجروح خطيرة في الغارات الجوية الإسرائيلية والقتال على الأرض.
وأضاف، "الأشخاص الذين سننقلهم، على الأقل في بداية عملية الإجلاء، هم مرضى رعاية حرجة، لكن حالتهم مستقرة"، مشيراً إلى توقف عمليات الإجلاء الطبي منذ أكثر من شهر. وأكد: "كان يجب إجلاؤهم الأمس قبل اليوم".
يمكنهم البقاء على قيد الحياة إذا تلقوا العلاج
وأشار إلى، أن العشرات من المرضى في المستشفيين الوحيدين العاملين في مدينة غزة استقرت حالتهم بعد بتر أطرافهم، أو رعاية الحروق الشديدة التي أصابتهم، ويمكنهم البقاء على قيد الحياة إذا تلقوا العلاج في رفح أو خارج غزة.
وتعمل مؤسسة Cadus مع منظمة الصحة العالمية في محاولة لإيصال سيارات الإسعاف إلى الشمال لتنفيذ عمليات الإجلاء، والسفر مع قوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة التي تنقل الغذاء أو الإمدادات الطبية، لكن جيش الاحتلال الإسرائيل لا يزال يعرقل وصولها وطواقم طبية وإغاثية أخرى.
وأوقفت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عمليات الإجلاء بعدما تعرض موظفو القوافل الطبية لهجمات متكررة، إضافة إلى المضايقة والاحتجاز من القوات الإسرائيلية.
وذلك في أواخر يناير/كانون الثاني، عندما استشهد مسعفان أثناء محاولتهما الوصول إلى الطفلة هند رجب، البالغة من العمر ست سنوات، التي كانت محاصرةً في سيارة عائلتها في مدينة غزة ومحاطةً بجثث أقاربها القتلى بعد أن تعرضت لإطلاق النار، حيث اتهمت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني قوات الاحتلال الإسرائيلي باستهداف سيارة الإسعاف عمداً، بعدما وافق جيش الاحتلال على مهمة الإنقاذ.
وحتى بالنسبة لعمال الإغاثة الدوليين، فإنَّ السفر إلى مدينة غزة أمر خطير ويمثل تحدياً لوجستياً. وللأسباب ذاتها، أوقفت منظمة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) قوافل الغذاء، في فبراير/شباط، بعدما تعرضت إحداها لإطلاق نار من السفن الإسرائيلية، لكن الحاجة إلى إخراج المرضى صارت ملحة.
حصار داخل حصار
إذ قال مونز: "بالطبع نشعر بالخوف أيضاً، وأعتقد أنَّ هذا صحي… أن نفهم الخطر الذي نعرّض أنفسنا له، لكنني مستعد للذهاب، فمن المهم حقاً البدء بعمليات الإجلاء فوراً".
لم يُسمَح لمؤسسة Cadus بإحضار سيارات الإسعاف الخاصة بها إلى غزة، وفي الوقت الحالي تستخدم سيارات جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، "وهذا يزيد أيضاً من المخاطر، لأنَّ سيارات الإسعاف التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني استُهدِفَت بالفعل"، كما يقول مونز.
والشهر الماضي، وصل فريق Cadus في مهمة تجريبية إلى مستشفى الشفاء، وهو أحد اثنين لا يزالان يعملان بطاقة محدودة، ويخدمان ما يقدر بنحو 300 ألف شخص محاصرين في شمال غزة. ووصف عمال الإغاثة الوضع في شمال غزة بأنه "حصار داخل حصار"، مع انتشار الجوع و"جيوب المجاعة".
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 تشن "إسرائيل" عدوانًا وحشيًا على قطاع غزة، خلّف عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية.
وتواجه "إسرائيل" تهم ارتكاب إبادة جماعية أمام محكمة العدل الدولية، إثر الفظائع المرتكبة بالقطاع الذي يقطنه نحو 2.3 مليون فلسطيني، وتفرض عليه "تل أبيب" حصارًا منذ عام 2006، ما جعل 80 بالمئة من السكان يعتمدون على المساعدات.
وجراء الحرب وقيود "إسرائيلية"، بات سكان غزة ولا سيما محافظتي غزة والشمال، على شفا مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من السكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عامًا.