دمر الاحتلال آمال عشرات الأسر الفلسطينية في قطاع غزة بـ "الإنجاب"، حين قرر دون تهمة قصف أكبر مركز متخصص للخصوبة، والذي تسبب بفقدان 5 آلاف من أجنة أطفال كانوا بمثابة الأمل الأخير لمئات الأزواج الفلسطينيين ممن يواجهون مشكلات في الخصوبة.
فبعد نزع الأغطية عن خمسة خزانات تحتوي على النيتروجين السائل كانت في زاوية من وحدة الأجنة، وعندما تبخر السائل بالغ البرودة ارتفعت درجة الحرارة داخل الخزانات وقُضي بذلك على أكثر من أربعة آلاف من أجنة أطفال الأنابيب إضافة إلى ألف عينة أخرى لحيوانات منوية وبويضات غير مخصبة كانت هي الأخرى مخزنة في مركز البسمة للإخصاب وأطفال الأنابيب.
كان تأثير ذلك الانفجار الواحد بالغاً، ويعد مثالاً على الخسائر "غير المرئية" لحرب "الإبادة الجماعية" التي ترتكبها "إسرائيل" منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ضد قطاع غزة الساحلي الأكثر اكتظاظًا والذي يقطنه زهاء 2.3 مليون نسمة.
من جهته، يقول الطبيب بهاء الدين الغلاييني (73 عاماً)، لوكالة "رويترز"، استشاري أمراض النساء والتوليدـ الذي تلقى تدريباً في كامبريدج وأسّس مركز "البسمة" في غزة عام 1997 "نعلم بكل جوارحنا ماذا كانت تعنيه الخمسة آلاف حياة تلك، أو الحياة التي كانت محتملة، للآباء والأمهات.. في المستقبل وفي الماضي".
أضاف، أن نصف الأزواج على الأقل لن تكون لديهم فرصة أخرى للإنجاب؛ إذ لم تعد لديهم القدرة على إنتاج حيوانات منوية أو بويضات قابلة للتلقيح، قائلاً وهو يصف شعوره بما جرى: "قلبي محطم إلى مليون قطعة".
وأردف الطبيب الغلاينين في حواره، أن قذيفة إسرائيلية واحدة أصابت زاوية المركز وفجرت مختبر الأجنة في الطابق الأرضي، وأضاف: "كل هذه الأرواح قُتلت أو أُزهقت. خمسة آلاف روح في قذيفة واحدة".
وغالباً ما تُجمد البويضات المخصبة، التي تسمى أجنة، حتى يحين الوقت الأمثل لنقلها إلى رحم المرأة، وتُخزّن معظم الأجنة المجمدة في غزة في مركز "البسمة".
ومع اشتداد الهجمات الإسرائيلية، بدأ محمد عجور، كبير أطباء الأجنة في المركز، يشعر بالقلق بشأن مستويات النيتروجين السائل في مخازن الأجنة الخمسة، إذ يجب إعادة تعبئة الخزانات بالنيتروجين كل شهر تقريباً للحفاظ على درجة الحرارة دون 180 تحت الصفر في كل خزان، والتي تعمل دون الاعتماد على الكهرباء.
وتمكن عجور بعد اندلاع الحرب من شراء دفعة واحدة من النيتروجين السائل، لكن "إسرائيل" قطعت الكهرباء والوقود عن غزة وتوقف معظم الموردين عن العمل.
حيث توغلت دبابات الاحتلال الإسرائيلي في غزة بنهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأغلق جنود الاحتلال الشوارع المحيطة بمركز التلقيح الصناعي، وبالتالي باتت هناك خطورة شديدة على عجور من فحص الخزانات.
في حين ظهرت خزانات النيتروجين السائل وسط الأنقاض، بينما كانت الأغطية مفتوحة، وظهرت في قاع أحد الخزانات سلة مملوءة بقصبات صغيرة ملونة بحسب رمزها تحتوي على الأجنة المدمرة.
ووفقاً لرويترز، التي قالت إنها زارت الموقع، كان مختبر الأجنة في أبريل/نيسان الحالي، لا يزال مليئاً بالحطام ومستلزمات المختبر المدمرة.