أكثر من نصف الشهداء مجهولين الهوية لتنكيل الاحتلال بهم
نفذنا مهمات تعادل 22 سنة عمل في الأوقات الطبيعية
في مهمة هي الأصعب خلال أشهر الحرب أقدمت طواقم الدفاع المدني على اكتشاف ثلاث مقابر جماعية في مستشفى ناصر بخانيونس، بعد حصار استمر لأربعة أشهر نفذ جيش الاحتلال خلالها كل أنواع التعذيب والتنكيل والقتل بحق المرضى والنازحين داخل المستشفى.
تجربة قاسية تركت آثارها على نفوس طواقم الدفاع المدني، أجساد بلا رؤوس، وأخرى دفنت حية، فيما أعدم العشرات وهم مكبلي الأيدي والأرجل، ولايزال العمل جاريًا دون إمكانيات أو معدات لانتشال المزيد من الضحايا والشهداء ليكونوا شاهدين على حرب إبادة وجرام بحق الإنسانية.
عن هول التجربة وصعوبتها (الرسالة) حاورت رئيس لجنة المتابعة والتوثيق في المديرية العامة للدفاع المدني الدكتور محمد المغير والذي أكد أن انتشال الضحايا من المقابر الجماعية بناصر هي من أصعب المهام التي واجهتها طواقم الدفاع المدني خلال أشهر الحرب، حيث تعاملوا مع جرائم "غير مسبوقة"
**سياسة ممنهجة
وقال إن طواقمهم عثرت على ثلاثة مقابر جماعية بمستشفى ناصر بخانيونس، وبلغ عدد الشهداء بداخلها ٣٩٢ منهم ١٦٥ شهيد معلوم، و٢٢٧ لا زالوا مجهولي الهوية.
وبين أنهم أنهوا العمل في المقابر الجماعية بمستشفى ناصر بعد أسبوع من العمل المستمر، فيما لايزال العمل جاري حتى اللحظة على انتشال الشهداء من مناطق مختلفة في محافظة خانيونس.
وعن أبرز ملاحظاتهم على جثث الشهداء التي جرى انتشالها من المقابر الجماعية ذكر المغير إنهم لاحظوا أن بعضهم وجد مكبل الأيدي فيما أعدم عددا منهم ميدانيا، مؤكدا أن الاحتلال أقدم على سرقة أعضاء بعض الشهداء، كما أنهم عثروا على جثث مقطوعة الرأس وأخرى لشهداء دفنوا وهم على قيد الحياة.
ووفق رئيس لجنة التوثيق فإن طواقمهم عثرت على شهداء ظهرت على أجسادهم علامات التعذيب قبل الدفن، مبينا أن عدد من الجثث داخل المقابر كان لأطفال ونساء.
وشدد على أن جرائم الاحتلال المتمثلة بالإعدامات الميدانية ودفن الشهداء أحياء تكررت في كل المقابر الجماعية وكذلك في العديد من المناطق ما يعني أن الاحتلال يعمل فق سياسة ممنهجة للتنكيل بالمواطنين.
وللدلالة على فظاعة جرائم الاحتلال وإصرار جنوده على ارتكاب جرائم إبادة جماعية يقول المغير إنهم انتشلوا جثة شهيد يرتدي زيا يؤكد أنه كان يتجهز لإجراء عملية جراحية، كما عاينوا جريمة لحرق ٤ نساء ورجل مسن وشاب من عائلة ابو ماضي في الحي الياباني بعد إعدامهم ميدانيا.
***صعوبات بالغة
وبسبب تنكيل الاحتلال أشار المغير إلى أن التعرف على الشهداء داخل مقابر مستشفى ناصر كان بالغ الصعوبة، عدا عن التحلل واختفاء بعض العلامات الدالة على الجثامين.
وأكد استخدام الاحتلال لأسلحة محرمة دوليا تحتوي على مواد تؤدي إلى إذابة جثث الشهداء واختلاطها بالرمال واختفاء أي أثر لها.
وعن طريقة التعرف على الشهداء بين أن طواقم الدفاع المدني أحضرت الأهالي للتعرف على الشهداء أثناء استخراجهم من المقابر الجماعية، أما مجهولي الهوية فتم توثيقهم بالتصوير وتسجيل العلامات الواضحة في أجسادهم، ومن ثم دفنهم في مقابر معلومة مؤقتة إلى حين التعرف عليهم والتثبت من هوياتهم.
وبحسب مدير لجنة التوثيق فإن العديد من الصعوبات واجعت طواقم الدفاع المدني أثناء تأدية مهامهم وتتمثل في عدم القدرة على توفير معدات سلامة شخصية للطواقم العاملة، وفقدان الطواقم لوجود حفار مما ساهم في زيادة مدة الوصول للشهداء، بالإضافة لشح الوقود وتهالك المعدات والمركبات، واضطراهم لاستخدام أكياس للشهداء بدلا من الأكفان.
وبين أنهم طالبوا بتوفير معدات ومتطلبات لضمان استمرار عمل طواقم الدفاع المدني بالشكل الأمثل إلا أن أيا من المعنين لم يستجب حتى اللحظة، مشيرا إلى أنم طالبو بإرسال فرق دولية للتحقق في جرائم الاحتلال واستجابت منظمة العفو الدولية.
وعن تقيم المغير للتجربة قال:" التجربة كانت من أصعب التجارب ومليئة بالتحدي وفيها نوع من الاهتمام الإعلامي الدولي في قضايا جرائم الإبادة الجماعية، مشيرا إلى أن المشاهد الصعبة أثرت على البعد النفسي للطاقم العامل في الميدان.
ويؤكد أن طواقم الدفاع المدني نفذت مهام خلال الحرب تعادل عمل 22 سنة في الأوقات الطبيعية من حيث العدد وزمن الاستجابة والسيطرة على الحدث حتى الانتهاء منه.
وطالب المغير بتوفير مراكز دفاع مدني ميدانية على غرار المستشفيات الميدانية نظرا للحاجة الماسة، لافتا إلى أن الاحتلال دمر قرابة نصف مقدرات الدفاع المدني اللوجستية، فيما تراجعت كفاءة مركبات المهام الإنسانية لنحو 70% لزيادة المهام خلال الحرب إلى 1000%.