يوم أمس الجمعة، كشف انسحاب الآليات العسكرية التابعة لجيش الاحتلال من مناطق توغلت فيها شمالي قطاع غزة، عن "جرائم مروعة" خلفت عشرات الشهداء غالبيتهم أطفال ونساء ومسنون لا يزال عددًا منهم تحت الأنقاض، إلى جانب دمار هائل طال كل مناحي ومقومات الحياة، وغيّر معالم المناطق بأكملها.
هذا المخيم الذي يعتبر أكبر مخيمات اللجوء وأكثره كثافة، والذي يضم آلاف السكان والنازحين من بيت لاهيا وبيت حانون، تعرض لتدمير كامل.
فمن يدخل مخيم جباليا لن يعرف أماكنه، فلم تعد هناك منازل أو شوارع لتكون دليل على المناطق، ولعل هذه المرة الأولى التي يكون فيها المخيم دون أزقة.
المواطن أحمد المقيد الذي يسكن في بلوك 4 وسط مخيم جباليا، يقول إنه كان يسمع عن دمار كبير المخيم أثناء تواجد الجيش بداخله على مدار 20 يومًا، ولكن لم يكن يتخيل أن المخيم سيتحول إلى كومة من الركام.
وأوضح في حديث لمراسل "الرسالة نت" إن (إسرائيل) تنتقم من المواطنين بتدمير منازلهم، وتنتقم من الحجر والشجر.
وبيّن أن ما يحدث من دمار هو دليل على حجم الضربة القوية التي تلقتها إسرائيل من شباب ومجاهدي المخيم.
وأكد المقيد الذي بدأت منذ الساعات الأولى لانسحاب جيش الاحتلال من المخيم، في نصب خيمته على أنقاض منزله، أنه مهما فعل الاحتلال بالمخيم وأهله ومنازله، سنبقى صامدين لا نلين.
وأشاد بتكاتف وصبر وصمود أهل المخيم، الذين لم ييأسوا أو يملوا رغم هول الدمار.
ومن تحت ركام منزله المدمّر بجوار نادي خدمات جباليا، في بلوك 2، يقف المواطن عامر دحلان، يبحث عن أي شيء يمكن استصلاحه بعدما دمّر جيش الاحتلال الإسرائيلي منزله بالكامل.
وفي حديث ل "الرسالة نت" قال دحلان إنه لم يستطع إخراج أي شيء من تحت الركام، وأحاول جاهدا إخراج ملابس لأطفالي ولكن دون فائدة.
وأضاف: "خرجت في اليوم الأول من اجتياح مخيم جباليا ولم آخذ معي أي ملابس، ظننت أن القصة ستنتهي في غضون يوم أو اثنين، لم يخطر ببالنا أن إسرائيل ستتبع سياسة الأرض المحروقة".
وشدّد على ضرورة تفعيل عمل اللجان الشعبية التي تضمن عودة العمل الحياة للمخيم تزامنا مع بدء عودة المواطنين لأماكن منازلهم المدمرة.
وختم دحلان حديثه: "المخيم عامر بأهله، وما راح يخلا من الناس إلّي انولدوا وتربوا فيه، راح نرجع نبني المخيم من جديد".
وذكرت مصادر محلية، انتشال أكثر من 70 شهيدًا من شوارع مخيم جباليا ومشروع بيت لاهيا بعد انسحاب قوات الاحتلال، منذ صباح اليوم حتى اللحظة.
أكّدت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، اليوم الجمعة، أنه تم اكتشاف أعداد كبيرة من جثامين الشهداء، بعد انسحاب الآليات العسكرية الإسرائيلية من مناطق توغّلت فيها، شماليّ قطاع غزّة.
وأفادت الجمعية في بيان، بأن "هناك أعداد كبيرة من الشهداء في مناطق توغلت فيها الآليات الإسرائيلية شمالي القطاع وطواقم الإنقاذ تواجه صعوبات في انتشال الشهداء"، دون تحديد.
وأضافت أن "الدفاع المدني يحتاج إلى معدات بشكل عاجل لانتشال الشهداء والجثث من تحت الأنقاض".
وحذّرت من أن تعثر عملية انتشال الجثث يهدد بانتشار الأمراض والأوبئة في مناطق شمال غزة.وانسحب جيش الاحتلال، اليوم الجمعة، من شمال قطاع غزة بعد عملية عسكرية استمرت 20 يوما، مخلّفا دمارا واسعا غير مسبوق، وبخاصة في مخيم جباليا ومحيطه، وحرق مئات المنازل.
أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، اليوم الجمعة، أن الاحتلال "الإسرائيلي" يمعن في جريمة التهجير القسري بتدمير ما تبقى من الأحياء السكنية ومراكز الإيواء الأممية في مخيم جباليا شمال قطاع غزة.
وقال المرصد الأورومتوسطي، إن "جيش الاحتلال تعمّد على مدار ثلاثة أسابيع من عمليته العسكرية في جباليا التدمير الشامل لمقومات الحياة والسكن والنجاة المتبقية في المخيم، بما في ذلك محو مربعات سكنية بأكملها ومراكز طبية وتموينية، ومراكز الإيواء التابعة للأمم المتحدة".
وأشار إلى أنه لم تسلم أي بناية سكنية من القصف أو التجريف أو الحرق في مخيم جباليا، مع تدمير كامل للبنية التحتية، وحرق السوق الرئيسي والمحال في الشوارع المحيطة به.
وفي 12 أيار/ مايو الجاري بدأ الجيش الإسرائيلي هجوما بريا في المخيم ومناطق محيطة به، ثم أعلن بعد ثلاثة أيام توسيع الهجوم بعد أن واجهت قواته "معارك شرسة" مع فصائل المقاومة الفلسطينية.
وأفادت تقارير بأن الآليات العسكرية الإسرائيلية انسحبت بشكل كامل من شمال قطاع غزة وتمركزت في نقاط قرب الشريط الحدودي الشرقي والشمالي للقطاع.
وذكرت أنه مع ساعات الفجر الأولى بدأ عشرات الآلاف من الأهالي بالعودة إلى مخيم جباليا ومحيطه، لتفقد منازلهم وممتلكاتهم.
وقال شهود عيان إن الانسحاب الإسرائيلي كشف عن دمار هائل في مخيم جباليا ومحيطه، شمل آلاف الوحدات السكنية إضافة للطرق وشبكات المياه والكهرباء، والصرف الصحي.
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر تشنّ إسرائيل حربًا مدمرة على غزة بدعم أميركي مطلق، خلّفت أكثر من 118 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل إسرائيل الحرب، متجاهلة قرارًا أمميًا يطالبها بوقفها فورا، وأوامر من محكمة العدل لاتخاذ تدابير لمنع وقوع "إبادة جماعية" و"تحسين الوضع الإنساني"، وتتجاهل اعتزام المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه يوآف غالانت.