منذ السابع من أكتوبر لم يهدأ الاحتلال الإسرائيلي في قمعه أشكال النضال والمقاومة في الضفة المحتلة، فاستغل توجه أنظار العالم حول غزة وبقي ينكل ويعتقل وينتهك في مدنها وقراها.
وطيلة الشهور الماضية كان لمخيم جنين معقل الثوار نصيب الأسد في المواجهات، فقد كان يثأر شبابها من أجل غزة، وكان جنود الاحتلال لهم بالمرصاد لكن دوما الفوز للثوار رغم ارتقاء بعضهم شهداء.
وكما العادة التي جرت في الأسابيع الأخيرة، لاتزال قرية كفر دان غرب جنين تتصدر المشهد، فقد وقعت مساء أمس اشتباكات عنيفة بين المقاومة فيها وقوات خاصة تتبع للاحتلال.
وبعدما اقتحمت القوات الخاصة قرية كفر دان دفعت بتعزيزات عسكرية إضافية إلى المنطقة، وسط تصدٍ بطولي من المقاومة الفلسطينية التي فجّرت عبواتٍ ناسفة في الآليات المقتحمة إضافة إلى مواصلة الاشتباكاتِ العنيفة.
وأطلقت قوات الاحتلال طائرةً مسيرةً أثناء عملية الاقتحام المستمرة لقرية كفر جان غربي مدينة جنين شمالي الضفة الغربية.
ونشر ناشطون وإعلاميون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لتعزيزات عسكرية (إسرائيلية) قبل وصولها إلى القرية، إلى جانب مقاطع أخرى سُمع فيها أصوات إطلاق نار، وتظهر فيها مروحيات (إسرائيلية) تجوب أجواء البلدة وأصوات انفجارات.
كما وأظهر فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي قنص جنود الاحتلال لشاب أعزل، بقي ينادي "إسعاف" ومن ثم يردد الشهادتين، ووقت علو صوته قنص برصاصة أخرى عن عمد رغم استغاثته، ليرتقي على إثرها شهيد.
لماذا الاشتباكات في كفر دان؟
يقول ياسر مناع المحلل السياسي، إنه لابد من التعرف على النظرة (الإسرائيلية) إلى ما يجري في الضفة الغربية أو المنطق الذي تنطلق منه الأحداث، موضحًا أن المعركة التي تجري على الأراضي الفلسطينية اليوم جزءا منها الضفة المحتلة.
ويوضح لـ (الرسالة نت) أن (إسرائيل) تعيش في حالة حرب حقيقية متعددة الساحات، والضفة الغربية من أهم هذه الساحات، مشيرا إلى أن (إسرائيل) اليوم تحاول جاهدة وئد أي مصدر تهديد لها وإنهاء جيوب المقاومة في الضفة الغربية وفي الوقت نفسه قمع أي تحرك متوقع مساند لقطاع غزة.
ولفت إلى أن (إسرائيل) تتعامل مع الضفة الغربية على أنها تصفية حسابات مع مناطق، بحيث يعتبرونها إشكالية بعينها مثل مخيم جنين ونابلس وطولكرم، مؤكدا أن ما ذكره يفسر ما جرى في كفر نعمة قبل أيام، ومؤخرا ما وقع في كفر دان، وقبله ما حدث في نابلس.
ويرجع ارتفاع وتيرة تصاعد الأحداث في الضفة الغربية إلى وجود مشروع استيطاني استعماري ضمن مخطط تهويدي للضفة الغربية من أجل ضم الأراضي المصنفة ج، لتقطيع أوصال المناطق المصنفة أ.
ويرى مناع أن هذا هو الوقت المناسب لـ (إسرائيل) لتسرع في هذه المخططات، كون الأنظار متجهة نحو ما يجري في قطاع غزة.
وعن الاستهداف المتكرر للمقاومة في كفر دان، يشير المحلل السياسي إلى أن جنين هي معقل المقاومة الفلسطينية، ويرى الاحتلال أن بقية القرى والمخيمات المجاورة استمدت من مخيم جنين القوة واستنسخت التجربة، لذا تعمل دولة الاحتلال على وأد كل أشكال المقاومة.
ويؤكد أن لقرية كفر دان تاريخ طويل في مقاومة الاحتلال سواء في الانتفاضة الأولى وانتفاضة الأقصى والأحداث الجارية.
وتجدر الإشارة إلى ارتفاع عدد شهداء الاشتباكات التي جرت أمس في كفر دان إلى ستة شهداء،
وهم صقر عارف عابد (28) عام ، أحمد محمد سمودي (24) عام ،أيمن عبد الكريم أبو فضالة (24) عام ،محمد هزاع مرعي (32) عام ،مصطفى علام مرعي (21) عام،أحمد محمد أبو عبيد (21) عام، ليرتفع عدد الفلسطينيين الذين استشهدوا برصاص جيش الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، إلى 538 إضافة إلى نحو 5 آلاف و200 جريح، استناداً إلى معطيات وزارة الصحة الفلسطينية.
وبالتزامن مع حربه المدمرة على قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر وسّع جيش الاحتلال (الإسرائيلي) عملياته بالضفة بما فيها القدس، بينما كثّف المستوطنون اعتداءاتهم على الفلسطينيين وممتلكاتهم.
ما هي أهمية الموقع الاستراتيجي لكفر دان؟
تقع عند منطقة جغرافية متميزة، تعرف باسم خاصرة سهل مرج ابن عامر إذ تعتبر أراضي كفر دان بداية للوصول لأراضي سهل ابن عامر، تقع كفر دان تابعة شمال غربي مدينة جنين، وتتبع إدارياً لها، وتبعد عنها مسافة 4 كم، بارتفاع يزيد عن 600 م عن سطح البحر 160م.
تبلغ مساحة أراضي كفر دان 7328 دونم، تشغل منازل وأبنية القرية ما مساحته 300 دونم من مجمل تلك المساحة.
احتلت كفر دان كما قرى ومدن الضفة الغربية يوم الخامس من حزيران عام 1967 على يد قوات جيش الاحتلال، وبقيت كذلك حتى توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 والذي باتت جنين ومعها بلدة كفر دان تتبع إدارياً للسلطة الفلسطينية.
والجدير ذكره أن القوى الوطنية والإسلامية أعلنت في جنين الحداد على أرواح الشهداء الستة، ودعت للإضراب الشامل غداً للمشاركة الحاشدة في تشييع جثامين الشهداء الذي ارتقوا على أرض قرية كفردان غرب جنين.
وشددت الدعوات على ضرورة المشاركة الحاشدة في تشييع جثامين الشهداء، وتجديد البيعة للمقاومة وتصعيد المواجهة مع الاحتلال، والتأكيد على الحق الفلسطيني في مقاومة المحتلة.