قائد الطوفان قائد الطوفان

يصنف لجريمة حرب

خاص| "الدروع بشرية".. تكتيك (إسرائيلي) للاختباء من ضربات المقاومة بغزة

الرسالة نت

محمد العرابيد- الرسالة 

"من فشل عسكري لأخر"، هذا اللقب الذي بات يمنح لجيش الاحتلال الذي قرر بـ 27 أكتوبر 2023، شن توغلًا بريًا داخل شمال قطاع غزة من أجل القضاء على حركة حماس واستعادة أسراه، إلا أنه اصطدم بمقاومة شرسة.

هذه المقاومة التي كشفت بشاعة "الجيش الذي قيل عنه في يومًا من الأيام أنه لا يقهر"، الذي هرب من ضربات المقاومة وعلى رأسها كتائب القسام للاحتماء خلف المدنيين واستخدامهم دروعًا بشريًا.

ويصنف القانون الدولي الانساني استخدام الجيوش المدنيين كدروع بشرية جريمة حرب، كما هو الحال مع ممارسات قوات الاحتلال (الإسرائيلي)، فإنه يشكل جريمة ضد الإنسانية.

تهديد بالقتل

ووثقت مؤسسات حقوقية دولية استخدام الاحتلال للمواطنين الفلسطينيين العزل أثناء شنها عمليات عسكرية في شمال قطاع غزة كدروع بشرية، وادخالهم إلى البيوت والاحتماء خلفهم أثناء الانتقال من مكان لأخر خوفا من ضربات المقاومة.

الشاب الفلسطيني عمر عاشور، يروي تفاصيل استخدامه من قبل جيش الاحتلال كدرع بشري أثناء العملية العسكرية على مخيم جباليا شمال قطاع غزة، حيث يقول: "اعتقلي الاحتلال من المخيم واقتداني إلى جهة مجهولة.. بعد ساعات هددني عدد من الجنوب بالقتل في حال لم أنفذ طالباتهم".

ويضيف الشاب عاشور البالغ من العمر (34 عامًا):" عمل جنود الاحتلال على ضع كمرا على رأسي، وبدأوا بتوجهي بالسير اتجاه عدد من المنازل والشوارع في مخيم جباليا من أجل استكشاف الطريق لهم".

ويكمل حديثة: "خوفًا من قتلي، قمت بتنفيذ أوامر جنود الاحتلال والتجول في عدد من المنازل والشوارع بحثا عن المقاومين أو استكشاف أنفاق للمقاومة".

ويضيف عاشور: "كنت مجبر على تنفيذ أوامر جيش الاحتلال.. عشت لحظات مرعبة خوفا من أن يعدمني الاحتلال". وتابع: "بعد أن نفذت جميع المهام التي طلبت مني، اقتادتني الاحتلال للاعتقال في النقب لمدة أسبوعين، حيث تعرض لتحقيق قاسي، قبل أن يفرج عنه أمام بوابة معبر كرم أبو سالم أقصى جنوب قطاع غزة".

ويتعمد جيش الاحتلال استخدام المدنيين الفلسطينيين لحماية نقاط تجمع وتحرك قواته أثناء الاقتحامات البرية وتنفيذ الهجمات العسكرية، وكذلك إجبارهم على السير أمام الآليات العسكرية لدى اقتحام منازل وبنايات يُعتقد أنها مفخخة، ولتحصين قواته وعملياته العسكرية في قطاع غزة.

تفخيخ المدنيين العزل

ووثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، عدة إفادات متطابقة بشأن تعمد استخدام جيش الاحتلال مدنيين فلسطينيين دروعًا بشرية رغمًا عنهم والزج بهم في ظروف شكلت خطرًا على حياتهم، وذلك لتأمين وحماية قواته وعملياته العسكرية داخل مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة.

وقال الأورومتوسطي في بيان نشر عبر موقعه الإلكتروني،: "بعض الحالات وصلت حد تفخيخ بعض المدنيين الفلسطينيين بكميات كبيرة من المتفجرات وربطها بحبل على خاصرتهم، مع وضع كاميرا على رأسهم، ثم إنزالهم داخل فتحات أنفاق، أو إجبارهم على الدخول إلى مواقع يعتقد الجيش الإسرائيلي أنها تستخدم لأغراض عسكرية".

وشدد على الحظر المُطلق لاستخدام المدنيين كدروع بشرية خلال النزاعات المسلحة، باعتبارهم أشخاصًا محميين وفقًا للقانون الدولي الإنساني بقواعده العرفية والمكتوبة، بما في ذلك ما نصت عليه اتفاقيات جنيف وبروتوكولها الأول. ويُعتبر استخدام المدنيين كدروع بشرية جريمة حرب تخضع لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية وفقًا لنظام روما الأساسي. ولذا، يجب تفعيل المساءلة القضائية الدولية لمرتكبي هذه الجرائم وتحقيق العدالة للضحايا.

جريمة حرب جديدة

بدوره، قال بكر التركماني منسق التحقيقات في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بغزة، أن الاحتلال استخدم خلال الحرب على قطاع غزة، العديد من جرائم الحرب منها جريمة "الإبادة الجماعية"، وجرائم مرتبطة باستخدام المدنيين "كدروع بشرية"، وهي مخالفات واردة في القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وأضاف التركماني، في حديث لـ"الرسالة"، أن الهيئة المستقلة ومؤسسات حقوقية دولية وثقت العديد من انتهاكات الاحتلال باستخدام المواطنين كدروع بشرية وذلك خلال اقتحام المستشفيات والمنازل.

وأوضح أن جميع الشهادات تؤكد أن الاحتلال يقوم باستخدام المواطنون من خلال إعطائهم كاميرات وربطها على رؤوسهم واقتيادهم عن بعد باتجاه أماكن محددة لفحصها.

وشدد التركماني على أن هذا السلوك يعد تصعيدًا لحرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على المدنيين في غزة، ويُظهر تجاوزًا صارخًا لاتفاقية جنيف الرابعة التي تشدد على حماية المدنيين في النزاعات المسلحة.

وأشار إلى أن اتفاقية جنيف تلزم (إسرائيل) بنقل المعتقلين إلى مناطق آمنة، ولكن جيش الاحتلال أبقى بعض المعتقلين لأربعة أيام في مناطق القتال، وهو ما يشكل استخداماً آخر للمدنيين كدروع بشرية.

ودعا بدارنة إلى تفعيل قرارات محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية كذلك، عبر محاسبة قادة الاحتلال العسكريين لارتكابهم جرائم حرب في قطاع غزة، وتقديمهم للعدالة بعد أن ألحقوا بالمدنيين في غزة أضرارًا غير مبررة، واستخدامهم للنساء والأطفال كدروع بشرية.

وأكدت منظمة "بتسليم" (الإسرائيلية) لحقوق الإنسان، أن الجيش استخدم على مر السنين، وكجزء من سياسته الرسمية، فلسطينيين دروعاً بشرية، وأمرهم بتنفيذ أعمال عسكرية محفوفة بمخاطر حقيقيّة على حياتهم.

وإلى جانب المنظمة (الإسرائيلية)، اتهمت منظمتا العفو الدولية و"كسر الصمت" الإسرائيلية، جيش الاحتلال باستخدام المدنيين، ومن بينهم الأطفال، دروعاً بشرية، لحماية تمركزات قواته أثناء التوغلات في قطاع غزة، وأيضاً للسير أمام الآليات العسكرية لدى اقتحام منزل يعتقد أنه مفخخ.

البث المباشر