الرسالة نت- رشا فرحات
جلس الصحافي نضال الوحيدي مع والده صباح يوم السابع من أكتوبر، تناقشا في خطورة ما حدث، تبادلا الدعوات، ثم خرج نضال إلى عمله، وعند التاسعة صباحا انقطع الاتصال به.
يقول والده، ظللنا نبحث ونناشد لأشهر حتى عرفنا في النهاية أنه اعتقل من قبل قوات الاحتلال أثناء تغطيته عند حاجز ايرز/بيت حانون شمالي قطاع غزة، لكن هل هو حي أو ميت، لا أعرف، أريد فقط أن يعطيني أحدهم معلومة واحدة عن ابني تطمئنني عليه.
وقبل شهر خرج ماهر كحيل من منطقة قيزان النجار في خان يونس ولم يرجع إلى عائلته منذ تلك اللحظة، ماهر هو شقيق الصحافية ميسون كحيل، وهو أربعيني من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولا زالت العائلة تطلق المناشدات تلو الأخرى بحثا عنه، بل وعرضت المكافآت المجزية لمن يجد شقيقها أو يطمئنهم بأي خبر.
عائلة الشاب إبراهيم ضاهر، تبحث عن ابنها المفقود أيضا، والذي خرج قبل سبعة أشهر من حي الشجاعية ولم يعد إلى المنزل، ولم يجدوا له جثة في المستشفيات ولا خبرا لدى الشرطة أو الصليب الأحمر، ونشروا صوره على شبكات التواصل مناشدين الناس بالبحث عنه أو تبليغهم بأي خبر يطمئنهم.
تتوه الأرقام بين الحقيقة والخيال، فهناك الكثير من القصص التي لم يرجع أصحابها ليحكوها لنا بل إن قضية المفقودين هي الأكثر إيلاما في هذه الحرب، فهناك عائلات عديدة في قطاع غزة تبحث عن أبنائها، وتتوه في التوقعات، هل هم تحت الركام، أم بين الشهداء المدفونين في المقابر الجماعية قبل أن يتعرفوا عليهم أو يصلوا إليهم، أم أنهم تحت ركام المباني أم معتقلون من قبل الجيش الإسرائيلي.
محمد الشاعر يبحث عن عمه إبراهيم منذ دخول جيش الاحتلال مدينة رفح في شهر مايو ولا زال يناشد العالم قائلا:" لو كان شهيدا أين هي جثته؟! ولا ندري هل هو معتقل لدى الاحتلال.
تعيش عائلة الشاعر في منطقة مصبح غرب مدينة رفح، وهي المنطقة الأولى التي دخلتها قوات الاحتلال في المدينة وقد طلب منهم جنود الاحتلال إخلاء المنطقة بالكامل ومنذ تلك اللحظة والعائلة تبحث عن فقيدها وتناشد العالم بأن يقدم لهم أي معلومة تخبرهم عن مصيره.
تعتقد مؤسسات حقوقية وصحية بأن هناك العديد من المفقودين الذين لا يعرف مصيرهم، منهم من فقدوا بعد القصف، ومنهم من فقدوا بعد نزوحهم من الشمال إلى الجنوب، ومنهم من حاول العودة لتفقد منزله في الشمال، ومنهم من خرج في وضح النهار ولم يعد إلى عائلته، ولم تعثر العائلة على جثة لتتيقن أنه قد استشهد، ولم يأتهم أي خبر عن اعتقاله في ظل منع قوات الاحتلال الصليب الأحمر أو أي جهة مخولة في الحصول على أي معلومة تخص أسرى غزة منذ بداية الحرب.
ولذلك تبدو الأرقام المنشورة غير دقيقة في إحصاء عدد المفقودين لأن العدد يزداد كل يوم مع استمرار الإرهاب والإبادة على قطاع غزة، وقد أفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأن هناك 6500 مفقود، بينما تحدثت وزارة الصحة عن 5000 مفقود.
وفي آخر إحصائية له يقول الدفاع المدني في غزة إن أكثر 10000 شخص هم الآن في عداد المفقودين تحت الأنقاض وبضعة آلاف أخرى لا يعرف إن كانوا قتلوا ودفنوا بلا هوية أم احتجزوا، أما المرصد الأرومتوسطي فيقدر مجموع عدد المفقودين بنحو 13000.
وفي مقابلة مع الرسالة قال الدكتور هشام مهنا المتحدث باسم الصليب الأحمر في غزة بأن مؤسسته تعمل منذ بداية الحرب على ملف المفقودين كان أولها النجاح في تسهيل الإفراج عن 154 معتقلا في السجون، وذلك عبر قنوات اتصال خصصت لأجل هذا الهدف وخطوط تواصل باللغات العربية والإنجليزية والاتصال بــــ عائلات 20109 معتقل لإخبارهم عن أماكن اعتقال أبنائهم، فضلا عن التواصل مع عائلات أخرى أبلغتهم عن فقد أبنائهم ويقدر عددهم بـــ6973 عائلة لا زال العمل جاريا معهم للبحث عن أي معلومة تكشف مصيرهم.
ويلفت مهنا إلى أن الصليب قدم دعوة لسلطات الاحتلال للسماح لهم بعودة زيارات الأسرى لطمئنة عائلاتهم عن أخبارهم ومعرفة المعتقلين الجدد منهم كما تواصلت مع معتقلين أفرج عنهم لمعرفة الظروف الاعتقالية التي عاشوا فيها داخل المعتقلات.
وأكد بأن العائلات يمكنها التواصل مع لجنة الصليب الأحمر على الرقم المجاني 082832400، لإعطاء كل المعلومات المتوفرة عن ابنهم المفقود ليبدأ البحث عنه لدى سلطات الاحتلال ومعرفة إذا كان معتقلا لديهم.