غزة – خاص الرسالة نت
تعتبر ظاهرة الهجرة العكسية كابوساً يثير القلق والخوف لدولة الكيان، كونها أسست أصلا على انتزاع اليهود في العالم من بلدانهم الأصلية وتقديم المغريات للتوجه إليها بوصفها "أرض السمن والعسل بلد الأمن والأمان"، لتحقيق انتصارا ديمغرافيا يتفوق فيها اليهود على العرب الفلسطينيين، وضمان أكثرية يهودية، أمام أقلية عربية فلسطينية.
وكشف استطلاع رأي في (إسرائيل) عن 15% من سكانها يفكرون بالمغادرة لانعدام الثقة في الجيش، و88% منهم يعتقدون أن أهداف الحرب في غزة لن تتحقق، فعملية الهجرة والعودة إلى أوروبا مستمرة منذ سنوات رغم محاولات الحكومات (الإسرائيلية) المتعاقبة تقديم الاغراءات لليهود من أجل البقاء.
وقبل السابع من أكتوبر، كانت تقارير (إسرائيلية) تتحدث عن هجرة اليهود من (إسرائيل) قد زادت وتيرتها خلال حكم أحزاب اليمين المتطرف، والصهيونية الدينية، وحكومة الائتلاف برئاسة بنيامين نتنياهو، وهي حكومة ذات أكثرية دينية وأغلبية يمينية حريدية في الكنيست، عملت على تقوية نفوذها وسيطرتها حتى على سلطة القضاء، مما زاد من مخاوف وقلق (الإسرائيليين).
ويعتبر تصاعد ظاهرة الهجرة العكسية من أبرز التحديات والمشاكل التي تواجه (إسرائيل) منذ قيامها، في ظل التغييرات المجتمعية والاقتصادية والقضائية الأخيرة.
ونهاية ديسمبر العام الماضي، ذكرت القناة الـ12 الإسرائيلية أن عدداً كبيراً من (الإسرائيليين) قدموا طلبات للجوء إلى البرتغال في أعقاب معركة السابع من أكتوبر مستغلين إعلان البرتغال السماح لهم بالحصول على تأشيرات اللجوء، إذ يكفي توفر جواز سفر (إسرائيلي)للحصول على الموافقة للإقامة في البرتغال والعمل بشكل قانوني إذ سجلت زيادة بنسبة 68% في طلبات الحصول على الجنسية من (الإسرائيليين).
متى بدأت الهجرة العكسية؟
وفقا للصحف (الإسرائيلية) فإن السبب الأبرز للهجرة العكسية هو فقدان (الإسرائيليين) شعور الأمان بسبب تخوفهم من اعتماد حكومة نتنياهو على أحزاب التيار الديني واليمين المتطرف، وزادت وترة موجات الهجرة مع تزايد عمليات المقاومة الفلسطينية.
كما وأجدت الهجرة العكسية حالة من القلق الوجودي لكيان (إسرائيل) إلى جانب فقدان الشعور بالأمان والثقة لدى المجتمع (الإسرائيلي).
ويؤكد ياسر مناع الكاتب السياسي أن بداية الهجرة العكسية في (إسرائيل) أو كما تسمى ظاهرة مغادرة (الإسرائيليين) إلى دول أخرى يمكن تفسيرها بعدة أسباب تتعلق بالظروف السياسية والإجتماعية والإقتصادية، خاصة في ظل الحروب وجولات المواجهة مع الفلسطينيين.
ويشير مناع لـ (الرسالة نت) إلى أن الحروب والصراعات المستمرة تخلق حالة من عدم الأمان والاستقرار، وكذلك عمليات المقاومة تجعل من حياة المستوطنين خطرا مما يدفعهم للبحث عن أماكن أكثر أمانا للعيش، بالإضافة إلى الضغوط النفسية بفعل المواجهة المستمرة مع الفلسطينيين.
ويوضح أنه بدء من الانتفاضة الأولى للانتفاضة الثانية إلى هبة السكاكين إلى طوفان الأقصى، وقبلها سيف القدس، كل هذه الجولات المواجهات، جعلت البيئة التي تتسم بالصراع والمواجهة المستمرة، من الممكن أن تؤدي إلى ضغوط نفسية كبيرة، وقلق مستمر بشأن الأمن الشخصي للمستوطنين وهذا مرهق على المدى البعيد.
تأثير الهجرة العكسية على دولة الاحتلال
كما وذكر مناع أن الأوضاع الإقتصادية، تؤثر سلبا على الاقتصاد (الإسرائيلي)، وعلى مستوى دخل الفرد، لاسيما أن المستوطن في (إسرائيل)، يرى نفسه أوروبي في ثقافة الاستهلاك وطبيعة الحياة، موضحا أن صعوبة الحياة المعيشية تؤول إلى الهجرة العكسية للبحث عن فرص اقتصادية أفضل واستقرار مالي أفضل، وما يساعدهم في ذلك أن كثير منهم يحملون الجنسيات المزدوجة، بمعنى يكون (الإسرائيلي) يحمل الجنسية الإسرائيلية والأمريكية الإسرائيلية والفرنسية، ما يسهل عليهم الانتقال من دولة إلى أخرى.
ويقول إن الهجرة العكسية تعتبر استنزاف لـ (إسرائيل) من الناحية الديموغرافية، فهي تعمل عبر سياسات كثيرة إلى التفوق، ديموغرافيا على الفلسطينيين لكن الهجرة العكسية تؤدي إلى نتائج سلبية من ناحية (إسرائيلية)، حيث في المستقبل وفي النظرة على المدى البعيد سيتفوق الفلسطينيون ديموغرافيا عليهم.
والجدير ذكره أن عدد (الإسرائيليين) الذين غادروا أثناء الحرب ولم يعودوا نحو نصف مليون شخصاً، وهذا لا يشمل آلاف العمال واللاجئين والدبلوماسيين الذين غادروا البلاد، كما وأن الحرب قللت الهجرة إلى (إسرائيل) أقل من النصف في الوضع الطبيعي.