قائمة الموقع

تقرير | الأسير بدر دحلان.. عائد من جحيم الاعتقال في (سديه تيمان)

2024-06-21T11:53:00+03:00
الرسالة نت- رشا فرحات

يخلط الشاب بدر دحلان الأوراق، يحاول أن يعود إلى الحياة الطبيعية بصعوبة، يتحدث بكلمات غير متناسقة، لكنه يذكر اسمه وعمره، بينما يجحظ في وجوه الملتفين حوله، بصوت متقطع، يتذكر أحداثًا ليس لها علاقة بالمشهد، بينما يداه ترتجفان، وقدماه تتأرجحان بشكل لافت، والجروح تملأ وجهه وقدميه، والشريط البلاستيكي الأزرق الذي كان يطوق معصميه لا زال مربوطًا بأحدهما بعد تحريرهما، مخلفا جروحًا لن تبرأ.

هكذا كان حال واحد من شباب كثير خرج من المعتقل الإسرائيلي بعد شهر من اعتقاله في اجتياح قوات الاحتلال لمدينة خان يونس، وقد وصف بكلمات متقطعة كيف كان الجنود يضربونه على رأسه وهو معصوب العينين، وكيف قضى شهرًا كاملًا منكسًا رأسه تحت ضرب البساطير وممنوع من الكلام مع رفاقه الذين يشاركونه نفس الغرفة وبنفس ظروف الاعتقال المهينة.

يسير الشاب الثلاثيني وكأنه ابن الستين، رابطًا يديه خلفه، ضاغطًا على أمكنة كثيرة في جسده يبدو جليًا أنها تؤلمه، محني الظهر، حافي القدمين، مليء بالكدمات الظاهرة على قدميه وعلى وجهه، يرتدي ثيابا بالية ممزقة متسخة، والأطباء يسوقونه بحذر نحو غرفة في المستشفى بعد تحريره ووصوله إلى غزة  ليكملون تضميد جراحه، بينما سيظل جرح غائر في قلب بدر وعقله لا يمكنه تضميد .

وقد أفرج الاحتلال قبل أسبوعين عن خمسين أسير فلسطيني بعد أن عانوا صنوفًا للعذاب لم يتمكن معظمهم من وصفها، حيث توزعت الندوب التي خلفتها أثار تقييد اليدين طوال فترة الاعتقال، مهما طالت الفترة، ومهما كان الوضع الصحي والجسدي للأسير، ما أدى لتعفن أيديهم وبتر اطرافهم داخل المعتقل على يد أطباء ليسوا متخصصين أو ممرضين غير مؤهلين.

حيث بادره بالسؤال أين أنا؟!!

هذا ما جاء في شهادات معظم الأسرى التي تحدثوا عنها بدموعهم، والتي وصلت مؤخرا عن طريق محامي نادي الأسير خالد محاجنة الذي يعتبر أول محام يسمح له بدخول معتقل (سديه تيمان) المخصص لمعتقلي غزة، واستطاع مقابلة الأسير الصحافي محمد عرب.

الصحفيّ محمد صابر عرب كان يعمل مراسلا لفضائية العربي قبل اعتقاله منذ (100) يوم من مستشفى الشفاء في غزة خلال العدوان الواسع عليه في شهر آذار الماضي، حيث تمت الزيارة بعد مناشدات عدة من قبل مؤسسات الأسرى ومؤسسات حقوقية ودولية.

وقد تفاجأ محاجنة بالسؤال الأول الذي طرحه عليه عرب، حيث بادره بالسؤال أين أنا؟!!  فهو لا يعرف منذ اعتقاله أين هو ولا أنه معتقل في  (سديه تيمان).

ونقل المحامي محاجنة شهادة المعتقل عرب وهي شهادة تضاف إلى تلك الصور التي تنشر لأسرى خرجوا من المعتقل، بالإضافة إلى شهاداتهم، حيث يلفت محاجنة إلى أن الشهادة تشمل الحديث عن ارتقاء شهداء بين صفوف المعتقلين، وعن عمليات تّعذيب، وتّنكيل وإذلال.

بينما أكد محاجنة أن عرب أخبره أن هناك ستة أسرى تم اغتصابهم أمام أعين زملائهم، وبحضور المجندات وسخرية متبادلة بينهن وبين المجندين، مؤكدًا أنهم لم يسمح لهم بالحديث طوال فترة اعتقاله وهي خمسين يومًا، كما يتعرضون على مدار الساعة للضرب والتنكيل ولم يسمح لهم بتبديل ملابسهم من لحظة اعتقالهم.

وذكر محاجنة الوضع الصحي والرعاية التي يقدمها المعتقل التي تكاد تكون معدومة، بل لا يقدم للمرضى منهم أي دواء أو أي علاج طبي، كما أن كثيرا منهم قد استشهدوا بعد إجراء عمليات بتر بدون أدوية ولا مخدر، أو تعرضوا للإهمال الطبي رغم أنهم اعتقلوا من قبل الجنود وهم مصابون بأمراض خطيرة مثل السرطان.

الكثير من الأسرى اعتقلوا من مستشفى الشفاء، منهم المرضى والمصابون، ورغم ذلك لم يتوان الاحتلال عن اعتقالهم والتنكيل بهم حتى فارقوا الحياة في المعتقل السري.

تؤكّد هيئة الأسرى ونادي الأسير أنّه وفي ضوء هذه الزيارة التي حملت تأكيدًا جديدًا على مستوى الجرائم المروّعة التي يتعرض لها الأسرى في سجون ومعسكرات الاحتلال، وتحديدًا ظروف الاعتقال التي يتعرض لها معتقلو غزة منذ بدء حرب الإبادة، حيث جاءت هذه الزيارة بعد تعديلات جرت على اللوائح الخاصة بلقاء المحامي بمعتقلي غزة مؤخرًا.

ويُشار إلى، أنّ الاحتلال فرض سياسة الإخفاء القسري بحقّ معتقلي غزة منذ بدء حرب الإبادة، ورفض الإفصاح عن مصيرهم، وأعدادهم، وأماكن احتجازهم، إلا أنّه وبجهود من المؤسسات المختلفة والتي تتم بصعوبات وتحديات كبيرة، تمكّنت بمستوى معين معرفة بعض التفاصيل المتعقلة بقضية معتقلي غزة، علمًا أنّ معرفة بعض أماكن احتجازهم، لا ينفي عدم وجود سجون سرية أقامها الاحتلال لاحتجاز معتقلين من غزة.

اخبار ذات صلة