غزة – خاص الرسالة نت
لا يدري أهالي حي الشجاعية الشجعان -هذه صفتهم-، أي رقم نزوح كان صباح اليوم، من بداية الحرب خرجوا وعادوا ربما لأكثر من عشر مرات، فهم أهل الشجاعية المعروف عنهم بالعناد، فما بالك لو كان عنادهم ضد محتل مجرم، لايزالون يتمسكون في بيوتهم وعلى أنقاضها عادوا مرات عدة رفضا لمحاولة النزوح خارج مدينة غزة إلى الجنوب.
بشكل مفاجئ، دخلت الآليات (الإسرائيلية) من جهة مفترق الكوربة والطاقة بنهاية شارع النزاز شرقاً، والطيران بكافة أنواعه يطلق النار، والناس في الشوارع بين جريح وشهيد ومسن وطفل وامرأة تركض وأب يبكي قهراً وظروف صعبة بمعنى الكلمة، غالبية الناس لا تجد مكاناً تلجأ له وخرجت دون أي شيء فقط بأجسادهم كما هم في الشوارع.
"وين نروح يا إسلام؟" هكذا صرخت امراة من حي الشجاعية في وجه مراسل قناة العربي إسلام بدر، كانت تهرع وتمسك بسيدة أخرى تبكي كثيرا، وترفض النزوح إلى الجنوب، فكل أماكن النزوح التي أوتها خلال الحرب في مدينة غزة دمرت ومسحت، الآن تحاول الخروج من الحي الذي ترعرعت به باحثة عن مكان آمن، رغم إدراكها "لا مكان آمنا في القطاع".
دون سابق إنذار وعلى غفلة استيقظ أهالي حي الشجاعية على صوت المدفعيات العسكرية التي تتقدم نحو منطقتهم، خرج الناس في صورة وكأنها من أهوال يوم القيامة حيث النزوح والصراخ بفعل قذائف الصواريخ التي كانت حولهم.
تحت وابل القذائف والقصف، نزح أهالي الشجاعية بعد سلسلة غارات عنيفة أدت لوقوع شهداء ومصابين وسط تقدم لآليات الاحتلال في الحي، لدرجة أن سيارات الإسعاف لم تستطع إنقاذ بعض المصابين أو انتشال الشهداء.
ولا يزال داخل الحي المئات الذين يرفضون التجاوب مع دعوات الاحتلال للاتجاه نحو الجنوب (وفق الخريطة التي نشرها الاحتلال)، اكتفى عدد منهم الابتعاد أمتار عن الحي للعودة وقت الانسحاب.
ورغم المجاعة التي يعيشها أهالي الشجاعية كحال سكان شمال قطاع غزة، إلا أنهم يرفضون النزوح إلى الجنوب، فهم صنعوا لهم حياة تحت وطأة القصف والدمار، وحاولوا زراعة بعض النباتات لسد جوعهم.
من أبرز الصور التي خرجت من حي الشجاعية لرجل مسن وهو أبو رامي النعيزي يحمل بعض ما يسد جوعه وعائلته فترة النزوح، يصرخ قائلا"احنا من الشجاعية، احنا أبطال احنا الشعب احنا بنحافظ على الدول العربية، النا الله، الله معانا، الله ما ينسانا، رسالتي إلى العالم ارحمونا، اتقوا الله فينا".
مشاهد النزوح في شمال قطاع غزة، وكأنها صورة طبق الأصل عن نكبة 1948 فما ورد حينها من صور وفيديوهات قليلة بالأسود والأبيض، الذي تصل بذات التفاصيل والألوان القاتمة التي تخلفها الصواريخ والدبابات.
ما كان واضحا من عملية النزوح في الشجاعية هو خروج المواطنين بوجوه شاحبه وأجساد هزيلة أتعبها الجوع، الشاب منهم لا يقوا على حمل نفسه وبالكاد يجر الكرسي المتحرك الذي يجلس عليه أحد والديه أو أجداده، والمحظوظ منهم يخرج بعربة "حمار هزيل" يحملون بعض ما تبقى لهم من "عفش منزلي" وأمتعة.
الصور التي تخرج من مدينة غزة وشمالها ضعيفة لعدم تواجد الصحفيين، إلا عددا قليل منهم، وبالتالي تفاصيل الحياة هناك مبهمة ولا يرد عبر الاعلام إلا القليل منها.